جنوب أفريقيا تفك قيود القطاع الخاص في محاولة لإنهاء أزمة الكهرباء

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لجأ رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا إلى القطاع الخاص في محاولة لإنهاء أزمة الكهرباء المستمرة منذ 14 عاماً التي فشلت الحكومة في حلها.

أعلن رامافوزا أنَّ الحكومة ستسمح للشركات ببناء محطات توليد الكهرباء بأي حجم دون ترخيص لتلبية احتياجاتها وبيعها للشبكة. وأضاف في خطاب متلفز يوم الإثنين أنَّه سيتم مضاعفة حجم مناقصة إمدادات الكهرباء القادمة، وقال إنَّ مالكي المباني والمنازل سيكونون قادرين على بيع الطاقة من الألواح الشمسية الموجودة على الأسطح إلى الشبكة.

يأتي إعلان رامافوزا في الوقت الذي تتعافى فيه أكثر دولة صناعية في أفريقيا من أسوأ حالات انقطاع للتيار الكهربائي، المعروفة محلياً باسم "تقليل حمل التيار الكهربائي"، منذ انهيار الشبكة تقريباً في عام 2008. أدى الضغط على رامافوزا لإنهاء انقطاع التيار الكهربائي إلى تحول في إيديولوجية حكم حزبه "المؤتمر الوطني الأفريقي" الذي كان متردداً تجاه تقليل سيطرة الحكومة على توفير الكهرباء. قال رامافوزا في خطابه: "إنَّ النقص في الكهرباء هو قيد كبير على نمونا الاقتصادي وخلق فرص العمل... إنَّه يقيد الاستثمار، ويقلل من القدرة التنافسية لاقتصادنا... وما أوضحه أحدث انقطاع للتيار الكهربائي؛ هو أنَّ الإجراءات التي اتخذناها، والإجراءات التي نواصل اتخاذها؛ ليست كافية".

المنح المالية للمواطنين في جنوب أفريقيا قد تأتي بنتائج عكسية

أدت أزمة الكهرباء المستمرة إلى تعرض رامافوزا وحزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" لانتقادات لاذعة لفشلهم في إصلاح مشكلة وعدوا مراراً وتكراراً بحلّها.

إنَّ الخطوات المزمع اتخاذها مهمة. إذ يأتي إلغاء الحد الأقصى البالغ 100 ميغاواط للمحطات التي كانت بحاجة إلى ترخيص بعد أشهر فقط من رفع هذا المستوى من سعة 1 ميغاواط سابقاً.

سيؤدي التحرك لمضاعفة مشتريات الطاقة المتجددة لتبلغ 5200 ميغاواط في إطار مناقصة إلى تسريع تحول البلاد من اعتمادها على الفحم بأكثر من 80% في توليد الكهرباء لتتجه نحو استخدام موارد البلاد الوفيرة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

بدورها، قالت مجموعة الأعمال "بزنس يونيتي ساوث أفريكا" (Business Unity South Africa) في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إنَّ خطة رامافوزا للطاقة تلقى استحساناً جيداً، ولكن يجب تنفيذها على وجه السرعة.

قال كاس كوفاديا، الرئيس التنفيذي لـ"بزنس يونيتي ساوث أفريكا"، في البيان: "ما زال من المطلوب وجود خطة تنفيذ واضحة، مع مراعاة المواعيد النهائية الصعبة والمساءلة تجاه الإنجاز... سيستفيد البلد وقطاع الأعمال من التقارير المنتظمة والشفافة بشأن التقدم المحرز، حتى يتمكّن من متابعة مساره والتخطيط".

بدورها، قالت الرئاسة في عرض قدّمته لأحزاب المعارضة في وقت سابق من اليوم إنَّ الأبواب يجب أن تكون مفتوحة على مصراعيها أمام الاستثمار الخاص في السعة الجديدة لتوليد الكهرباء.

تشمل الخطوات الأخرى التي تم الإعلان عنها الآتي:

- تعزيز توظيف العمال المهرة في شركة الكهرباء التابعة للدولة "إسكوم هولدينغز إس أو سي" (Eskom Holdings SOC) ومعالجة أعمال التخريب والسرقة في الشركة.

- السماح لشركة "إسكوم" بشراء الطاقة الزائدة من المنتجين بالقطاع الخاص.

- سيتم استخدام تمويل المناخ الذي تم التفاوض بشأنه في محادثات العام الماضي لإعادة استخدام محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم لإنتاج الكهرباء من الموارد المتجددة وتعزيز الشبكة.

- استيراد كهرباء إضافية من الدول المجاورة في المنطقة.

- الإعلان عن خطة للتعامل مع ديون "إسكوم" بحلول أكتوبر.

- كما أعلن عن خطط لعقد مناقصات لتوفير بطاريات التخزين والكهرباء من الغاز الطبيعي.

تحول احتكار "إسكوم" منذ ما يقرب من قرن من الزمان إلى عبء ضعيف الأداء ومثقل بالديون على الاقتصاد. من المرجح أن تشجع الإجراءات الجديدة تطوير عدد غير مسبوق من المشاريع الخاصة.

إغلاق آخر مصافي التكرير بجنوب أفريقيا بسبب تأخر شحنات النفط

في أحدث موجات انقطاع التيار الكهربائي؛ دفعت الأعطال في محطات "إسكوم" التي تعمل بالفحم والصراع العمالي الشركة إلى قطع 6000 ميغاواط من الإمداد، وهو ما يكفي لإنارة 4 ملايين منزل في جنوب أفريقيا. برغم ذلك؛ لم يذكر رامافوزا مصير ما يسمى بالمناقصة الطارئة لتوليد الكهرباء البالغة سعتها 2000 ميغاواط التي أعلن عنها العام الماضي، والتي شهدت بدء تشييد مشاريع بقدرة 150 ميغاواط فقط. أما بقية السعة؛ فكانت غارقة في القضايا القانونية والقضايا البيئية وعدم القدرة على الوصول إلى إقفال السنة المالية.

كما أنَّ الرئيس لم يذكر الصراع على سياسة الكهرباء داخل حكومته.

تباطأ عن عمد، غويدي مانتاش، وزير الطاقة والزعيم السابق لاتحاد الفحم أيضاً في السماح لمزيد من الطاقة المتجددة، وسعى للكسب السريع بغض النظر عن المخاطر من خلال زيادة الفحم والطاقة النووية، وأعرب عن شكوكه بشأن عرض 8.5 مليار دولار للتمويل المناخي من بعض أغنى دول العالم.

ستساعد الإجراءات الأخيرة، إذا تم تنفيذها، جنوب أفريقيا على بدء رحلتها نحو الاستقلال في مجال الطاقة.

قال ديفيد ليبشيتز، خبير الطاقة المتجددة، في مقابلة مع محطة "إي إن سي إيه" الجنوب أفريقية: "إذا فعل الرئيس كل ما يقوله، عندها أعتقد أنَّ كل شيء سيكون على ما يرام".