البنوك الأميركية تجتاز أحدث اختبار إجهاد لكنها غير سعيدة

تهدف اختبارات الإجهاد لتحري قدرة البنوك على اجتياز أحوال كارثية تفادياً للأزمات المالية الكبرى

رئيس مجلس إدارة "جيه بي مورغان تشيس" جيمي ديمون
رئيس مجلس إدارة "جيه بي مورغان تشيس" جيمي ديمون المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تمقت بنوك وول ستريت اختبارات الإجهاد المصرفية، لكن يمكن القول إنَّها مدينة لها بالكثير. تُخضع الفحوصات التنظيمية التي يجريها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، التي بدأها بعد أزمة 2008 المالية لتفادي تكرارها، ميزانيات البنوك لسيناريوهات كارثية ليقيس مدى نجاحها بتخطيها. ارتكز اختبار البنوك هذا العام على مزيج افتراضي من ازدياد البطالة وانهيار أسعار العقارات وهبوط الأسهم.

متداول سابق في "جيه بي مورغان" يشهد أن قسم تداول الذهب بالبنك خدع السوق

اجتاز أكبر 33 بنكاً في الولايات المتحدة امتحان هذا العام. لكنَّ النتائج أثارت غضب بعضهم، فقد أُبلغ "جيه بي مورغان تشيس أند كو" و"سيتي غروب" أنَّ عليهما زيادة مقدار رأس المال عالي الجودة الذي يحتفظان به في المستقبل للوقاية من الخسائر، ونتيجة لذلك؛ سيوقف البنكان مؤقتاً إعادة شراء الأسهم، أي إعادة الأموال إلى المساهمين.

عملية متقلبة

انتقد جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان" الاختبار، وقال خلال اجتماع فيديو لدى توزيع الأرباح: "إنَّها طريقة مروعة لإدارة نظام مالي". وصف العملية بأنَّها متقلبة ولا يمكن التنبؤ بها، كما اشتكى من أنَّها قد تجبر البنوك بشكل عام على تقليل إقراض الرهن العقاري لذوي الدخل المنخفض. أضاف: "هذا ليس فيه منفعة تعود على (جيه بي مورغان)، لكنَّه يضر بهذا البلد".

ديون المستهلكين لا تضغط حتى الآن على البنوك

تعد القروض أصولاً في المحاسبة المصرفية، كما أنَّ مطالبة البنك برفع النسبة المئوية لرأس المال مقارنة بالأصول لا تجبره على تقليل الإقراض. يمكن للبنوك زيادة رؤوس أموالها عبر جمع الأموال من المساهمين أو عبر الاحتفاظ بالأرباح، وهو ما يجعلها أكثر أماناً. سيكون رأس المال المصرفي الأعلى جودة بهذه الطريقة مشابهاً للفارق بين ثمن منزلك والرهن العقاري الباقي عليه، فهو المال الذي لا يضطرك لبذل جهد لسداده إذا مالت السوق ضدك، لأنَّك لم تقترضه أساساً.

درجة الانخراط

غالباً ما تفضّل البنوك تمويل إقراضها وزيادة أصولها عن طريق اقتراضها المال، عبر إصدار السندات مثلاً، لأنَّ ذلك أكثر ربحية في الأوقات الجيدة. لكنَّ الهدف من اختبارات الإجهاد هذه هو منع دافعي الضرائب من الاضطرار إلى إنقاذ البنوك التي تحمل كثيراً من المخاطر. قال ريتشارد سيلا، الأستاذ الفخري للاقتصاد في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك: "إنَّ طريقة القيام بذلك هي التأكد من أنَّ هذه المؤسسات منخرطة في اللعبة، والمقصود بهذا توظيف المزيد من رأس المال". لدى البنوك الأميركية اليوم رأسمال يقارب 13% من إجمالي الأصول حسب مقياس رئيسي واحد يتكيف مع المخاطر، مقارنة مع حوالي 8% قبل الأزمة المالية.

كيف يرى قادة الصناعة المالية شكل الأسواق عام 2052؟

يركز النقد الأخير الذي وجهه ديمون لتشريعات ما بعد الأزمة، وهو الذي اعترض كثيراً على تعقيدها، على ما اعتبره نتيجة غير واقعية لاختبار الإجهاد. قال: "أعتقد أنَّها افترضت خسارتنا 44 مليار دولار... لا يمكن أن يكون هذا السيناريو صحيحاً"، وذلك استناداً إلى "قوة الأرباح الأساسية الضخمة للبنك" والإيرادات الثابتة في الخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الأصول ومجالات أخرى. تشكو البنوك من أنَّ كيفية احتساب الاحتياطي الفيدرالي تشبه صندوقاً أسوداً يحرمهم من معرفة ما إذا كانوا يخصصون رأس المال للنشاطات الصحيحة.

مقيتة لكنها مفيدة

قال مايك مايو، المحلل المصرفي في "ويلس فارغو" (Wells Fargo): "أحب اختبار الإجهاد الذي يجريه بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأكرهه في الوقت نفسه". يعجبه أنَّ البنوك أقل عرضة للفشل الآن، وهو ما لا يستهان به فيما تتجه أجزاء أخرى من الاقتصاد مثل التضخم وثقة المستهلك والعملات المشفَّرة في الاتجاه الخاطئ. أضاف: "لكنَّني أكره أيضاً اختبارات الإجهاد التي يجريها بنك الاحتياطي الفيدرالي بسبب الطبيعة المتقلبة لنتائجها".

بنوك "وول ستريت" تجوب الأسواق الأمريكية بحثاً عن مقترضين جُدد

مع ذلك؛ يعتقد بعض المحللين أنَّه يجب دفع هذا الثمن الضئيل. كتبت كاثلين شانلي، المحللة في "غيمّي كريديت" (Gimme Credit) شركة الأبحاث المستقلة، في مذكرة للعملاء: "لا شك أنَّ آلية الاختبار أداة غير مثالية، لكن يبدو أنَّ أكبر مشكلة من منظور (جيه بي مورغان) تتمثل في أنَّ نتائج الاختبار تنطوي على قدر من السطوة" وبإمكانها إجبار "جيه بي مورغان" ليكون أكثر تحفظاً في عمليات إعادة الشراء. غالبية قراء مذكرتها هم من أصحاب السندات، الذين يفضّلون أن تكون البنوك أكثر أماناً حتى لو كان ذلك يعني حصول مستثمري الأسهم على توزيعات أقل. كتبت شانلي: "لم تُذكر حقيقة أنَّ نسب رأس المال المرتفعة قد تفيد البنك، بل وتخفّض تكاليف تمويله بمرور الوقت".

لدى أنات أدماتي، أستاذة المالية والاقتصاد في كلية الدراسات العليا للأعمال بجامعة ستانفورد، انتقادات حول الاعتماد على اختبارات الإجهاد، وتوافق على أنَّها معقدة للغاية. لكنَّها ممن يدعون لمطالبة البنوك بحيازة مزيد من الأسهم لامتصاص الخسائر بدلاً من ذلك. باستثناء ذلك؛ فإنَّها تقول إنَّ اختبارات الإجهاد هي طريقة "يحاول المنظمون عبرها أن يمنعوا وقوع كوارث بشكل ما" على الأقل.