شركة تكنولوجيا مالية هندية تلاحق هدفاً بمليار دولار رغم كبوة الاكتتاب والخسائر المتراكمة

فيجاي شيخار شارما
فيجاي شيخار شارما المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت شركة "باي تي أم" نموذجاً للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في الهند، إلا أنها خسرت ثلثي قيمتها منذ الطرح العام الأولي وباتت رمزاً لانهيار القطاع. حالياً يتعهد مؤسسها بصبّ كل تركيزه على الأداء المالي لإقناع المستثمرين بفرص نجاح الشركة الخاسرة للأموال.

قال فيجاي شيخار شارما، الذي يبلغ من العمر 44 سنة، إنه من المنتظر أن تصبح الشركة المزوّدة لخدمات المدفوعات الرقمية هي أول شركة إنترنت هندية تحقق مليار دولار من العائدات السنوية بنهاية العام المالي الجاري في مارس المقبل. قال شارما في أول مقابلة مستفيضة له بعد أول طرح للتداول بالبورصة في نوفمبر إن العلامة التجارية، المعروفة رسمياً باسم "وان 97 كومينينكيشنس" (One97 Communications)، تبدّلت عنايتها أيضاً من النمو إلى تحقيق الربحية.

انهيار السهم

أسفر انهيار أسعار الأسهم في "باي تي أم" عن تفاقم أزمة الشركات الناشئة في الهند، ما نجم عنه تراجع التقييمات حيث بدأ المستثمرون في تبني الحذر أكثر حيال أرباحهم المحتملة. توقفت الشركات فجأة عن مخططات جمع الأموال بعد أن وصلت العشرات منها إلى "يونيكورن" مع تدفق رأس المال إلى كل شيء بداية من البيع بالتجزئة عبر الإنترنت وصولاً إلى التعلم الرقمي في دولة يصل عدد سكانها إلى 1.4 مليار نسمة.

اقرأ أيضاً: أسهم "باي تي أم" الهندية تنهار بعد فرض قيود على وحدتها للمدفوعات

يصف شارما نهجه بأنه "عودة للوراء وإعادة ضبط للأوضاع" ويعمل على مهمة استعادة المستثمرين. وسيكون مشغولاً تماماً حيث زادت الخسائر التشغيلية ل"باي تي أم"في غضون السنة الماضية إلى نحو 350 مليون دولار، واشتدت المنافسة وانتقد المستثمرون انعدام الوضوح في نموذج أعمال الشركة.

قال مؤسس الشركة، وهو أيضاً الرئيس التنفيذي لها، إن واحدة من بين خطوات استعادة الثقة هي التخلص من الغموض في هيكل إيرادات "باي تي أم". قال إن نشاطها يمكن اختصاره في سطرين موجزين: تعمل "باي تي أم" في مجال المدفوعات، وتبيع القروض.

السوق الهندية

تختلف سوق المدفوعات في الهند عن أسواق الدول الأكثر تقدماً، حيث تخطى الأنظمة القائمة على البطاقات المنتشرة في مناطق على غرار أوروبا والولايات المتحدة للتحول مباشرة من الدفع النقدي إلى مدفوعات الهواتف الذكية. في حين أن هذا جذب أعداداً هائلة من المتنافسين على غرار شركة "غوغل باي" التابعة لشركة "ألفابت" وشركة "أمازون.كوم" وشركة "فون بي" (PhonePe) أحد فروع شركة "وول مارت"، فإن شارما على ثقة من أن منتجات "باي تي أم"، التي جرى تصميم بعضها بما يشابه الحالات النجاحة في الأسواق الأخرى، ستساعدها على الحفاظ على مكانتها الرائدة.

اقرأ أيضاً: "أمازون" تتفاوض لنقل بطاقتها الائتمانية من "فيزا" إلى "ماستركارد"

يقوم جهاز "ساوند بوكس" الخاص بها، كمثال، مع سداد اشتراك بقيمة دولارين شهرياً، على الفور بتسوية المدفوعات والإعلان عن اتمام عملية شراء ناجحة عبر مكبر صوت موضوع في مكتب التاجر. ينشئ منتج آخر "رمز الاستجابة السريعة" لكل معاملة ويتيح للمتسوقين السداد بسرعة عبر تطبيق "باي تي أم" الخاص بالهواتف الذكية بالإضافة إلى تطبيقات أخرى، وهو نموذج شائع الاستخدام فعلاً في الصين.

قال، وهو يرتدي قميصاً مرسوم عليه مربعات وبنطلون جينز أزرق، لدى جلوسه في غرفة اجتماعات على خلفية بعيدة تظهر فيها أبراج شاهقة: "أريد أن أحول "باي تي إم" إلى أكثر شركات المدفوعات أهمية في حقبتنا".

