بسبب أزمة الطاقة.. برودة آسيا قد تحرم أوروبا من الدفء في الشتاء القادم

 المنافسة الدولية على الوقود ارتفعت منذ أن قلب الغزو الروسي لأوكرانيا تدفقات التجارة العالمية، ما أدى لارتفاع أسعار الفحم والغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية
المنافسة الدولية على الوقود ارتفعت منذ أن قلب الغزو الروسي لأوكرانيا تدفقات التجارة العالمية، ما أدى لارتفاع أسعار الفحم والغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية المصور: عاصم حفيظ / بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بينما تحاول أوروبا فطم نفسها عن الوقود الروسي والسباق لتأمين ما يكفي من الغاز الطبيعي والفحم، يعتمد سعيها للحفاظ على دفئها هذا الشتاء بشكل كبير على ثلاث دول في الجانب الآخر من العالم، ألا وهي اليابان وكوريا الجنوبية والصين.

من بين أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال والفحم المنقول بحراً في العالم، تشترك الدول الآسيوية في ذروة الطلب على التدفئة خلال فصل الشتاء مع أوروبا. لكن ما زال الوقت مبكراً لوضع خبراء الأرصاد الجوية تنبؤات دقيقة لأنماط الطقس في فصل الشتاء، لكن أي توقعات بانخفاض حاد في درجات الحرارة في الدول الثلاث قد يثير منافسة أكثر حدة على الشحنات.

زادت المنافسة الدولية على الوقود منذ أن قلب الغزو الروسي لأوكرانيا تدفقات التجارة العالمية، ما أدى لارتفاع أسعار الفحم والغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية. في أوروبا، ويبدو أن الضغط على وشك أن يصبح أكثر إحكاماً، حيث تعتزم المفوضية الأوروبية فرض حظرٍ كاملٍ على الفحم الروسي ابتداءً من هذا الأسبوع، بينما خفضت شركة "غازبروم" تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا. كانت روسيا تاريخياً أكبر مورد للغاز في الاتحاد الأوروبي، حيث غطت حوالي 40% من الطلب.

قال أبهيشيك روهاتغي، محلل في "بلومبرغ إن إي إف" إن "الطقس يُعدّ بالطبع ورقة رابحة لليابان وكوريا بشكل خاص، فقد يؤدي الشتاء الأشد برودة من المعتاد إلى ارتفاع الأسعار إذا استمر انخفاض الإمدادات الروسية إلى أوروبا، حيث سيصعب جداً إيجاد شحنات فورية إضافية".

خفض الاستهلاك

تتسابق الدول الأوروبية للاستعداد للشتاء وخفض استهلاك الغاز وتعزيز واردات الغاز الطبيعي المسال لملء الخزانات، وكذلك إعادة تشغيل محطات توليد الطاقة بالفحم المتوقفة. قدمت آسيا مساعدات لتلك الدول حتى الآن، حيث خفّضت الصين وارداتها من الفحم والغاز الطبيعي المسال بعد تعزيز الإنتاج المحلي، بجانب معاناتها من تباطؤ اقتصادي بسبب الإغلاق الوبائي.

كذلك، أنتجت الدول الآسيوية الثلاثة مزيداً من الطاقة من مصادر متجددة. فقد سجلت اليابان وكوريا الجنوبية أرقاماً قياسية في الطاقة الشمسية في مايو، بينما استخدمت الصين كمية فحم أقل خلال النصف الأول من العام الجاري مع زيادة مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الكهرومائية.

معاناة الدول الفقيرة

مع ذلك، عززت المشتريات الإضافية من أوروبا تكاليف الغاز الطبيعي المسال والفحم الفوري إلى مستويات قياسية هذا العام. تعاني الدول النامية مثل بنغلاديش وباكستان بالفعل من انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي نظراً لعدم قدرتها على دفع ثمن شحنات من شأنها المساعدة في إبقاء الأضواء مضاءة.

يمكن أن تصبح المنافسة أكثر شراسة مع اقتراب فصل الشتاء. بمجرد أن تبدأ اليابان وكوريا الجنوبية في تكوين مخزوناتهما من الغاز، قد يشهد سوق الغاز الطبيعي المسال الفوري مزيداً من عمليات الشراء من تلك الدول، بحسب "بلومبرغ إن إي إف". كذلك، يعد مخزون اليابان من الفحم منخفضاً للغاية وستحتاج الدولتان إلى زيادة مشترياتهما من وقود محطة الطاقة مع اقتراب نهاية العام.

يُتوقع أن تكون إمدادات الطاقة في اليابان محكمة هذا الشتاء، ما دفع الحكومة لمطالبة المرافق باستئناف العمل في بعض محطات الطاقة الحرارية المتوقفة عن العمل والتأكد من صيانتها بشكل صحيح وامتلائها بالوقود.

قال علي أصغر، المحلل في "بلومبرغ إن إي إف": "شحنات الفحم، خاصة تلك التي تضم فحم عالي المحتوى من الطاقة المستخدم في اليابان وكوريا، يرتفع الطلب عليها ويُتعاقد عليها في الغالب. وستتقاتل اليابان وكوريا مع أوروبا للحصول على معظم الشحنات الفورية".

في الوقت نفسه، يُعدّ وضع الصين مريحاً أكثر، حيث ترك إنتاج الفحم القياسي بجانب انخفاض الطلب على الطاقة المخزونات عند أعلى مستوياتها على الإطلاق في منتصف العام. وحتى مع قطع روسيا لإمدادات الغاز المنقول عبر الأنابيب إلى أوروبا، فإنها تزيد التدفقات على خط جديد إلى شرق الصين، ما يحافظ على وفرة المخزونات رغم انخفاض واردات الغاز الطبيعي المسال.

قال شيزو تشو، رئيس الطاقة العالمية ومصادر الطاقة المتجددة في "آي إتش إس ماركت" (IHS Markit): "إذا كان هناك شتاء قارس البرودة، فقد تحتاج اليابان وكوريا الجنوبية إلى شحنات فورية إضافية، وبالتالي يمكنها التنافس على الأرجح مع المشترين الأوروبيين". وتابع: "من ناحية أخرى، يُحتمل أن تلجأ الصين إلى مزيدٍ من الفحم المحلي".