العلامات التجارية تسارع بالاعتذار إلى المستهلكين الصينيين

عَلَم الصين خلف أسلاك شائكة
عَلَم الصين خلف أسلاك شائكة المصدر: أ.ف.ب/غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وجدت دراسة حديثة أن المتسوقين الصينيين قاطعوا ما لا يقل عن 78 شركة أجنبية منذ 2016 وسط تنامي النزعة القومية، أي أكثر من ستة أضعاف العدد الذي شوهد في السنوات الثماني السابقة لذلك.

بينما تواجه جميع العلامات التجارية الاستهلاكية نفس بيئة التشغيل المعقدة في الصين، فإن كيفية خروجها من الأزمات يختلف باختلاف المشكلة، وفقاً لبحث من المركز السويدي الوطني الصيني. تعتذر الشركات بسرعة عموماً حين تُقاطَع بسبب قضايا حول الأراضي التي تعتبرها الصين تحت سيادتها، لكنها تعتذر بشكل أقل تواتراً عندما يتعلق الأمر بمزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان.

الصين تحذّر الولايات المتحدة من حظر الواردات من شينجيانغ

اعتذرت أكثر من 80% من الشركات حين واجهت ردود أفعال بسبب قرارات أو إعلانات اعتُبرت انتقاصاً من وحدة الأراضي الصينية، مثل وضع تايوان والتيبت أو الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ. في المقابل، تأسَّف ربع الشركات بعد اتخاذ موقف ضد شراء منتجات شينجيانغ، المقاطعة التي تُتهم الصين بانتهاك حقوق الإنسان ضد مجموعة الإيغور العرقية فيها، مثيرة ضجة في وسائل التواصل الاجتماعي.

تنعكس درجة الحساسية المتفاوتة في كيفية استجابة نفس الشركة بشكل مختلف لتهديدات المقاطعة. اعتذرت شركة "وول مارت" في 2018 عن لافتة في أحد متاجرها الصينية أشارت إلى أن تايوان، لا الصين، كانت مصدر بعض المنتجات. لكنها لم تفعل ذلك في 2021 وسط مزاعم على وسائل التواصل الاجتماعي بأن المنتجات من شينجيانغ استُبعدت من فوق الأرفف، وفقاً للدراسة.

ذهب وألغام

أبرزت النتائج كيفية تحوَّل 1.4 مليار متسوق في الصين من منجم ذهب غير مُستَغلّ إلى حقل ألغام مُحتمَل للعلامات التجارية الاستهلاكية العالمية. أصبح المتسوقون الصينيون ذراعاً اقتصادية قوية لأجندة بكين السياسية، ما أضرّ نموّ إيرادات شركات من "نايكي" إلى "إتش أند إم" في ظل مواجهة بين اقتصادات آسيا مع الولايات المتحدة وغيرها في كل شيء، من التجارة إلى الأمن السيبراني وحقوق الإنسان إلى أصل جائحة فيروس كورونا.

"أبل" تقطع علاقتها بمورد صيني بسبب تورطه في قضية "الإيغور"

نجا نحو نصف الشركات المستهدفة من الجدل دون اعتذار رسمي، رغم الأجواء العدائية، إذ أشار الباحثون إلى أن رد الفعل العام على اعتذارات الشركات "يبدو عشوائياً". لم تعتذر شركة "إتش أند إم"، أكبر شركة مُستهدَفة في موجة المقاطعة المتعلقة بشينجيانغ العام الماضي، مشيرة إلى أنها دائماً ما تحترم المستهلك الصيني وتسعى للنمو طويل الأجل في البلاد. لا تزال العلامة التجارية للملابس مُستبعَدة من كل منصات التجارة الإلكترونية تقريباً حتى الآن.

تسبب الاعتذار في بعض الحالات بمزيد من ردود الفعل العنيفة مع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين وصفوا شركات مثل "هوغو بوس" بأنها "منافقة".

قالت هيليفي باروب، المؤلفة المشاركة للدراسة، في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: "إنّ ظهور منتجات محلية بديلة في الصين، وزيادة القومية على الإنترنت، يضغطان بشدة على العلامات التجارية العالمية... الاعتذار ليس رهاناً آمناً"، مضيفة أن أبحاثهم أظهرت أن "محاولة تجنب أنظار الجمهور تماماً قد تكون الخيار الأفضل".

التدقيق الأخلاقي

قد يكون معدل الاعتذار متفاوتاً بسبب التدقيق المكثف في قضية العمل الجبري في شينجيانغ في كل من أوروبا وأميركا الشمالية، في حين قد تستطيع الشركات أن تتحمل تضرر سمعتها إن كانت أقل دعماً لمطالب تايوان السيادية، على سبيل المثال، لكن "يصعُب تخيل أنها ستكون مرتاحة لاتهامات بالتورط في ما وصفه بعض البرلمانات والحكومات الغربية بالإبادة الجماعية"، وفقاً للدراسة.

اعتذرت شركة "إنتل" في ديسمبر 2021 بعدما أثارت معارضتها للعمالة في شينجيانغ رد فعل عنيفاً في الصين، لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض آنذاك جين ساكي قالت بعدها: "يجب ألا تشعر الشركات الأميركية أبداً بالحاجة إلى الاعتذار عن دفاعها عن حقوق الإنسان الأساسية أو معارضة القمع".

كيف أدّت حرب ترمب التجارية إلى نشأة أول عملاق موضة صيني؟.. تعرّف على "شي إن"

توصلت الدراسة أيضاً إلى أن المردود الاقتصادي للانصياع لقانون الصين لم يكن واضحاً. واجهت كل من "هوغو بوس" و"بربري" غضب المستهلكين الصينيين بسبب تصريحات تتعلق بشينجيانغ. ذكرت الدراسة أن "هوغو بوس" اعتذرت عن تصريحاتها، فيما رفصت "بربري" التعليق، لكن لم يشهد أي منهما انخفاضاً ملحوظاً في المبيعات.

فحص مركز الأبحاث المقاطعة بين 2008 و2021، ووجد الباحثون أن مقاطعة الشركات بلغت ذروتها في 2019 في أثناء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب زيادتها عموماً منذ 2016، .

تأسس المركز السويدي الوطني الصيني العام الماضي وتموّله الحكومة السويدية بشكل كبير لتوعية صانعي السياسات والشركات حول الصين.

نتائج رئيسية أخرى من الدراسة

  • كانت الشركات من الولايات المتحدة واليابان وفرنسا هي الأكثر استهدافاً.
  • واجهت شركات قطاعات الأطعمة والمشروبات والكماليات والسيارات، خصوصاً التي لها بدائل محلية، معظم دعوات المقاطعة.
  • على الشركات تجنب "تبديل المواقف" الذي عادةً ما يُقابَل بنقد شديد.

أظهرت الهجمات المستهدفة من قِبل المستهلكين الصينيين في السنوات الأخيرة أيضاً دلائل على دعم من الدولة، وفقاً للدراسة. دعمت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة على سبيل المثال حملة في 2019 ضد العلامات التجارية الفاخرة، بما فيها "كوتش" و"فيرزاتشي" و"جيفنشي"، حيال عدم احترامها لوحدة الأراضي الصينية.

قالت باروب: "لقد وجدنا دليلاً على دعم الدولة لما يقرب من ثلث المقاطعات، لكن هذا الرقم يقلل على الأرجح المستوى الحقيقي لتدخل الدولة".