تروس أم سوناك.. هل يقدر أيهما على وقف نزيف الإسترليني؟

موظف ينظر إلى لوحة مؤشر أسهم "فوتسي 100" في ردهة مكاتب بورصة لندن للأوراق المالية (London Stock Exchange Group Plc) في لندن، المملكة المتحدة.
موظف ينظر إلى لوحة مؤشر أسهم "فوتسي 100" في ردهة مكاتب بورصة لندن للأوراق المالية (London Stock Exchange Group Plc) في لندن، المملكة المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أياً كانت شخصية من سيصبح أحدث رئيس لوزراء بريطانيا في "10 داونينغ ستريت"، فإنه سيرث دوامة من المشكلات الاقتصادية.

فالتضخم بالمملكة المتحدة يمضي بأسرع وتيرة منذ أوائل الثمانينيات، وقد تمسك بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة على خطى نظيره على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وتفاقمت جروح العمالة وسلسلة التوريد التي خلّفها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

كل ذلك يجعل الجنيه الإسترليني يقبع بالقرب من المستويات التي سُجّلت آخر مرة عندما سادت حالة الذعر وفُرض الإغلاق بسبب تفشي "كوفيد-19" بكامل عنفوانه.

أضف إلى ذلك القلق طويل الأمد الذي يسيطر على المملكة المتحدة بشأن انخفاض الإنتاجية، حيث قال أولريش لوشتمان، رئيس إستراتيجية العملات في "كوميرز بنك" (.Commerzbank AG): "الحكومة البريطانية الجديدة تتولى زمام الأمور في وضع صعب. وهناك دائماً خطر حدوث دوامة سيئة نتيجة ارتفاع التضخم وضعف العملة".

يتفق المستثمرون والإستراتيجيون على ذلك: بغض النظر عما إذا كانت وزيرة الخارجية ليز تروس أو وزير الخزانة السابق ريشي سوناك، أيهما سيفوز في سباق القيادة، فإن القوى الكامنة وراء انزلاق الجنيه قد تثبت أنها تتجاوز صلاحيات أي منهما في التصدي لها.

مخاوف الركود تقود الإسترليني إلى أسوأ تدهور فصلي منذ 2008

تقلبات وتشديد

أسعار الطاقة المتقلبة وسوق العمل المتشددة بالفعل أدّت بصانعي السياسة في بنك إنجلترا إلى التأرجح بين فرض زيادات عنيفة في أسعار الفائدة والحاجة إلى حماية الاقتصاد من ارتفاع الأسعار. ففي ظل اقتصادها المنفتح والعجز الهائل في الحساب الجاري، فإن المملكة المتحدة معرضة لصراع عالمي. سيتصدر التضخم وتيرة النمو مقارنة بأي من الاقتصادات الأوروبية الرئيسية على مدى العامين المقبلين، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم.

ومنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبح الجنيه الإسترليني عنصراً "هامشياً" بشكل أكبر في حيازات المستثمرين من العملات، وفقاً للإستراتيجي في بنك أوف أميركا كمال شارما. وهذا يتركها معرضة بشكل خاص لتفاقم معنويات المستثمرين على مستوى العالم مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا في الوقت الذي تضرّ حرب الصين ضد فيروس كوفيد بالاقتصاد المحلي.

استناداً إلى أسواق الأسهم العالمية كمقياس، يتبيّن أن الجنيه الإسترليني أصبح أكثر حساسية بشكل مطّرد للرغبة في المخاطرة عالمياً.

الأسر المتعثرة

بينما يشعر البريطانيون بوطأة الجنيه الإسترليني الضعيف عند التسوق لشراء البضائع المشحونة من الخارج، يراقب بنك إنجلترا التأثير على نمو الأسعار حيث تؤدي الواردات المكلفة إلى زيادة الضغط التضخمي. حيث أضاف التراجع في مؤشر قوة الجنيه، وهو المعيار المفضل لبنك إنجلترا لقوة الجنيه، هذا العام نحو 0.5 نقطة مئوية إلى وتيرة التضخم، وفقاً لنموذج بلومبرغ الاقتصادي SHOK.

