هل بات رفع "المركزي الأوروبي" لأسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة ضرورة؟

رئيسة "البنك المركزي الأوروبي" كريستين لاغارد في فرانكفورت، ألمانيا.
رئيسة "البنك المركزي الأوروبي" كريستين لاغارد في فرانكفورت، ألمانيا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بغض النظر عن مدى رفض مسؤولي "البنك المركزي الأوروبي" لاحتمال بدء رفع أسعار الفائدة بتحرك يبلغ مقدار نصف نقطة هذا الأسبوع، إلا أنه لا يزال هناك سبب لفعل ذلك. إن ارتفاع معدلات التضخم، وهبوط اليورو إلى ما دون التعادل مع الدولار، والانطباع بأن صانعي السياسة متأخرون عن المنحنى، هي فقط بعض أسباب للقيام بزيادة كبيرة يوم الخميس.

من بين الحجج المضادة، التزام "البنك المركزي الأوروبي" بزيادة ربع نقطة، وقبول السوق لذلك، وتوقعات النمو غير المستقرة، والاضطراب السياسي الإيطالي.

يقول مارتن ويدير، الخبير الاقتصادي في "بنك كانتون زيورخ" (Zuercher Kantonalbank) الذي يتخذ من زيورخ مقراً له: "صحيح أنهم أبلغوا عن شيء آخر"، لكن الأمل قد أقنعه باتخاذ إحدى التوقعات الوحيدة لزيادة تبلغ نصف نقطة، ويضيف "الإشارات تشير بوضوح إلى تطبيع أسعار الفائدة- والبنك المركزي الأوروبي لا يزال عند البداية".

قد يكون تقدير خطر اضطراب الديون جنباً إلى جنب مع خطر فقدان السيطرة على التضخم في وقت تشديد عالمي حاد أحد أصعب أحكام "البنك المركزي الأوروبي" منذ سنوات- ليس أقلها أن المسؤولين يتفاوضون أيضاً على أداة للأزمة لاحتواء التداعيات على إيطاليا.

هناك فقط أقلية صغيرة من صانعي السياسة جادلوا علناً لتحرك بنصف نقطة، ويقول معظمهم إن زيادة أقل هو البداية الصائبة التي يجب الانطلاق من خلالها. بدورها وصفت رئيسة البنك كريستين لاغارد زيادة ربع نقطة بأنها "نية" بينما حذّرت من أنه لم يتم اتخاذ قرار بعد.

بينما وصف الزيادة زميلها البلجيكي بيير وونش -وهو عادة من الصقور- بأنها "صفقة محسومة"، وألمح آخرون إلى ذلك سراً. يتوقع جميع الاقتصاديين تقريباً مثل هذه النتيجة، مثلما يتوقع المستثمرون.

المخاوف تهيمن على المستثمرين بشأن وتيرة رفع الفائدة لدى "المركزي الأوروبي"

إليكم نظرة على بعض الحجج التي قد تختبر هذا الموقف أثناء اجتماع مجلس المحافظين في فرانكفورت:

التضخم

تصرّ لاغارد على أن "البنك المركزي الأوروبي" "يعتمد على البيانات"– وأن البيانات تستمر في الارتفاع. سجل التضخم رقماً قياسياً بلغ 8.6% وهو لا يزال في ارتفاع.

تظهر التوقعات الجديدة الصادرة عن "المفوضية الأوروبية" متوسط ضعف الهدف البالغ 2% في العام المقبل. وتشير توقعات "البنك المركزي الأوروبي" إلى أن التضخم سيهبط في النهاية إلى ما فوق هذا الهدف، وقد أشار المسؤولون بالفعل إلى الحاجة إلى رفع توقعاتهم. وفي الوقت نفسه، قد لا يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي إلى احتواء ضغوط الأسعار. قد تؤدي زيادة أكبر لسعر الفائدة الآن إلى إزالة بعض التحفيز وتسمح بالتوقف مؤقتاً في حالة حدوث ركود.

يقول مايكل شوبرت الخبير الاقتصادي في "كوميرزبنك" (Commerzbank) في فرانكفورت: "لقد اعترف البنك المركزي الأوروبي بأنه فوجئ باستمرار التضخم... إذا كانوا يجادلون بأنه يتعين عليهم بذل المزيد من الجهد في حالة وجود احتمال تجاوز التوقعات، فيجب أن ينطبق ذلك أيضاً على اجتماع يوليو".

