بايدن يُعوّل على السعودية لتخفيف ضغوط داخلية وخارجية

يتطلع بايدن، وهو ثامن رئيس أميركي يزور السعودية، إلى إقناع اللاعب الأكبر في "أوبك" بزيادة إنتاج النفط

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس الأميركي جو بايدن في قصر السلام بمدينة جدة السعودية في 15 يوليو 2022
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس الأميركي جو بايدن في قصر السلام بمدينة جدة السعودية في 15 يوليو 2022 المصدر: وكالة الأنباء السعودية
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُتوّج الرئيس الأميركي جو بايدن رحلته الأولى إلى منطقة الشرق الأوسط بزيارة المملكة العربية السعودية اليوم، حيث يلتقي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

تكتسب الزيارة أهميةً استثنائية، لما تمثل من إعادة ترتيب للأولويات الدبلوماسية لدى بايدن، لاسيما من ناحية ترميم العلاقة مع دولةٍ وصفها مؤخراً بأنَّها شريك استراتيجي لبلاده لمدة 80 عاماً.

الرئيس الأميركي يزور المملكة مثقلاً بضغوطٍ خارجية؛ ناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، والعلاقة المتوترة مع الصين. وداخلية؛ تتجلّى بارتفاع مستوى التضخم بمعدل 9.1%، وهو الأعلى منذ 40 عاماً، مدفوعاً بقفزة أسعار البنزين إلى مستويات قياسية، تجاوزت 5 دولارات للغالون.

النفط أولاً

يتطلّع بايدن، وهو ثامن رئيس أميركي يزور السعودية، إلى إقناع اللاعب الأكبر في "أوبك" بزيادة إنتاج النفط، مما يسهم بكبح أسعار البنزين التي أضرّت بمكانته السياسية، وتُلقي بثقلها على حظوظ حزبه الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر.

اقرأ أيضاً: بايدن يثق في إحراز تقدم مع منتجي النفط الخليجيين أثناء زيارته

ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 60% منذ مطلع هذا العام، فقد فشلت منشآت إنتاج النفط الخام والتكرير بجميع أنحاء العالم في مواكبة تعافي الطلب على الوقود بعد جائحة كورونا. ومؤخراً تفاقمت اضطرابات سلاسل الإمداد بفعل الأزمة في أوروبا الشرقية.

تتشارك السعودية وشقيقتها الخليجية الإمارات بنحو 3 ملايين برميل يومياً من الإنتاج الخامل، بما يمثل حوالي 3% من الطلب العالمي، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

لكنَّ دانييل يرغين، نائب رئيس"ستاندرد آند بورز غلوبال"، يرى في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" أن "المسألة تتمثل في أنَّه لا يوجد الكثير من النفط في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لتغيير حال السوق بشكل كبير، وبالتالي؛ فإنَّ وضع العرض ضعيف للغاية". فضلاً عن ضمور طاقة التكرير لدى العديد من الدول بسبب عدم الاستثمار فيها خلال السنوات الأخيرة.

روسيا والصين وإيران

إلى النفط، يتصدّر الملفان الروسي والصيني أجندة الرئيس الأميركي خلال زيارته السعودية، وهو عبّر عن ذلك في مقالة حول رحلته إلى الشرق الأوسط نُشرت مؤخراً في صحيفة "واشنطن بوست"، إذ قال: "بصفتي رئيساً؛ فإنَّ وظيفتي هي الحفاظ على بلادنا قوية وآمنة. علينا مواجهة العدوان الروسي، وأن نضع أنفسنا في أفضل وضع ممكن للتغلب على الصين، والعمل من أجل استقرار أكبر في منطقة مهمة من العالم. ومن أجل القيام بهذه الأشياء؛ علينا التعامل مباشرة مع البلدان التي يمكن أن تؤثر على تلك النتائج. والسعودية واحدة من هذه الدول، وعندما ألتقي بالقادة السعوديين يوم الجمعة، سيكون هدفي تعزيز شراكة استراتيجية للمضي قدماً وتستند إلى المصالح والمسؤوليات المشتركة، مع التمسك بالقيم الأميركية الأساسية أيضاً".

بايدن لا يتجاهل الشرق الأوسط.. وهذا أمر جيد

وفي ظلّ تعقُّد المفاوضات النووية الإيرانية؛ فإنَّه لا شك في أنَّ الملف الإيراني سيكون حاضراً بقوة على طاولة المباحثات السعودية الأميركية. وينسحب ذلك على الوضع في اليمن، فقد أشاد بايدن بدور المملكة في التوسط لتمديد الهدنة في اليمن، معتبراً أنَّها "أظهرت قيادة شجاعة من خلال اتخاذ مبادرات في وقتٍ مبكر لتأييد وتنفيذ شروط الهدنة التي تقودها الأمم المتحدة".

5 محاور

المنظور السعودي للزيارة يُستشفُّ من البيان الصادر عن الديوان الملكي منتصف الشهر الماضي، باعتبارها تعزيزاً للعلاقات الثنائية التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة بين السعودية والولايات المتحدة، والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة، ولبحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، ومناقشة سبل مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم.

حيث أعلن الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2021 عن مبادرة "السعودية الخضراء" متعهداً بوصول المملكة للحياد الصفري الكربوني عام 2060. كما أطلق سابقاً، وفق رؤية المملكة 2030، "نيوم" كأول مدينة خالية من الانبعاثات في العالم. وهو يسعى لتحويل العاصمة الرياض إلى مقر إقليمي للشركات العالمية. وبالتالي، فإن ترميم العلاقة مع الإدارة الأميركية يلعب درواً محفزاً لاستقطاب الشركات الأميركية العملاقة للاستثمار بكافة هذه المبادرات، والمساهمة بتسريع برنامج تحوّل الاقتصاد السعودي بعيداً عن النفط كمصدر رئيسي للدخل.

وبحسب السفارة السعودية في واشنطن؛ فإنَّ الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي سيُركّزان على مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك الاستثمار، والأمن السيبراني، والمناخ، وأمن الغذاء، والطاقة.

كما يتضمن جدول الزيارة، في يومها الثاني، حضور الرئيس الأميركي قمة مشتركة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وملك الأردن عبدالله الثاني، ورئيس جمهورية مصر عبدالفتاح السيسي، ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، تستضيفها مدينة جدة السعودية.

وزير الطاقة السعودي: سنقود سوق الهيدروجين الأخضر رغم أن البعض لا تعجبه الفكرة

السعودية "تنقل الجبال" لبناء مدينة "نيوم" المستقبلية

نموذج عفا عليه الزمن

رأت سفيرة الرياض في واشنطن ريما بنت بندر آل سعود، في مقال لها نشر في صحيفة "بوليتيكو" البارحة، أنه "ولّت منذ زمن طويل الأيام التي كان يمكن فيها تحديد العلاقة الأميركية السعودية من خلال نموذج النفط مقابل الأمن الذي عفا عليه الزمن".

وأضافت: "العالم تغيّر، ولا يمكن حل المخاطر الوجودية التي تواجهنا جميعاً، بما في ذلك أمن الغذاء والطاقة وتغير المناخ، بدون تحالف أمريكي سعودي فعال".

وبحسب الأميرة ريما، فإن "السعودية اليوم بالكاد يمكن التعرف عليها بالشكل الذي كانت عليه في السابق، حتى قبل خمس سنوات فقط. اليوم، لسنا مجرد شركة عالمية رائدة في مجال الطاقة، ولكن أيضاً في الاستثمار والتنمية المستدامة؛ من خلال استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في التعليم والتكنولوجيا والتنويع الاقتصادي والطاقة الخضراء".