آمال ألمانيا بتجنب الركود تتراجع يوماً بعد يوم

مبنى الرايخستاغ في برلين، ألمانيا
مبنى الرايخستاغ في برلين، ألمانيا المصور: كريستيان بوتشي/ بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تزداد الآفاق الاقتصادية في ألمانيا سوءاً يوماً بعد يوم، إذ تطارد معدلات التضخم المرتفعة بشكل قياسي الأسر، وتنتشر التهديدات حول إمدادات كل شيء بدءاً من الغاز الطبيعي الروسي إلى مكونات التصنيع.

وتشير التوقُّعات الجديدة التي نشرها صندوق النقد الدولي يوم 26 يوليو إلى أنَّ النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا سيكون الأضعف بين مجموعة السبع هذا العام، متوقِّعاً أيضاً تراجع النمو بشكل أكبر في عام 2023.

توقعات البنوك

بالرغم من أنَّ توقُّعات صندوق النقد الدولي أكثر سلبية بشكل واضح من توقُّعات المفوضية الأوروبية التي صدرت منذ أسبوعين فقط، إلا أنَّ صندوق النقد الدولي أكثر تفاؤلاً من خبراء الاقتصاد في مصرفي "كريدي سويس" و"دويتشه بنك" الذين يقولون إنَّ الركود الذي سيستمر حتى الربيع المقبل على الأقل، قد بدأ بالفعل.

"دويتشه بنك": اقتصاد ألمانيا يتجه صوب الركود بالنصف الثاني

تؤكد الآفاق القاتمة على أسابيع من التحذيرات التي أطلقتها الشركات الألمانية، إذ يتعرض عمالقة الصناعة مثل شركة "باسف" (BASF) و"تيسين كروب" (Thyssenkrupp) لمخاطر انخفاض شحنات الطاقة الروسية، بينما تثير الأسعار المرتفعة مخاوف المتسوقين من تجار التجزئة مثل "زالاندو" (Zalando)، بالإضافة إلى أنَّ نقص الرقائق الذي هز صُنّاع السيارات منذ عام 2019 لن ينتهي عما قريب.

عن ذلك قال أندرياس شويرل، الاقتصادي في "ديكابانك"، الذي يتوقَّع ركوداً في الشتاء: "لقد انتهى عقد جيد لألمانيا، ومن الآن فصاعداً سنعاني قليلاً لبعض الوقت".

مشكلة أوروبية

وأوضح أنَّ "ما يحدث في ألمانيا هو نتيجة لمشكلة أوروبا من نواحٍ كثيرة، فليس هناك مكان آخر يضر فيه نقص الإمدادات بالاقتصاد أكثر منها، فضلاً عن زيادة نقص العمالة الماهرة، ثم بالطبع اعتمادنا الكبير للغاية على الغاز الروسي".

من المقرر أن تُظهر البيانات التي ستصدر يوم 29 يوليو كيف كان أداء الاقتصاد الألماني في الربع الثاني من عام 2022. وتتراوح التقديرات بحسب مسح "بلومبرغ" من نمو بنسبة 0.5% إلى انكماش بالمقدار نفسه، مما يسلط الضوء على انعدام اليقين بشأن أزمة أوكرانيا. ويدور متوسط التوقُّعات للنمو حول نسبة 0.1%.

تراجع الثقة

تشير الانخفاضات الحادة في استطلاعات الثقة إلى أنَّ الشركات والمستهلكين يتراجعون بتسارع، مع إشارة مقاييس التوقُّعات والطلبات الجديدة إلى مزيد من المشاكل مستقبلاً. وكانت أسعار الغاز ارتفعت بأكثر من الضعف منذ بداية يونيو، ثم ارتفعت بأكثر من 10% هذا الأسبوع بعد إعلان روسيا عن خفض آخر في عمليات التسليم بسبب صيانة خطوط الأنابيب.

فيما تعمل واحدة من كل ست شركات صناعية على خفض الإنتاج أو تعليق عملياتها جزئياً، وفقاً لاتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية. وتبلغ حصة الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة بين الشركات الألمانية ضعف تلك الموجودة في أي مكان آخر.

عن ذلك، قالت فيرونيكا روهاروفا، الاقتصادية في "كريدي سويس إنترناشونال" إنَّ "الآفاق الاقتصادية لألمانيا تتدهور سريعاً. ويشير الانهيار الأخير في المؤشرات الاقتصادية إلى أنَّ الاقتصاد قد يكون انكمش بالفعل".

في ظل حث وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية الشركات على تقليل استخدام الغاز لتجنب انقطاع الإمدادات، أصبحت شركة "يونيبر" (Uniper) أول ضحية كبرى بين الشركات بسبب الأزمة. وحصلت المنشأة، التي اضطرت لتغطية الإمدادات الروسية المفقودة بأسعار السوق الفورية المرتفعة، على حزمة إنقاذ بقيمة 17 مليار يورو (17.3 مليار دولار) الأسبوع الماضي لمنع شبكة الطاقة الألمانية من الانهيار.

اقرأ المزيد: ألمانيا تنقذ "يونيبر" بعد أزمة نقص الغاز الروسي

القلق من المستقبل

في غضون ذلك، توقَّع أكثر من 70% من الألمان ازدياد الوضع الاقتصادي سوءاً خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بحسب مسح أجرته شركة استطلاعات الرأي "سيفي" (Civey) لصالح مجلة "شبيغل" (Spiegel) الألمانية. ويرى 11% فقط من المشاركين في المسح تعافياً طويل الأمد.

وستنخفض ثقة المستهلك الألماني بحسب استطلاع شركة الأبحاث "جي إف كيه" (GfK) في أغسطس إلى أدنى مستوى منذ جمع البيانات لأول مرة في عام 1991. كذلك، ارتفعت المخاوف تجاه إمكانية المعاناة من ركود وشيك بين المستطلعين، وانخفضت توقُّعات الدخل إلى مستوى قياسي منخفض في ظل ارتفاع معدلات التضخم.

ويتوقَّع كل من "دويتشه بنك" و"كريدي سويس" وصندوق النقد الدولي نمو الناتج الاقتصادي بنسبة 1.2% هذا العام. بينما تتباين الآراء حول الاتجاه الذي ستتخذه الدولة بعد ذلك، إذ يرى الاقتصاديون في البنكين انكماشاً في عام 2023 بنسبة 1% و0.7% على التوالي لكل منهما، في حين كان الصندوق الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقراً له أكثر تفاؤلاً، فقد توقَّع نمواً نسبته 0.8% في عام 2023.