رئيس "فولكس واجن" يحذر: سنواجه مصير "نوكيا" إذا لم نتطور

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تمرُّ شركة "فولكس واجن" بمنعطف حَرِج، فعلى الرغم من كونها استطاعت النجاة نسبياً من عواقب الوباء، لكنَّها قلقة الآن بسبب ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس.

وتُنتِج الشركة سيارات كهربائية لطرحها في السوق، إلا أنَّ سياراتها تُعَدُّ متخلِّفة عن سيارات "تسلا"، وبالرغم من تمتُّعها بقدرة إنتاج ضخمة، فإنَّها في أمسِّ الحاجة إلى إعادة النظر في سياراتها، وبدء التفكير بها كمركبات مبرمجة، وقابلة للقيادة.

هذه هي المشكلة الأخيرة التي يفكِّر فيها الرئيس التنفيذي هربرت دييس، وموظفو الشركة البالغ عددهم 635 ألف موظف، وذلك لأنَّ تحوُّل الكفاءات بها من القوة الصناعية إلى البراعة البرمجية يشكِّل تحدياً هائلاً لمصنع السيارات المعروف بضخامته، وقوة تخطيطه.

ففي العالم الحديث للسيارات، يقول بعضهم، إنَّّ الشركة الألمانية قد تواجه اضطرابات، فمصير السيارات التي لا تستطيع مجاراة التطوير بالشكل الصحيح سيكون مثل مصير شركة "نوكيا" (Nokia Oyj) في عالم الهواتف، إذ إنَّ الشركات التي لن تتصرَّف بسرعة، وتطوِّر من عملياتها ستواجه مصيراً في غاية الصعوبة.

مراجعة خطط الإنفاق

ويقول دييس البالغ 62 عاماً لـ"بلومبرغ"، خلال لقاء من مقر شركة "فولكس واجن" في مدينة فولفسبورغ الألمانية: "شركة نوكيا تشكِّل مثالاً جيداً لكيفية حدوث هذا التغيير، فإن لم يكُن سريعاً بما يكفي، فلن تستطع النجاة، إنني أذكِّر موظفينا بهذا المثال دائماً ".

وخلال اجتماع عن بُعد استمر مدَّة ساعة، عُقِد قبل أسبوع من الاجتماع السنوي المخصص لمراجعة خطط الإنفاق لمجلس الإشراف في مقر شركة "فولكس فاغن"، ناقش دييس تحضير الشركة لمواجهة "كوفيد-19"، ووصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض، وصعود السيارات الكهربائية، وفي ما يلي متقطفات من المقابلة بعد التحرير والتلخيص:

كيف غيَّر الوباء شركة "فولكس فاغن"؟

نحن نشعر بالتوتر والقلق للغاية من تزايد الإصابات في شتى أنحاء العالم من جديد. حالياً نحن أكثر تحضيراً بالمقارنة مع الموجة الأُولى، لأنَّنا نُجري كثيراً من الفحوص. فعلى سبيل المثال، لدينا هنا فقط في فولفسبورغ القدرة على إجراء ألفَي فحص في اليوم الواحد. لذلك نحاول بأمانة أن نعزل الإصابة بشكل تامٍّ في حال حدوثها، نريد التأكد من أنَّ موظفينا بصحة جيدة، ويتحلّون بالثقة عند قدومهم إلى العمل.

كيف تؤثر رئاسة ترمب أو بايدن في خططكم؟

لدى الديمقراطيين برامج مختلفة، ولدى الرئيس ترمب قيادة مختلفة. وعلى الأرجَّح سيكون البرنامج الديمقراطي أكثر تناسقاً مع استراتيجيتنا العالمية، التي تنصُّ على مكافحة التغيُّر المناخي، وأن تصبح سياراتنا أكثر فأكثر سيارات كهربائية.

لكن من جهة أخرى، استطعنا خلال السنوات الماضية بناء علاقة مبنية على الثقة مع إدارة الرئيس ترمب وحكومته. لقد فعلنا الكثير للإسهام في بناء أمريكا عبر استثماراتنا الكثيرة.

كيف تحافظ على تركيز الأشخاص داخل المؤسَّسة بالرغم من هذا التحوُّل في وجود كل هذه الاضطرابات؟

يفكِّر الناس جميعهم بين الفينة والأخرى في مصير كورونا، لكن على المدى البعيد سيكون التغيُّر المناخي أكبر تحدٍّ يواجه البشرية، والجميع يدرك هذا الأمر. فحتى خلال "كوفيد" رأينا تركيزاً أكبر على السيارات الكهربائية، وبقي التغيُّر المناخي في أذهاننا لتحضير المجتمعات للتغيير. نحن نفكر في كليهما، على المدى القريب "كوفيد"، وعلى المدى البعيد، التغير المناخي.