الاتحاد الأوروبي يخفض توقعاته لاقتصاد منطقة اليورو ويرجح ارتفاع التضخم إلى 7.6%

في مقابل هذا المنطق، يمكن لمؤيدي التحرك بمقدار ربع نقطة أن يشيروا إلى انخفاض في توقعات الأسعار من قبل السوق المالية، وأن التضخم في منطقة اليورو مدفوع أساساً بالعرض. قد يجادلون أيضاً بحجة أن التجاوز الطفيف للتوقعات يُعتبر هامشاً للخطأ، ويمكن أن يحذّروا من أن التحرك لرفع سعر الفائدة بمقدار كبير قد يؤدي إلى تسريع الركود الاقتصادي.

المصداقية

يقول معظم الاقتصاديين إن "البنك المركزي الأوروبي" يتصرف في وقت متأخر، بينما تسعى النقابات العمالية في ألمانيا -أكبر اقتصاد في أوروبا- إلى زيادة في الأجور قدرها 8% وأكثر، وهي مطالب تشير إلى ضعف الثقة في استجابة السياسة.

إن اتخاذ خطوة قوية الآن، قد يساعد صانعو السياسات على إقناع الأسواق المالية والمستهلكين والشركات بالتزامهم بمكافحة التضخم.

بالإضافة إلى ذلك، يشعر مسؤولو "البنك المركزي الأوروبي" بالقلق من أن مصداقية كلماتهم يجب أن تظل قائمة. لقد وعدوا فعلياً برفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة، وهم قلقون من أن التراجع عن ذلك قد يضر بقدرتهم على تقديم التزامات قابلة للتصديق للمستثمرين في المستقبل.

تشديد عالمي

بحلول نهاية الأسبوع المقبل، قد يكون مجلس "الاحتياطي الفيدرالي" الأميركي قد رفع أسعار الفائدة بما مجموعه 250 نقطة أساس. وكذلك دفع تحفظ "البنك المركزي الأوروبي" المستثمرين إلى بيع اليورو، مما دفعه إلى أدنى مستوياته منذ عقدين مقابل الدولار.

متداولو اليورو يتساءلون إلى أي مدى قد ينخفض دون مستوى دولار واحد

قد تؤدي الزيادة بنصف نقطة الآن إلى وضع حد أدنى للعملة وإيقاف ضعفها الذي يؤجّج التضخم أكثر.

أبدى مسؤولو "البنك المركزي الأوروبي" قلقاً محسوباً فقط من هذه الخطوة، لكنهم أكدوا أنها انعكاس لقوة الدولار. من حيث الوزن التجاري، كان اليورو أكثر استقراراً.

مخاطر اضطرابات

يقوم "البنك المركزي الأوروبي" باختراع أداة للأزمة لاحتواء تكهنات السوق بأن تكاليف الاقتراض المرتفعة قد تجعل المالية العامة في إيطاليا غير مستدامة، وهي سياسة يجب أن تمنح مجلس المحافظين حيزاً لرفع أسعار الفائدة.

بينما يتوقع المستثمرون تحركاً بمقدار ربع نقطة، أظهرت البنوك المركزية الأخرى أن القيام بزيادة كبيرة مفاجئة ليس بالضرورة أن تسبب بالذعر- كما فعل "البنك الوطني السويسري" الشهر الماضي.

لكن البيع المفاجئ الأخير للسندات الإيطالية، والاضطرابات السياسية المتأججة هناك، وأزمة الديون السابقة في المنطقة، تقدم تحذيراً من المخاطر. في هذا السياق، قال كبير الاقتصاديين فيليب لين في يونيو إن أي خطوة كبيرة قد تهدّد "التعديلات المفرطة في أسعار الفائدة في السوق".

سبعة أسابيع

في غياب خطوة كبيرة الآن، ستمر سبعة أسابيع قبل الفرصة المقررة التالية للقيام بإجراء، بعد العطلة الصيفية لـ"البنك المركزي الأوروبي". أي اجتماع طارئ قبل ذلك يخاطر بإذكاء الذعر.

قال لين لزملائه في قرار يونيو إن تأجيل خطوة أكبر لن يحدث فرقاً جوهرياً. لكن هذا لا يثير إعجاب ويدير من "بنك كانتون زيورخ".

يقول ويدير: "ماذا تجني من الانتظار؟... إنهم بالفعل خلف المنحنى وسيتراجعون أكثر من خلال الانتظار شهرين آخرين".