إيرادات مديري الثروات حول العالم تتضرر من ركود تداولات أثرياء آسيا

المقر الرئيسي لبنك "يو بي إس" في زيورخ.
المقر الرئيسي لبنك "يو بي إس" في زيورخ. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يهدد ركود تداولات العملاء في آسيا بالحد من الأرباح الوفيرة التي اعتاد كبار مديري الثروات في العالم جنيها.

من المحتمل أن تتراجع إيرادات إدارة الثروات لدى بنكي "يو بي إس" و"سيتي غروب" في المنطقة بأرقام مضاعفة في النصف الأول، وفقاً لتقديرات أشخاص مطلعين على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة معلومات خاصة، إذ قالوا إن مجموعة "كريدي سويس"، التي حذّرت الشهر الماضي من تأثر نتائج الربع الثاني بتراجع نشاط تداولات العملاء، تستعد لانخفاض مماثل.

يتناقض التراجع المتوقع مع أداء العام الماضي القوي، ما يعكس مدى ضعف معنويات العملاء، وتأثير ذلك على الأنشطة الرئيسية للبنوك، التي تقدم خدماتها للأثرياء حول العالم.

تسببت حملة الصين القمعية، التي شملت عدة قطاعات تمتد من التكنولوجيا والتعليم إلى الألعاب والعقارات إلى اضطراب الأسواق الآسيوية، ما أدى إلى تكبد العملاء خسائر وترددهم في إجراء التداولات.

تباطؤ التوظيف

بعد تصدرها معدلات النمو على صعيد عدد أصحاب الثروات الكبيرة على مدار العقد الماضي، تخلفت آسيا عن أوروبا وأميركا الشمالية في 2021، وفقاً لتقرير صادر عن "كاب جيميناي" (Capgemini). فيما يتحول بعض البنوك نحو مزيد من الحذر حيث يقابل فورة التوظيف، التي استمرت لسنوات توقعات نمو أكثر تشاؤماً.

جون مولالي، المدير الإقليمي لجنوب الصين وهونغ كونغ للخدمات المالية في "روبرت والترز"، قال: "بالتأكيد التوظيف شهد تباطؤ مقارنة بالعام الماضي، لم يكن الأمر كما كان قبل 10 سنوات عندما وظفت الخدمات المصرفية الخاصة في البنوك أشخاصاً مثل مصففي الشعر لامتلاكهم بيانات شخصية للعملاء الأثرياء".

منح "كريدي سويس" مديري علاقات العملاء الجدد في المنطقة مزيداً من الوقت لتحقيق مستهدف الإيرادات، في ظل ظروف السوق وقيود السفر أثناء الوباء، ما جعل من الصعب مقابلة العملاء وجهاً لوجه، حسبما ذكر أشخاص مطلعون على الأمر.

"وقت عصيب"

قالت إيمي لو، الرئيس المشارك لإدارة الثروات في آسيا والمحيط الهادئ في "يو بي إس"، أكبر بنك يقدم الخدمات المصرفية الخاصة في المنطقة، على هامش منتدى استثماري في هونغ كونغ، في وقت سابق من هذا الشهر، إن النصف الأول من العام كان "وقتاً عصيباً بالنسبة لنا جميعاً، والتذبذب مستمر."

انعكس الوضع تماماً مقارنة بما شهدناه في 2021، عندما ضخت الحكومات أموالاً في الأسواق، وأدى الوباء إلى زخم تداولات الأثرياء، ما عزز ازدهار الأسهم. لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة ومخاوف الركود التي تلوح في الأفق، شهدت الأسهم الأمريكية أسوأ عمليات بيع منذ نصف قرن.

اقرأ أيضاً: HSBC يسعى لصدارة إدارة الثروات بآسيا في غضون خمس سنوات

أعلن "باركليز" نهاية العام الماضي عن خطة لتعيين عدد كبير من موظفي إدارة الثروات بكافة أنحاء آسيا، إذ يخطط البنك البريطاني للعودة لبعض الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، عقب إعادة الهيكلة في 2016. كذلك قامت بنوك أخرى من بينها: "جي بي مورغان" و"إتش إتش إس بي سي" بتوجه مماثل في أسواق الخدمات المصرفية الخاصة الرئيسية مثل سنغافورة وهونغ كونغ والصين على مدار السنوات القليلة الماضية.

