عدم إصابتك بكورونا ربما يعزى إلى الحظ

كثرة ما نجهله حول النظام المناعي يدفعنا لأن نعزو عدم الإصابة للحظ دونما تقليل من أهمية الوقاية

المصدر: بلومبرغ
 Faye Flam
Faye Flam

Faye Flam is a Bloomberg Opinion columnist and host of the podcast "Follow the Science." She has written for the Economist, the New York Times, the Washington Post, Psychology Today, Science and other publications.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ظهر توجه بين الخبراء الذين لم يصابوا بـ"كوفيد" حتى الآن لتفسير أسباب عدم إصابتهم به عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسرد جميع الإجراءات التي اتخذوها لتجنب الإصابة بهذا الفيروس متزايد التفشي. فقد بات عدم إصابة أحدهم بـ"كوفيد" مطلقاً يشكّل وضعاً أكثر خصوصية، كونه يمثّل أقلية متضائلة. لذا تشارك القلة المحظوظة أسرار نجاحها بسعادة غامرة، شأنها في ذلك شأن خبراء إنقاص الوزن.

يبدو بعض الخبراء منطقيين للغاية، مثل عالمة الفيروسات أنجيلا راسموسن التي غرّدت قائلةً إنه برغم معاودتها السفر لحضور المؤتمرات العلمية، إلا أنها لم تصب بالفيروس لالتزامها بأمور مثل استخدام أقنعة عالية الجودة عند الاقتضاء وتناول الطعام في الهواء الطلق والمشي بدل ركوب سيارة أجرة عند الإمكان وتجنب الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بالفندق.

هل "كوفيد" وراء ارتفاع إصابات الأطفال بالتهاب الكبد؟

فيما يبدو آخرون أكثر تطرفاً كما يتضح من تغريدة أحد الخبراء الذي قال إنه التزم ممارسات منها أنه أحكم استخدام كمامة "N95" طيلة رحلة من الولايات المتحدة إلى أستراليا ولم يمطها حتى ليشرب الماء.

لكن لا ينصحك أي منهم تقريباً بأن تكون محظوظاً. يقول طبيب الأمراض المعدية نيل ستون إنه ما من "سر" يبقيك بمنأى عن الإصابة بـ"كوفيد-19" لأن الأمر يعتمد على الحظ بشكل كبير، وهو محق في ذلك. أخبرني فيناي براساد عالم الأورام والأوبئة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أنه "فعل كل ما لا يجب فعله" ولم يصب بـ"كوفيد" حتى الآن، ما يجعله أشبه بالناس الذين يحافظون على رشاقتهم رغم تناولهم جميع أنواع الوجبات السريعة.

تباينات مناعية

أما أنا فلدي بعض البيانات التي يمكنها إلى حد ما قياس وتفسير حسن حظي بتجنب "كوفيد" حتى الآن. لقد أتاحت لي مشاركتي في دراسة حول المناعة معرفة أن دمي ما يزال يحتوي على قدر كبير من الأجسام المضادة التي حفزها حصولي على اللقاح أولاً، ومن ثم الجرعة المعززة في ديسمبر، وأنه ليس لدي دلالات على أي إصابة سابقة. لا تنخفض نسبة الأجسام المضادة لدى الجميع بنفس المعدل، بل أن بعض الأشخاص لا تتناقص الأجسام المضادة لديهم بشكل كبير مطلقاً. (ينبغي أن يصبح جمع هذه البيانات إجراءً روتينياً في مرحلة ما لمساعدة الناس على اتخاذ قرارات حول حصولهم على جرعات معززة إضافية).

34 متطوعاً اختاروا الإصابة بفيروس كوفيد بشكل متعمد.. إليك ما تعلّمه الباحثون من ذلك

ربما يُعزى نجاحي بتجنب الإصابة بالفيروس حتى الآن إلى ارتفاع نسبة الأجسام المضادة الناجمة عن تلقي اللقاح أكثر من سلوكي. فرغم بذلي بعض الجهد لتجنب "كوفيد"، إلا أنني كنت بعيدة كل البعد عن المثالية، ويُحتمل أنني كنت عرضة للإصابة مرتين على الأقل. كانت إحداهما في ديسمبر حين حضرت تجمعاً صغيراً بمناسبة الأعياد ظهرت أعراض الإصابة على أحد حاضريه في اليوم التالي. أما الثانية، فكانت عند تواجدي في مكان شاسع مغلق مع شخصين ثبتت إصابتهما لاحقاً. لكن حسب نتائج الفحوصات المعملية التي خضعت لها، فأنا لم أُصب مطلقاً بعدوى صامتة.

المناعة الفطرية

يُحتمل أنني كنت محصّنة بنسبة الأجسام المضادة المرتفعة أو أن حركة هواء نظام التهوية تصادف أن كانت تدفع عني استنشاق ما يكفي من جزيئات الفيروس لأمرض، أو ربما كنت محظوظة بطريقة أخرى. هناك وجه آخر للمناعة يسمى بالجهاز المناعي الفطري، والذي يعمل كخط دفاع أول، ويقضي أحياناً على الفيروسات أو مسببات الأمراض الأخرى قبل أن تتكاثر بما يكفي لتحفيز إنتاج الأجسام المضادة. قد تساعد المناعة الفطرية الجيدة بتفسير أمر مرّ به كثير منا وهو عدم الإصابة بنزلة برد أو إنفلونزا حتى عند النوم في نفس السرير مع مريض طيلة فترة مرضه.

لم تُصب بعدوى كوفيد حتى الآن؟ ربما تحمل سرّ القضاء على الفيروس

قد تؤثّر عوامل مثل الإجهاد والنظام الغذائي والصحة العامة وحتى ضوء الشمس على المناعة الفطرية وينسحب الأمر ذاته على غيرها من العوامل. غير أننا ما زلنا نجهل الكثير عن جهاز المناعة وهذا أحد أسباب حديثنا عن "الحظ". بالطبع يُعتبر أمثالي محظوظين، لكن فهم آلية عمل الحظ قد تساعد الآخرين على تجنب الإصابة بـ"كوفيد"، سواء للمرة الأولى أو الثانية أو الثالثة. لقد ساعد تدقيق باحثين مثل غاري تاوبس في أمور اعتُبرت من قبيل الحظ على اكتشاف خطأ دوائر الصحة العامة حول البدانة ليجد أن الحميات الدارجة عالية الكربوهيدرات/ منخفضة الدهون سبّبت زيادة الوزن.

أتوقع أن يتمكن مني متحول "بي إيه.5" لكونه متفشياً بصورة كبيرة هنا في الولايات المتحدة، وكذلك لتفوقه على أي متغير آخر من حيث تفلته من براثن الأجسام المضادة الناجمة عن الإصابة بالعدوى أو تلقي اللقاحات فيما سبق. لكن حتى ذلك الحين ما يزال بإمكاني إخباركم كيف تمكّنت من الحفاظ على رشاقتي.