"فولكس واجن" هي مؤسَّسة ضخمة، وداخل الشركة مصالح مختلفة، كيف تجعلها أكثر مرونة؟

نحن نواجه تحوُّلَين: الأول، هو التحوُّل في المحركات التي تصبح كهربائية، ونحن مستعدِّون بشكل جيد لهذا التحوُّل، ونعمل على تطوير قدرات البطاريات، ونحوِّل مصانع كاملة نحو إنتاج السيارات الكهربائية، ونُجري تدريبات لكوادرنا. وأما بالنسبة إلى كثير من الناس، فسيكون من الصعب أن نختار شيئاً مختلفاً عن السيارات الكهربائية.

أمّا التحوُّل الأكبر الذي يواجه صناعة السيارات، فهو واقع تحوُّل السيارات شيئاً فشيئاً إلى جهاز برمجي، يجمع عدداً ضخماً من البيانات، ثم تتراكم البيانات من الذكاء الاصطناعي، لزيادة المعرفة عن السائق، ووضع الطريق، والسلامة، وبعدها تحسين تصرُّف هذا الجهاز.

هناك قرار سيتوجَّب علينا اتخاذه: هل سنصبح مقدِّمين لهيكل السيارة فقط، لنركِّبه على نموذج يُجهِّزه طرف ثالث، يقدِّم جهازَ كومبيوتر يدير السيارات، أم أنَّنا قادرون على إدماج هذا الجهاز المثير والثمين مع جهاز إنترنت حقيقي؟

هذه هي الكفاءات التي لم تكُن لدينا سابقًا، وبدأنا ببنائها خلال السنوات القليلة الماضية، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل.

لتحقيق ذلك، هل يحتاج مُصنِّعو السيارات لأنظمة تشغيل خاصة بهم؟

نعم، نحتاج إلى نظام تشغيل خاص بنا، لنتمكَّن من إدارة السيارة، والحفاظ على أمانها، وتوصيلها بالبيانات السحابية ((Cloud. وسيتمكَّن نظام التشغيل أيضاً من الحصول على جميع المعلومات من الإنترنت إلى السيارة، وسيكون المعالج هو "عقل" السيارة، ويمكننا أيضاً إعطاء ذلك لجهات أخرى. ونرى أنَّ هذا هو أهمّ سباق، ويشكِّل نقطة مفصلية لصناعة السيارات في السنوات الخمس إلى العشر القادمة.

أنت تقول إنَّ "تسلا" مُنافِس، فهل ترى أي إمكانية للشراكة بينكما؟ يبدو أنك تتمتع بعلاقة جيدة مع السيد إيلون ماسك.

"تسلا" مُنافِس مهمٌّ، وماسك قد حرَّك هذه الصناعة، فلديه معرفة في البرمجيات وقدرات ما نزال بحاجة إلى بنائها. ونحن نعُدُّه مَرجعاً لنا، وإذا نظرنا إلى مستقبلنا، وما يجب أن تكون عليه السيارات، نرى أنَّها يجب أن تصبح كهربائية، وتشبه جهازاً موصولاً بالإنترنت.

نحن نمتلك بعض الميزات المختلفة عن "تسلا"، فعند قيادتك لسيارة "بورش تايكان" (Porsche Taycan)، أو "إي ترون" (e-Tron) ستحصل على منتج مختلف، وفي الحقيقة ستحصل على جودة ممتازة.

نحن نرغب في منافسة "تسلا" واللحاق بها، والتفوق عليها في بعض المجالات، لكن عندما يتعلق الأمر بمعركة قيادة سوق السيارات، فالسباق ما يزال مفتوحاً.

سيُعقد قريباً الاجتماع السنوي لمجلس الإشراف في شركة "فولكس فاغن"، إذ ستُرسَم الخطط المتوسطة الأجل، فهل ستُضطرُّون إلى تقليل الاستثمار؟

لا شكَّ أنَّ الوباء كان مؤثراً، فهناك عدة ملايين من السيارات المفقودة من خططنا، لكن ينبغي علينا التكيف، ونحن لن نضحّي بخريطة طريق الحصول على التكنولوجيا الخاصة بنا، وسنزيد الاستثمار في مجال البرمجيات، والقيادة الذاتية، والسيارات الكهربائية، لكن بلا شك نحن نضع مزيداً من الضغط على مدى تعقيد منتجنا، و

لايمكننا العمل في كل المجالات.

كيف تقيس النجاح لنفسك؟

أعتقد أنَّنا أفضل الشركات استعداداً لعصر السيارات الكهربائية، إذ ستكون أوروبا أحد أهمّ مراكز هذا التحوُّل، وما يجعلني سعيداً هو أنَّنا على أتمِّ الاستعداد.

وعند تقييم مدير شركة سيارات، يجب عليك أن تنظر إلى ما سيحصل بعد ثلاث سنوات من الآن على الأقل، وربما أربع سنوات، وهذا يعتمد على ما نقرِّره اليوم.

أنا متفائل جداً بخصوص السنوات الثلاث المقبلة لشركة "فولكس فاغن". والأهمُّ هو إدارة هذا الانتقال، ففي عامَي 2024 و2025 ستصبح السيارات فعلياً أجهزة تقنية ذكية، وموصولة بالإنترنت، وتقدٍّم القيادة الذاتية. وأنا آمل أن نكون قد اتخذنا القرارات الصائبة.