تداولات غير منتظمة

قالت سيرينا وونغ، الشريك الإداري في "دريسدن غرين كونسلتينغ" (Dresden Green Consulting) المتخصصة في تقديم خدمات تعيين مسؤولي الإدارة التنفيذية، ومقرها هونغ كونغ، إن البنوك أصبحت "أكثر حذراً" فيما يتعلق بالتوظيف في آسيا، إذ تتحكم بحذر شديد في التكاليف، مع تراجع إيرادات أغلبها بالنصف الأول، كما تباطأ النمو بشكل كبير وأصبح من الصعب فتح حسابات جديدة للعملاء الصينيين في ظل قيود السفر.

يرى مصرفيو إدارة الخدمات المصرفية الخاصة في سنغافورة وهونغ كونغ أن إيرادات مكاتبهم الآسيوية تعتمد بشكل كبير على تداولات العملاء غير المنتظمة، عكس المكاتب في مناطق مثل سويسرا، حيث تحصل البنوك على رسوم منتظمة نظير إدارة أموال الأثرياء.

تتركز الثروة في آسيا بأيدي رواد الأعمال العصاميين، الحريصين على إجراء التداولات بأنفسهم، بينما في أوروبا، تتركز بأيدي الجيل الثاني والثالث، من يرغبون في الحفاظ على الثروة، وتكليف الخدمات المصرفية الخاصة بالبنوك بإدارة أموالهم.

زخم متوقع

تُمثّل رسوم التداولات مصدراً مربحاً للداخل في الأسواق الصاعدة، لكنها تجف بسرعة في فترات انكماش السوق.

رغم البيئة التشغيلية الصعبة، نما عدد عملاء الخدمات المصرفية الخاصة في آسيا لدى "سيتي غروب" بنسبة 10% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2022، وفقاً لمتحدث باسم البنك، الذي قال إن البنك يتوقع زخماً أكبر بأنشطة إدارة الثروات الخاصة بالبنك في آسيا بالنصف الثاني من العام.

اقرأ أيضاً: نجوم الأسهم الآسيوية قد تجد دعماً رغم التشديد العالمي

رفض متحدث باسم "كريدي سويس" التعليق على إيرادات نشاط إدارة الثروات في آسيا، مؤكداً أن البنك ملتزم بالاستثمار في المنطقة، رغم تقلبات السوق في الأجل القصير. بينما رفض متحدث باسم "يو بي إس" التعليق.

"خفض كبير للديون"

تشير تقديرات المحللين، الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم، ثبات إيرادات إدارة الثروات العالمية لدى كل من "يو بي إس" و"سيتي غروب" في الربع الثاني، وانخفاضها لدى "كريدي سويس" بأكثر من الثلث.

فرانشيسكو دي فيراري، رئيس إدارة الثروات في البنك، قال في حديثه للمستثمرين الشهر الماضي: إن "كريدي سويس" سجل "تراجعاً كبيراً في المديونية" في آسيا، كذلك شهد تراجعاً في نشاط تداولات العملاء.

وضع البنك، الذي يتخذ من زيورخ مقراً له خططاً لتنمية أعمال وحدته التابعة لإدارة الثروات، من خلال التركيز على أسواق مثل هونغ كونغ وسنغافورة.

زاد عدد مديري علاقات العملاء في "كريدي سويس" بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى 710 مدير بحلول الربع الأول، بزيادة 12.7% عن العام السابق. في المقابل، انخفض عدد مستشاري "يو بي إس" بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 5.3% إلى 861 خلال نفس الفترة.

الأسوأ قد يكون انتهى

رغم ذلك، هناك مؤشرات على أن الأسوأ قد يكون انتهى في الصين، مع انتهاء سلسلة عمليات الإغلاق للحد من تفشي كوفيد وعودة السلطات متابعة حملة قمع شركات التكنولوجيا.

قال لو إن "يو بي إس" يتوقع تحسناً بالنصف الثاني، على خلفية تسجيل أداء أقوى في الصين، وسط توقع دعم صانعي السياسات للأسواق.

اقرأ أيضاً: تعثر كبير للاقتصاد الصيني بالربع الثاني وسط عمليات إغلاق واسعة

تستمر البنوك في توظيف انتقائي، يتضمن تعيين مصرفيين لإدارة الثروة الصينية في سنغافورة، إذ وظّفت "سيتي غروب" لوحدتها لإدارة الشركات العائلية في آسيا هذا العام، بينما زاد "يو بي إس" من عدد موظفي فريق الاستثمارات البديلة.

تنصح إدارة الخدمات المصرفية الخاصة في البنوك العملاء بالانتقال إلى الشركات الخاصة والاستثمارات البديلة للحماية من تقلبات أسعار أسهم الشركات المدرجة.

آسيا والمحيط الهادئ