بوتين لن يتيح لأوبك الفرصة للمساعدة في خفض أسعار النفط

رفاق النفط
رفاق النفط المصور: يوري كادوبنوف/ فرانس برس
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تجتمع الدول المنتجة للنفط في تحالف "أوبك+" بعد غد الأربعاء للاتفاق على الخطوة التالية في إدارتها للسوق. و لأول مرة منذ عام، تفتقر الدول أعضاء التحالف لسياسة واضحة تصادق عليها، ما قد يؤدي إلى تجمع (افتراضي) مثير للاهتمام.

أعادت مجموعة الدول المنتجة الآن كل كميات الإنتاج التي وافقت على خفضها من قبل في أبريل 2020، وذلك نظرياً على الأقل، مع عودة مستهدف شهر أغسطس مرة أخرى إلى مستوى خط الأساس الأصلي.

أما عملياً، يتأخر إنتاج المجموعة كثيراً، إذ يضخ الأعضاء نحو 2.7 مليون برميل يومياً أقل مما كان مخططاً له في مايو، وهو آخر شهر تتوافر فيه أرقام كاملة للإنتاج.

يُعزى نصف النقص تقريباً إلى روسيا، التي تجنب بعض المشترين الأوروبيين نفطها الخام والمكرر بعد غزو قواتها لأوكرانيا في فبراير. وكان تحويل الصادرات إلى الهند عاملاً مساعداً في تجنب روسيا للتأثير الكامل لحظر الشراء، لكنها لم تعوضها تماماً عن خسارة جزء كبير من سوقها الأوروبية.

دعوة بايدن

يواجه "أوبك+" دعوات لزيادة الإنتاج. فخلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في بداية يونيو، ناشد الرئيس الأميركي جو بايدن مجموعة الدول المنتجة للنفط بضخ المزيد للمساعدة في خفض التضخم الجامح. ويُعتبر اجتماع هذا الأسبوع أول فرصة يناقش فيها كافة الأعضاء هذا الطلب.

اقرأ المزيد: هل تستجيب السعودية لمناشدة ماكرون وبايدن بزيادة إنتاج النفط؟

إذا فكرت مجموعة الدول الأعضاء بجدية في زيادة الإنتاج مرة أخرى، وليس هناك ما يضمن ذلك، فإنها يمكن أن ترفع أهداف الإنتاج للجميع. لكن هذا من شأنه ببساطة زيادة الفجوة بين الإنتاج المخطط والفعلي، لأن بضعة دول فقط ستستطيع ضخّ أكثر من مستوياتها الحالية بالفعل.

من الناحية العملية، فإن السعودية والإمارات هما الدولتان الوحيدتان اللتان تملكان فائضاً كبيراً في القدرة الإنتاجية، وحتى في هذه الحالة تظل التساؤلات تدور حول مقدار ما يمكنهما ضخه.

بالنسبة للبديل الآخر، فسيكون تعويض النقص عند بعض الدول الأعضاء في "أوبك+" من خلال السماح لتلك التي لديها فائض في القدرة الإنتاجية بضخّ المزيد، عبر إعادة توزيع الحصص غير المستغلة من الأهداف الحالية. هذا النهج قد يكون منطقياً، لكن حتى الآن لم تظهر المجموعة أي رغبة في سلوك هذا المسار. ويُحتمل أن تظهر مقاومة لأي خطة تستهدف إعادة توزيع حصص الإنتاج غير المستغلة.

لا شك أن اتساع الفجوة بين الإنتاج المستهدف والفعلي يقوض مصداقية "أوبك+". وقد أصبح صعباً بالنسبة للمجموعة أن تدافع عن الادعاء بأنها تحقق استقرار سوق النفط عندما تحلّق الأسعار وعندما لا تتشابه خطط الإنتاج لديها كثيراً مع الواقع.

إشكالية حصة روسيا

لا أعتقد أن روسيا ستتخلى عن أي نسبة من حصتها في مستهدف الإنتاج لدول أخرى أعضاء في التحالف، حتى ولو مؤقتاً، ما لم تحصل على شيء في المقابل. لقد أنفقت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الكثير من رأس المال السياسي لجلب موسكو إلى هذه المجموعة الأوسع، وستفعل أي شيء تقريباً لإبقائها ضمن التحالف. ولن تلغي المجموعة على الأرجح مساواة مستهدف الإنتاج عند روسيا مع مستهدف السعودية، وهذا من شأنه جعل إعادة توزيع الحصص غير المستخدمة من مستهدفات الدول الأخرى عملية إشكالية.

في الوقت نفسه، لا يمكن الاعتماد على دعم روسيا لأي شيء من شأنه خفض أسعار النفط بشكل كبير، خاصة أن الباعة الروس اضطروا إلى عرض تخفيضات كبيرة لإقناع مصافي التكرير في الهند بمعالجة نفطهم الخام.

أسعار النفط تقفز أكثر من 2% والأنظار تتجه لاجتماع "أوبك+"

تمّ تداول نفط الأورال من الدرجة التصديرية في روسيا بخصم يقارب 35 دولارا في كل برميل عن خام برنت القياسي في شهري أبريل ومايو. ورغم تراجع مقدار هذا الخصم مؤخراً، إلا أن الأورال ظل متداولاً عند مستويات أدنى من برنت بمقدار 25 دولاراً للبرميل في الشهر المنتهي في منتصف يوليو.

زيادة الطلب

هذا قد يستبعد تحقيق زيادة كبيرة في أهداف الإنتاج، لأن روسيا لا تريد حتى انخفاض أسعار النفط. ويحتاج الكرملين إلى الاستمرار في ملء خزائنه لتمويل حربه في أوكرانيا، وهو بالتأكيد يستمتع بالألم الذي تسببه أسعار الطاقة المرتفعة لأولئك الذين يعارضونه.

مع ذلك، يبيّن محللو منظمة "أوبك" زيادة الحاجة إلى نفطها . فالعالم سيحتاج إلى نحو 30.5 مليون برميل يومياً من هذه المجموعة خلال الفصل الحالي لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وهذا يمثّل زيادة قدرها 1.74 مليون برميل يومياً عما ضخته دول المنظمة الـ13 في يونيو.

يستخدم المستهلكون أكثر من مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات المكررة الخاصة بمخزونات الطوارئ، لكن معظم هذا الاستهلاك سينتهي في أكتوبر. إذا لم تسدّ أوبك هذه الفجوة، فإما أن ترتفع الأسعار أو ينخفض الطلب، وعلى الأرجح سيتبع أحد الأمرين الآخر.

اقرأ أيضاً: الرؤساء لا يحركون الأسعار.. فلماذا كل هذه التغريدات؟

جدير بالذكر أن هذا أول اجتماع ستعقده "أوبك+" منذ أكثر من عام دون خطة إنتاج متفق عليها مسبقاً. وهذا يجب أن يسمح للمجموعة بإجراء تقييم مناسب لما يحتاجه العالم حقاً منها، لكنني أخشى أن تحبط يد الكرملين الثقيلة أي محاولة جادة لخفض أسعار النفط.