الزيادة "الضئيلة" لإمدادات النفط تُظهر أن طاقة "أوبك" لمساعدة بايدن محدودة

خطوط أنابيب النفط تمر عبر الجعيمة في مصفاة نفط رأس تنورة التابعة لشركة أرامكو، المملكة العربية السعودية
خطوط أنابيب النفط تمر عبر الجعيمة في مصفاة نفط رأس تنورة التابعة لشركة أرامكو، المملكة العربية السعودية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عاد الرئيس الأميركي جو بايدن من المملكة العربية السعودية الشهر الماضي واثقاً من أن زيارته أسفرت عن وعدٍ بتهدئة أسعار النفط. لكن أمس الأربعاء، أقرّ تحالف "أوبك +" زيادةً "رمزية" في المعروض، مشيراً إلى أن إمكاناته لتقديم المساعدة بهذا الصدد محدودة.

"الخطوات الجديدة" من قِبل السعوديين بشأن إنتاج النفط التي توقعها البيت الأبيض بعد تحية بايدن التصالحية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تبيّن أنها إحدى أصغر الزيادات في تاريخ "أوبك" الممتد لستة عقود. حيث أقرّت المنظمة وحلفاؤها 100 ألف برميل يومياً إضافية في سبتمبر.

فيما يغادر بايدن المملكة.. السعوديون يؤكدون أن قرار النفط يعود لتحالف "أوبك+"

مثل هذا المقدار الصغير، الذي يمثل 0.1% فقط من الطلب العالمي، يوفر القليل من الراحة للمستهلكين الذين يعانون من الضغوط التضخمية لأسعار النفط، وبمثابة مكافأة ضئيلة على جهود الرئيس بايدن الدبلوماسية.

في شرحٍ لمبررات هذه الزيادة المحدودة بعد اجتماعهم، سلّطت "أوبك" وحلفاؤها الضوء على مشكلة أساسية تفسر سبب بقاء سعر النفط قرب 100 دولار للبرميل.

فقد انخفضت الإمدادات الخاملة في الشرق الأوسط إلى مستويات "ضئيلة للغاية"، تبلغ حوالي مليوني برميل يومياً، أي 2% من الطلب العالمي، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

تحالف "أوبك+" اعتبر في بيانه أن هذه الطاقة الإنتاجية الفائضة "المحدودة للغاية" يجب استخدامها "بحذر شديد كاستجابة لإمكانية حدوث انقطاعات شديدة في الإمدادات".

سواء كان غير راغب أو غير قادر على زيادة الإنتاج بشكل كبير، انتهى الأمر بتحالف "أوبك+" بعدم تقديم شيء تقريباً للسوق.

هيليما كروفت، كبيرة المحللين الاستراتيجيين في "آر بي سي كابيتال ماركتس"، رأت أن "القرار سيغذي الرواية القائلة بأنه لم يتبقَ سوى القليل في جعبة التحالف النفطي".

هبوط الأسعار

من جانبهم، عبّر مسؤولون في إدارة بايدن عن رضاهم بالنسبة لقرار (زيادة الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يومياً) في سبتمبر، لأن "أوبك+" سارع بالفعل لزيادة المعروض خلال يوليو وأغسطس.

ضخ السعوديون 10.78 مليون برميل يومياً في يوليو، وفقاً لمسح أجرته بلومبرغ، وهو مستوى لم يتم بلوغه إلاّ في مناسباتٍ نادرة.

إنتاج نفط "أوبك" في يوليو دون المستهدف والاحتياطي الأميركي يواصل التراجع

وصرح آموس هوكستين، كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي، بمقابلة في واشنطن: "بنهاية المطاف، لا نبحث عن عدد البراميل.. بل عمّا إذا كانت أسعار النفط تنخفض من أعلى مستوياتها؟"

بعد ارتفاعها عقب قرار "أوبك+"، انخفضت أسعار النفط المعيارية، حيث أظهرت البيانات الأميركية انخفاضاً غير منطقي في الطلب على الوقود. وهبط خام برنت 3.2% إلى 97.36 دولار للبرميل في الساعة 5:56 مساء الأربعاء.

"من منظور توازن السوق العالمية، فإن الزيادة الضئيلة في الحصص - الأصغر منذ عام 1986 من حيث الكمية المطلقة، والأصغر على الإطلاق من حيث النسبة المئوية- بمثابة ضجة"؛ كما يرى بوب مكنالي، رئيس مجموعة "رابيدان إنرجي" الاستشارية، ومقرها واشنطن، والمسؤول سابق في البيت الأبيض.

إلى ذلك، قد يخدم الامتناع عن إقرار زيادة كبيرة في المعروض النفطي مصالح أُخرى لـتحالف "أوبك+"، لاسيما لناحية رغبته في الحفاظ على الروابط مع موسكو.

قبل الاجتماع، قال مندوبون لدول أعضاء في التحالف بجلساتٍ خاصة إنهم لا يرون حاجة لتعويض المعروض من النفط بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، بحجة أن صادرات البلاد ظلّت قوية رغم الإجراءات التي تستهدفها.

بعد الاجتماع، قال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك لقناة "روسيا 24" الحكومية إن "هناك شكوكاً بشأن السوق يجب أن تُؤخذ في الاعتبار"، مثل سلالات كورونا الجديدة، والقيود المفروضة على مبيعات النفط الروسية. لذلك، "نتخذ مثل هذه القرارات التي تتسم بالحذر اليوم"، بحسب نوفاك.

البُعد السياسي

لم يكن منتقدو إدارة بايدن مقتنعين بأن البيت الأبيض قادر على ادعاء أي نجاح لجهوده في تعزيز إنتاج النفط.

السناتور كيفين كرامر، وهو جمهوري من "نورث داكوتا"، قال: "سافر الرئيس بايدن إلى النصف الأخر من العالم ليستجدي دولة كان يعتبرها ذات يوم "منبوذة" للحصول على مزيدٍ من النفط". واصفاً ما حدث بمثابة "إهانة" لأننا "نستطيع إنتاج المزيد في بلادنا حال تذليل العقبات".

كانت زيارة بايدن إلى السعودية بمثابة تحوّل كبير في السياسة. إذ كان الرئيس الأميركي تعهد بمعاقبة المملكة على مقتل الكاتب الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، لكن مع تعطل إمدادات الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، عادت أهمية الشراكة القائمة منذ عقود مع الرياض.

مساء أول أمس الثلاثاء، وافقت الولايات المتحدة على بيع أسلحة بقيمة 3.05 مليار دولار، بما في ذلك صواريخ "باتريوت" إلى الدولة صاحبة الوزن الثقيل في الشرق الأوسط.

بنظر إسحاق بولتانسكي، مدير أبحاث السياسات في شركة "بي تي آي جي" للوساطة، ومقرها واشنطن، فإنه "من الصعب تقدير مدى خيبة الأمل لقرار "أوبك+" لدى إدارة بايدن.. بصراحة هذا هو المعادل الجيوسياسي لصفعة على الوجه".