تعافي النفط في ليبيا يقف على أقدام سياسية مرتعشة

الانقسامات تهدد الحفاظ على استقرار صادرات البترول

أبراج تكرير وخزانات وقود في مصفاة الزاوية بالقرب من طرابلس، ليبيا.
أبراج تكرير وخزانات وقود في مصفاة الزاوية بالقرب من طرابلس، ليبيا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

صعد إنتاج ليبيا من النفط في الأسبوعين الماضيين، مما يجلب أملاً في استقرار صادرات الدولة العضوة في منظمة "أوبك" عند مستوى يفوق مليون برميل يومياً، وأن تدعم السوق العالمية الضيقة.

رغم ذلك، يتعين على أي شخص يبحث عن علامات على مدى استدامة التعافي أن يأخذ في الاعتبار العامل المحفز لذلك، وهو: الإطاحة برئيس شركة النفط الحكومية بالقوة، حيث أُجبر مصطفى صنع الله، الذي يُقيم حالياً في تركيا، على مغادرة المؤسسة الوطنية للنفط عقب وصول قوات حكومية إلى مقرها في العاصمة طرابلس منتصف يوليو الماضي.

منذ عزله، أقنعت الحكومة الميليشيات المسلحة بإعادة فتح العديد من حقول النفط والموانئ، حيث خففت الشحنات الإضافية من الضغط الواقع على سوق الطاقة الأوروبية المضغوطة. رغم ذلك، فإن طريقة إقالته تعبر عن الانقسامات السياسية الحادة التي ما زالت تمثل محنة للبلاد.

مخاوف أمنية

قال جليل حرشاوي، المتخصص في شؤون ليبيا بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهي مؤسسة فكرية، إن "القرار تحول إلى جدال كبير" بين السياسيين في طرابلس. وتابع: "سيؤدي إلى كافة أنواع الأزمات قصيرة المدى، بداية من غياب الأمن وصولاً إلى الاشتباكات المحتملة".

اقرأ أيضاً: ليبيا ترفع حالة القوة القاهرة عن كل حقول وموانئ تصدير النفط

قال محمد عون، وزير النفط الليبي، لبلومبرغ الأسبوع الماضي، إن إنتاج الدولة التي تقع في شمال أفريقيا تعافى للمستويات الطبيعية عند 1.2 مليون برميل في اليوم تقريباً.

تعطل الإنتاج

عادت ناقلات النفط، التي كانت تحوم قبالة الساحل منتتظرة فتح الموانئ، إلى الشواطئ الليبية لتحميل الخام. وصل متوسط ​​الصادرات إلى 589 ألف برميل يومياً في يوليو الماضي، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2020، بحسب بيانات تعقب الناقلات جمعتها بلومبرغ. لكن الشحنات تضاعفت في النصف الثاني من الشهر الماضي.

اقرأ المزيد: تعافي شحنات النفط الليبية بعد رفع حظر الإنتاج والتصدير

انهارت عمليات الإنتاج في منتصف أبريل الماضي عندما أغلق المتظاهرون بالقوة العديد من مواقع النفط ومحطات التصدير. طالب كثيرون بتنحي عبد الحميد الدبيبة، رئيس الوزراء المعترف به من قبل الأمم المتحدة الذي يقيم في طرابلس غرب البلاد. يعتبر منافسه الرئيسي، فتحي باشاغا، الذي يزعم توليه أيضاً لرئاسة الوزراء وينال غالبية تأييده من شرق البلاد.

استبدلت حكومة الدبيبة، صنع الله بفرحات بن قدارة، محافظ البنك المركزي الأسبق في عهد الديكتاتور معمر القذافي، وهي خطوة يُنظر إليها كوسيلة لإرضاء أصحاب النفوذ في الشرق، بمن فيهم الجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر مؤيدوه على عدة حقول نفطية ليبية.

مؤسسة النفط

انجرّت المؤسسة الوطنية للنفط إلى صراع السياسة الليبية تحت قيادة صنع الله، الذي تقلد منصب رئيس مجلس الإدارة منذ 2014 وتفاوض مع شركات الطاقة مثل "بي بي" و"إيني". قال بعض السياسيين في شرق البلاد إن الشركة تمنع الأموال عن المنطقة، وهو ما أنكرته المؤسسة.

اقرأ المزيد: الفوضى السياسية في ليبيا تفاقم أزمة إمدادات النفط العالمية

عارض عون مساعي صنع الله كذلك. وحاول وزير النفط مرات عديدة إقالة صنع الله عقب تعيينه مطلع السنة الماضية. كان هو الشخص الأول الذي يشغل هذا المنصب منذ 2015، ما أنهى حالة من الفراغ التي سمحت لصنع الله بإدارة قطاع الطاقة بفاعلية بنفسه.

غرقت ليبيا في الفوضى منذ الإطاحة بالقذافي عام 2011. كان هناك هدوء نسبي منذ اتفاق الأطراف المتناحرة على وقف إطلاق النار في منتصف 2020. لكنها بدت هشة بشكل متزايد عقب إلغاء الانتخابات الرئاسية خلال ديسمبر الماضي في اللحظة الأخيرة.

النفط والسياسة

ربما تساعد إقالة صنع الله على المدى القصير، لكن على الأجل الطويل، يقول المحللون إن المواجهة بين الدبيبة وباشاغا لن تُحسم إلا بعد انعقاد الانتخابات.

دون التوصل لحل سياسي؛ سيصعب حفاظ المؤسسة الوطنية على تدفق النفط عند المستويات الحالية، فضلاً عن بلوغ هدف إنتاج الحكومة الذي يتراوح ما بين 2 و2.5 مليون برميل يومياً في غضون 5 أعوام.

قال إلياس صديقي، المدير المعاون في شركة "ويسبرينغ بيل" (Whispering Bell) لإدارة المخاطر: "هذه لحظة هدوء مؤقت منذ بلوغ الانقسامات السياسية مستويات مرتفعة جديدة. الأرجح أن المؤسسة الوطنية للنفط ستحفظ سلامتها خلال الأشهر المقبلة، لكن السياق الراهن يشكل تحدياً لشركات النفط الدولية العاملة في البلاد".

نفط