سيحالفنا الحظ إذا أخطأت تقديرات "أوبك" بشأن ارتفاع الطلب على النفط

النمو الذي تتوقعه "أوبك" سيقود الطلب العالمي على الخام إلى 103 ملايين برميل يومياً في المتوسط في عام 2023

مرافق لمعالجة النفط في معمل حقل خريص بالمملكة العربية السعودية
مرافق لمعالجة النفط في معمل حقل خريص بالمملكة العربية السعودية المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من الأجدر لنا أن نأمل أن يكون خبراء "أوبك" قد أساءوا تقدير أرقامهم، فإذا لم يكن الأمر كذلك فقد يواجه أعضاء مجموعة البلدان المنتجة للنفط تحدياً لتوفير أكبر قدر من النفط الخام الذي سيحتاج إليه العالم في العام المقبل.

أحدث توقعاتهم، التي تمدّد الآفاق حتى نهاية العام المقبل، يُظهِر أن الطلب العالمي على النفط يرتفع بقوة مجدّداً في عام 2023، على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن التضخم والتحذيرات من الركود الوشيك. الافتقار إلى الاستثمار في الطاقة الإنتاجية الجديدة للنفط الخام بأماكن أخرى يعني أن مجموعة "أوبك" لا بد لها أن تضخ مزيداً لتلبية هذا الطلب الإضافي.

تُعتبر توقعات "أوبك" بشأن الطلب أكثر قوة من توقعات المحللين في "وكالة الطاقة الدولية" و"إدارة معلومات الطاقة" الأميركية، وكلتاهما حدّثت توقعاتها الأسبوع الماضي. تتوقع المؤسسات الثلاث زيادة في الطلب العالمي على النفط بما لا يقل عن مليوني برميل يومياً العام المقبل، ما يعيده إلى ما فوق مستوى 2019 للمرة الأولى منذ تفشي جائحة "كوفيد-19" في أوائل عام 2020. لكن زيادة مجموعة الدول المنتجة والبالغة 2.7 مليون برميل يومياً تجعل الأمر الأكثر تفاؤلاً بالنسبة إلى الطلب للعام الثالث على التوالي.

ماذا تعني زيادة "أوبك+" الإنتاج لأسواق النفط العالمية؟

نظرة التفاؤل

يفترض هذا التوقع المفرط في التفاؤل أنه لا استمرار "كوفيد"، ولا غزو روسيا لأوكرانيا، ولا التشديد المالي في ظل التضخم المرتفع، سيقوّض النمو الاقتصادي العالمي إلى حد كبير. ومع ذلك فإن وجهة النظر هذه تشير إلى أن أوجه عدم اليقين بشأن توقعاتها "تظل في الجانب السلبي". والأَولى لنا أن نأمل في إجراء بعض المراجعات السلبية.

النمو الذي تتوقعه "أوبك" سيقود الطلب العالمي على النفط إلى 103 ملايين برميل يومياً في المتوسط في عام 2023، أي أعلى بكثير من مستوى ما قبل الوباء.

تُعَدّ المجموعة أيضاً أكثر تفاؤلاً مقارنة بكثير من نظرائها حول مسألة العرض. ولا ترى أي تأثير في إنتاج النفط الروسي جرّاء عقوبات الاتحاد الأوروبي المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في أوائل ديسمبر المقبل، أو قد تتوقع أن الحد الأقصى للسعر الذي تسعى إليه الولايات المتحدة على صادرات موسكو سيدعم التدفقات.

من خلال الجمع بين توقعات العرض والطلب، يبدو أنه على جميع أعضاء "أوبك" أن يسلّموا أكثر من 30 مليون برميل يومياً في المتوسط في عام 2023، وفقاً لكل من "أوبك" و"وكالة الطاقة الدولية". وتشير توقعات "إدارة معلومات الطاقة" إلى أن الرقم 29.4 مليون برميل يومياً.

"أوبك+" يصدّق على خطة زيادة النفط في أغسطس بواقع 648 ألف برميل

لا يُعَدّ هذا رقماً قياسياً للمجموعة، لكنه سيكون الأعلى منذ عام 2018، وفقاً لأرقام "أوبك" الخاصة. والأهمّ من ذلك أنها ستدفع الإنتاج الفائض للمجموعة إلى أدنى مستوى له منذ عدة سنوات، الذي يبلغ نحو مليوني برميل يومياً، بناءً على تقييم "بلومبرغ" لقدرات الإنتاج المستدامة.

في المرة الأخيرة التي ضخ فيها الأعضاء الحاليون في "أوبك" بشكل جماعي أكثر من 30 مليون برميل يومياً، تجاوز الإنتاج المشترك لخمس دول منهم، وهي الجزائر وإيران وليبيا ونيجيريا وفنزويلا، نحو 2.75 مليون برميل يومياً مقارنة بما هو عليه الآن. لكن ثلاثة أعضاء فقط ضخوا الشهر الماضي أكثر مما قاموا به في المتوسط خلال 2018، وهم العراق والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

هذا ليس نتيجة للانضباط الطوعي، فلم يضخ أعضاء "أوبك" بشكل جماعي القدر المسموح لهم به منذ يوليو 2020.

توازن الإنتاج

ساعد ذلك في البداية في تحقيق التوازن في الإنتاج المفرط من قِبل الحلفاء الذين أبرموا اتفاقاً معهم في عام 2020. ومؤخراً، كان ذلك انعكاساً لعدم القدرة على زيادة الإنتاج بما يتماشى مع المستهدفات المتزايدة. جاء الإنتاج المشترك لأعضاء "أوبك" العشرة الملتزمين الاتفاق أقل من المستوى المسموح به، بما يزيد على مليون برميل يومياً في مايو ويونيو الماضيين، مع تأخر كل من أنغولا ونيجيريا.

والأمر الذي لن يبشر بخير هو عدم قدرة منتجي "أوبك" على رفع معدلات الإنتاج عندما تتجاوز أسعار النفط 100 دولار للبرميل ويتزايد الطلب على النفط الخام. سيتعين على المجموعة ضخ نحو 1.36 مليون برميل يومياً في المتوسط ​​العام المقبل، أكثر مما قامت به الشهر الماضي، إذا كانت تريد تحقيق التوازن بين العرض والطلب.

الأسواق تستعد لـ"سيناريو الهلاك" حال وقف تدفقات الغاز الروسي

ومع ذلك فإنّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط لديهما كميات كبيرة من الطاقة الإنتاجية الفائضة، وهما تواجهان بالفعل طلبات من الولايات المتحدة لضخ مزيد من النفط حالياً في محاولة لكبح جماح التضخم. يتطلب تعزيز الإنتاج بالمقدار المطلوب أن تحافظ كلتا الدولتين على الإنتاج لعدة أشهر عند مستويات لم تحققاها من قبل.

في ظل توقع القدر المحدود من الطاقة الإنتاجية الجديدة لـ"أوبك" في العام المقبل، فإنّ ذلك سيجعل العالم يعاني بشكل مزعج من نقص في المعروض. بالطبع، إذا لم يكن نمو الطلب قريباً من المستوى القوي الذي تبرزه التوقعات. قد يحدث ذلك في حال إذا كنا محظوظين.