كتب ستيفن بارو، المحلل الإستراتيجي في ستاندارد بنك، في مذكرة للعملاء هذا الأسبوع: "حتى لو تراجع الاقتصاد وظل نمو الناتج المحلي الإجمالي إيجابياً في الوقت الحالي، فسنشعر بالركود الشديد". يتصور بارو تصاعداً في الإضرابات العمالية ليشبه "التشدد النقابي" الذي شوهد آخر مرة في السبعينيات والثمانينيات.

قد يبدو الدعم المالي الموسّع من الحكومة هو الحل الصريح لمساعدة الأسر المتعثرة، ولكن هناك خطر من أنه قد يؤدي إلى زيادة التضخم وجعل مهمة بنك إنجلترا أكثر صعوبة. ويمكن لتعهدات المرشحين بخفض الضرائب أن تفاقم ارتفاع الأسعار وتتطلب تشديداً إضافياً من جانب البنك المركزي.

يرى بارو أن الجنيه سيتراجع أكثر إلى 1.15 دولار في الأشهر المقبلة. ودفع انخفاض الجنيه الإسترليني بأكثر من 11% مقابل الدولار هذا العام صانعي السياسة في بنك إنجلترا إلى الانتباه إلى ما قالته كاثرين مان إنها دعمت رفع سعر الفائدة بـ50 نقطة أساس للمساعدة في دعم العملة، أي ضعف حجم أحدث تحركات قام بها بنك إنجلترا.

مخاطر الركود تثير قلق الأسواق البريطانية

معدلات الفجوة

قد يؤدي ذلك إلى حد ما لتضييق فجوة سعر الفائدة بين البنك المركزي والاحتياطي الفيدرالي الأميركي. فقد رفع بنك إنجلترا المعدلات بمقدار 115 نقطة أساس على مدى ستة أشهر، مقارنة بـ150 نقطة أساس من قبل الاحتياطي الفيدرالي في نصف المدة. ويقترب مقياس "بلومبرغ" لقوة الدولار من أعلى مستوى في 18 عاماً على الأقل.

ومن المؤكد أن الجنيه الإسترليني ليس الوحيد الذي يواجه ضعفاً أما قيمة العملة الأميركية. كما أن العوامل التي يعاني منها الإسترليني ليست فريدة من نوعها في المملكة المتحدة. فقد انخفض اليورو إلى مستوى التعادل مقابل الدولار للمرة الأولى منذ 20 عاماً هذا الشهر، في حين أن البنك المركزي الأوروبي قد أقرّ أول رفع لسعر الفائدة منذ عام 2011.

قال فيليب جوير، مدير محفظة في "أموندي أسيت مانجمنت" (Amundi Asset Management)، في إشارة إلى استقالة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، والتي أودت بالبلاد إلى حالة فوضى: "إن العجز الكبير والتضخم المرتفع والاضطراب السياسي هو مصير العديد من البلدان"، لا سيما في أوروبا ومنطقة اليورو.

قد تُكسب هذه الاضطرابات الجنيه الإسترليني بعض الزخم مقابل العملة الموحدة، ولكن على مدى ستة إلى تسعة أشهر يتوقع ستيفن غالو من "بنك مونتريال" (Bank of Montreal) أن يرتفع زوج اليورو/ الإسترليني إلى 0.91 من حوالي 0.85 في الوقت الحالي. وأضاف: "هناك احتمالية محدودة للصعود، بغض النظر عمّن سيفوز".

نائب المحافظ: بنك إنجلترا يواجه أصعب تحدٍ منذ 1992

هذا الأسبوع

  • من المتوقع أن تلقي الأرقام الاقتصادية في منطقة اليورو، بما في ذلك التضخم والمعنويات وأرقام النمو، مزيداً من الضوء على حالة الاقتصاد.
  • يُتوقّع أن يتباطأ مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يوليو في ألمانيا، لكنه سجّل أعلى مستوى جديد على الإطلاق في منطقة اليورو.
  • من المقرر أن تصل مبيعات السندات من ألمانيا وإيطاليا إلى 16 مليار يورو (16.4 مليار دولار)، وفقاً لتقديرات "كوميرز بنك"، بينما تبيع المملكة المتحدة سندات مرتبطة بالتضخم.
  • هناك غياب ملحوظ لخطابات صانعي السياسة المقررة الأسبوع المقبل مع الظهور الوحيد لإغنازيو فيسكو في دائرة الضوء.