الرئيس قيس سعيد لـ"الشرق": الديكتاتورية لن تعود إلى تونس

تشهد البلاد استفتاءً على دستور جديد وسط أزمة اقتصادية ومالية خانقة

المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قال الرئيس التونسي قيس سعيد، في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، إن "الدستور الجديد لا يفتح المجال أمام الديكتاتورية"، متهماً معارضيه بـ"الكذب".

فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في تونس، صباح اليوم الاثنين، للاستفاء على الدستور الجديد الذي طرحه رئيس البلاد.

الرئيس سعيد أضاف، عقب الإدلاء بصوته: "الشعب التونسي لم يعد كما كان من قبل.. انتهى هذا الزمن الديكتاتوري ولن تعود الديكتاتورية".

وشدّد الرئيس التونسي، في تصريحاته لـ"الشرق"، على أن "كافة الحريات تقريباً منصوص عليها في الدستور، وفي الصكوك الدولية التي صادقت ووافقت عليها تونس"، مكرراً: "لا مجال للعودة إلى الديكتاتورية".

الخبز والديون والسياسة تخلق مزيجاً من الاضطرابات في تونس

كما اعتبر الرئيس قيس سعيد، أن الاستفتاء على الدستور "خطوة لتأسيس جمهورية جديدة مختلفة عن الجمهورية التي كانت في السنوات العشر الماضية وقبلها"، موضحاً أن "الدستور الجديد لا يجعل النظام رئاسياً كما يروج المعارضون، وإنما للحكومة دور هام".

وأوضح الرئيس التونسي أن "النظام يُقاس بالتعددية الحزبية والسياسية، وليس فقط بالفصل بين السلطات".

تعاني تونس من أزمة اقتصادية ومالية حادّة، زادت من تفاقمها الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد، والحرب الروسية-الأوكرانية وتأثيرها على تضخم أسعار السلع والنفط.

صندوق النقد الدولي أعلن، في يونيو، أن محادثاته مع السلطات التونسية للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء حول حزمة إنقاذ ستستمر "على مدار الأسابيع المقبلة". مضيفاً أنه حقق "تقدّماً جيداً" في المحادثات حول حزمة إصلاحات اقترحتها الحكومة ضمن الاتفاقية الشاملة.

تعطّلت مساعي تونس للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي لعدّة شهور، بسبب الاضطرابات السياسية بعد أن استحوذ الرئيس قيس سعيد على معظم السلطات وأطاح بالحكومة والبرلمان الصيف الماضي. ويتطلّع المسؤولون التونسيون للتوصل إلى اتفاق مع الصندوق هذا العام، مع سعيهم للحصول على مساعدة مالية بقيمة 4 مليارات دولار، لتفادي وقوع انهيار في المالية العامة.

صندوق النقد: تقدم في المحادثات مع تونس حول برنامج الإصلاح لتقديم حزمة إنقاذ

من شأن حزمة المساعدة من صندوق النقد الدولي، التي لا تتضمن إعادة هيكلة ديونها الدولية، أن تمنح اقتصاد الدولة الواقعة في شمال أفريقيا دفعة قوية دون إجبار المستثمرين على تقاسم بعض العبء، إذ أظهرت بيانات "بلومبرغ" أن تونس لديها ما لا يقل عن 5 مليارات دولار من السندات الدولية المستحقة غير المسدّدة حتى أبريل الماضي.

شروط الصندوق

اقترحت تونس خفض فاتورة أجور الموظفين في جهاز الخدمة المدنية وتقليص الدعم وتكاليف الحفاظ على الشركات الخاسرة المملوكة للدولة. لكن الصندوق يرى أن أي إصلاحات مدرجة في الاتفاقية ستحتاج لدعم الاتحاد العام التونسي للشغل، صاحب النفوذ الكبير والذي أثبت قدرته على شل الاقتصاد بالإضرابات.

غير أن الاتحاد يرفض حتى الآن الإصلاحات التي اقترحتها الحكومة، ويتهم الرئيس التونسي بعدم إشراكه في وضع السياسات الاقتصادية.

الاتحاد التونسي للشغل يهدد بإضراب عام رفضاً لحزمة إصلاحات اقتصادية

جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، صرح عقب زيارته لتونس يومي 20 و21 يونيو، أنه "يتعين أن تتصدّى تونس على نحو عاجل للاختلالات في ماليتها العامة من خلال زيادة العدالة الضريبية، واحتواء فاتورة الأجور الكبيرة في جهاز الخدمة المدنية، وإحلال التحويلات الموجهة إلى الفقراء محل نظام الدعم المعمم، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، وإصلاح شركاتها الخاسرة المملوكة للدولة للحد سريعاً من الاختلالات الاقتصادية الكبيرة وضمان استقرار الاقتصاد الكلي. وعلاوة على ذلك، سيساعد تعزيز المنافسة والانفتاح الاقتصادي أمام استثمارات القطاع الخاص في إطلاق الإمكانات التونسية من أجل تحقيق نمو اقتصادي شامل وغني بالوظائف التي أصبحت الحاجة إليها ماسة".

بحسب وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، في تقرير صادر مؤخراً، فإن الانتعاش الهش من أزمة كورونا، والنمو الاقتصادي الضعيف والمُقدّر أن يبلغ 2.2% هذا العام، إضافةً إلى العجز المالي، وعجز الحساب الجاري، وصعوبة الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، وتفاقم الضغوط التضخمية، واحتمال خفض قيمة الدينار التونسي، تمثل جميعها عوامل مؤثرة بشكلٍ سلبي على اقتصاد تونس.

العشرية السوداء

يبلغ عدد المسجلين في قوائم الناخبين 9 ملايين و296 ألف ناخب مدعوون للمشاركة في الاستفتاء، من بينهم 348 ألفاً و876 ناخباً في الخارج.

يستمر التصويت حتى 10 مساءً، في أغلب مراكز الاقتراع بتونس وسط استعدادات لوجستية وأمنية، وإقبال ضعيف من الناخبين في الساعات الأولى من النهار الانتخابي، بحسب البث المباشر للتلفزيون التونسي.

كانت الهيئة المستقلة للانتخابات، قررت استثناء مراكز اقتراع عدّة من مواعيد فتح وإغلاق اللجان لأسباب أمنية، منها القيروان وقفصة وجافة، على أن تفتح أبوابها في 7 صباحاً وتستمر حتى 6 مساءً فقط.

الرئيس التونسي يعلن حل البرلمان بعد 8 أشهر من تعليق أعماله

الرئيس قيس سعيد، الذي أشرف على إعداد الدستور الجديد، قال كذلك في تصريحات بثها التلفزيون التونسي إن "تونس جديرة بأن تكون في المراتب الأولى في كل المجالات، إذ لدينا ثروات كثيرة مهدورة، لكن لا مجال للسطو على إرادة الشعب ومقدراته وثرواته".

واعتبر أن "الجميع يتفق على أن العشرية السابقة كانت عشرية سوداء"، في إشارة إلى السنوات العشر الماضية.

من المتوقع أن تُعلن نتائج الاستفتاء غداً الثلاثاء، يعقبها فتح باب الطعون والنظر فيها. على أن تُعلن النتائج النهائية في موعد أقصاه 27 أغسطس. وعند إقرار الدستور الذي طرحه الرئيس قيس سعيد، تنتقل البلاد إلى نظام يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات أكبر.