شارما خلال احتفالية بمناسبة الإدراج بالبورصة في نوفمبر الماضي.
شارما خلال احتفالية بمناسبة الإدراج بالبورصة في نوفمبر الماضي.

المدفوعات والإقراض

من أجل توسيع نطاق وصول "باي تي إم"، دعم شارما بطريقة متنامية أنشطة الإقراض الخاصة بها. في حين أن التعامل مع البنوك التقليدية يشكل تحدياً، فإن "باي تي أم" مقتنعة بأنها ستفوز بالمستخدمين في سوق متعطشة للائتمان في الوقت الراهن.

على صعيد كل من أنشطة المدفوعات وعمليات الإقراض، بدأت "باي تى إم" في نشر المزيد من المقاييس. قال شارما إنه كشف عن بيانات أكثر تتعلق بالمستخدمين، وتدفقات الإيرادات، وعمليات صرف القروض، ومعاملة المستثمرين بالتساوي مع أعضاء مجلس الإدارة، وإلى حد الآن، تجاوزت الأرقام التوقعات الداخلية.

أسّس شارما، الذي نشأ كابن لمدرس في بلدة أليغاره الصغيرة الواقعة في وسط الهند، شركة "وان 97 كومينينكيشنس" التابعة لشركة "باي تي إم" منذ ما يفوق عقدين. دشنت الشركة خدمة المدفوعات الرقمية في سنة 2014، ومنذ ذلك الوقت أغرى مجموعة من المستثمرين العالميين بما فيهم "سوفت بنك غروب" التابعة لماسايوشي سون وشركة "بيركشاير هاثاواي" التابعة لوارن بافيت وشركة "آنت غروب" التابعة لجاك ما بالاستثمار في الشركة، التي نمت لتصبح العلامة التجارية الأكثر ذيوعاً في البلد.

رغم أن الأعوام الأولى كانت صعبة، فقد كانت هذه أكثر مرحلة مرهقة على الإطلاق بالنسبة ل"باي تي إم". أبرز الطرح العام الأولي نموذج أعمال الشركة، ما سمح للمستثمرين بالتدقيق عن قرب في منطق الأساس التي تقوم عليه أرباح الشركة وتقييمها. دافع المؤسس عن كليهما، مستشهداً بعمليات الإدراج الناجحة لأقران مجال الإنترنت على غرار "نيكا" (Nykaa) و"زوماتو" (Zomato Ltd.) ونصائح المصرفيين إزاء مرحلة نضج نموذج إيرادات "باي تي إم". هبطت أسهم الشركة بنسبة 27% في اليوم الأول للتداول وهي متراجعة في الوقت الحالي بما يفوق 60% من سعر الطرح العام الأولي.

اعتراف بالخطأ

قال شارما: "بعد الإدراك المتأخر، يظهر أن السعر والتوقيت كانا خاطئين".

اقرأ أيضاً: هل تزيح الهند هيمنة "فيزا" و"ماستركارد"؟

في غضون الشهور الماضية، أخبر شارما المستثمرين أن إستراتيجيته ستتيح ل"باي تي إم" الوصول إلى نقطة التعادل التشغيلية بحلول سبتمبر 2023. قلصت الشركة الإنفاق وتدرس التخلي عن رعاية باهظة الثمن للعبة الكريكيت وإنهاء اتفاقية للاستحواذ على شركة "راهجة كيو بي إي جنرال إنشيورانس" (Raheja QBE General Insurance) للتأمين.

معركة الربحية

يقول المشككون إن تحقيق الربحية ستبقي معركة صعبة. قال المحللون في شركة "ماكواير كابيتال سيكيورتيز (إنديا)" (India Macquarie Capital Securities)، وهم الذين كانوا قد توقعوا في وقت مبكر تراجع سهم "باي تي إم"، في مارس الماضي أن الأسهم ستنخفض أكثر لتبلغ 450 روبية. قال شارما إن عضو مجلس الإدارة والمستثمر الأول رافي أدوسومالي، مؤسس شركة "إليفيشين كابيتال"(Elevation Capital)، أخبره مؤخراً أنه يفضل بلوغ أرباح بقيمة مليار دولار على تحقيق عائدات بقيمة مليار دولار.

قال شارما، عاملاً بما يقول، إن منح الأسهم الخاصة به لن تكون مستحقة إلا عقب بقاء الأسهم أعلى من سعر طرح الاكتتاب العام.

أضاف: "سأكون آخر شخص يجري الدفع له في هذه الشركة". تابع: " في يوم ما قريب، سنحصل على ما نستحق".