"الشيوخ" الأميركي يمرر مشروع قانون تاريخي بشأن الضرائب والمناخ والدواء

تشاك شومر يتحدث خلال مؤتمر صحفي بعد أن أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون تاريخي في واشنطن
تشاك شومر يتحدث خلال مؤتمر صحفي بعد أن أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون تاريخي في واشنطن المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مرر مجلس الشيوخ مشروع قانون تاريخي للضرائب والمناخ والرعاية الصحية، ما يسرع من صدور نسخة معدلة بصيغة مخففة من برنامج العمل المحلي الخاص بالرئيس الأميركي جو بايدن، لتصبح قانوناً بعد عام من الصراع الداخلي بين الديمقراطيين، الذي لم يكن البيت الأبيض قادراً على السيطرة عليه.

جاء التصويت على مشروع القانون بموافقة 51 ديمقراطياً، مقابل معارضة 50 جمهورياً، مع إدلاء نائبة الرئيس كامالا هاريس بصوتها لكسر التعادل عقب ماراثون تصويت امتد طوال الليل على التعديلات. وينتقل حالياً مشروع القانون إلى مجلس النواب، حيث من المنتظر أن تمرره الأغلبية الديمقراطية الجمعة المقبلة.

اعتبر الديمقراطيون أن مشروع القانون هو أكبر استثمار في مكافحة التغير المناخي في تاريخ الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يساهم في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحوالي 40% من مستويات 2005 مع حلول نهاية العقد الجاري. صفق الديمقراطيون وتعانقوا لدى التصويت على تمرير المقطع الأخير.

اقرأ أيضا: "ساندرز": حان الوقت لكي يغير "الشيوخ" مساره بشأن أجندة "بايدن"

قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، عقب التصويت: "أخبرت مجموعتي الحزبية طيلة الوقت، بمن فيهم أكثر الأشخاص المناصرين للبيئة، أننا سنكون مضطرين إلى تجرع بعض الأمور السيئة للوصول لأمور جيدة، لكن الأمر الذي كان يوجهني دائماً هو خفض 40% من كمية الكربون التي تندفع داخل الغلاف الجوي".

يهدف التشريع أيضاً إلى منع الشركات الكبرى من استغلال الإعفاءات الضريبية لسداد ضرائب ضئيلة، إن وجدت، وسيسمح لبرنامج الرعاية الصحية أو "ميديكير" بالتفاوض حول أسعار الأدوية للمرة الأولى. كما يستهدف تطبيق أول خفض ملموس في عجز الميزانية منذ ما يفوق 10 أعوام.

أشاد "بايدن" بالديمقراطيين في مجلس الشيوخ لدفعهم لنجاح التصويت.

قال الرئيس الأميركي في بيان يشيد بعملية التصويت: "تطلب الأمر كثيراً من الحلول التوافقية ويؤدي فعل أشياء مهمة إلى ذلك في كافة الأحوال تقريباً".

احتج الجمهوريون، المتحدون في المعارضة، بأن ذلك لن ينهي المستويات التاريخية لمعدلات التضخم، وسيفرض ضرائب قد تدفع الاقتصاد الأميركي إلى الدخول في حالة ركود.

الإنفاق والضرائب

دفع زعيم الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بأن "الزيادات الضريبية بمئات المليارات أثناء ركود اقتصادي ستقضي على الوظائف".

كان تصويت مجلس الشيوخ ثمرة نزاع على مدى سنة ونصف بين الديمقراطيين داخل الحزب بشأن نطاق مشروع القانون، الذي كان بايدن ذات مرة يطمح إلى أن يكون كاسحاً للغاية بقدر ينافس مشروع الرئيس الأميركي السابق فرانكلين ديلانو روزفلت "الاتفاق الجديد".

أخيراً، كان الأمر يتعلق باثنين من الديمقراطيين المعارضين المعتدلين، السيناتور جو مانشين وكيرستن سينيما، اللذين كانت أصواتهما أساسية في تصويت مجلس الشيوخ 50 مقابل 50، واللذين رفضا رفع الضرائب وتوسيع الإنفاق. تفاوض بايدن مع مانشين وسينيما في بداية الأمر، لكن الصفقة التي أحيت من جديد مشروع القانون تم التوصل إليها داخل مبنى "كابيتول هيل" بالكامل.

العناصر الأساسية للتشريع

  • سيُسمح لبرنامج "ميديكير" بالتفاوض على أسعار الأدوية، وستكون البداية بـ10 أدوية مرتفعة الثمن مع حلول منتصف هذا العقد وسيتم التوسع من تلك النقطة. سيقلص ذلك تكاليف الأدوية التي تُدفع من أموال كبار السن- خاصة المسجلين في الجزء (D) بمبلغ 2000 دولار للعام. أعفى المستشار البرلماني في مجلس الشيوخ شركات تصنيع الأدوية من أي عقوبات جراء رفع الأسعار في السوق التجارية. ستُستخدم الأموال المتوفرة لبرنامج "ميديكير" لسداد أقساط برنامج "أوباما كير" المدعومة لمدة 3 أعوام.
  • يسمح مشروع القانون بحجم إنفاق على المناخ والطاقة يصل لنحو 374 مليار دولار مثل الإعفاءات الضريبية الموسعة لمشروعات الطاقة المتجددة. يزيل التشريع حدود الائتمان الضريبي للشركة المصنعة البالغة 7500 دولار لمشتريات السيارات الكهربائية، ما يعد دفعة لصانعي السيارات الكهربائية على غرار شركة "تسلا". لكن سيتوجب أن يتم تصنيع المركبات في أميركا الشمالية وستضطر الشركات إلى وقف اعتمادها على الصين سريعاً فيما يتعلق بسلاسل توريد البطاريات. مارست بعض شركات تصنيع السيارات مثل شركتي "فورد موتور" و"جنرال موتورز" ضغوطاً من أجل إجراء تعديلات على حجم الائتمان.
  • ستُجمع الإيرادات الحكومية من خلال فرض ضريبة شركات 15% كحد أدنى على الشركات الكبرى، ورسم دمغة 1% على قيمة عمليات إعادة شراء الأسهم، ودعم بمقدار 80 مليار دولار لدائرة الإيرادات الداخلية لتطبيق القانون.
  • سيضر الحد الأدنى لضريبة الشركات أقل من 150 شركة في العام. تستطيع شركات التكنولوجيا على غرار "غوغل" التابعة لـ"ألفابت" و"فيسبوك" التابعة لـ"ميتا" تحمل عواقب الضريبة. إلا أن تعديلات اللحظة الأخيرة ضيقت نطاقها بهدف حماية شركات الملكية الخاصة، وأيضاً الشركات التي تستثمر بكثافة في المعدات والمرافق، مثل شركات التصنيع.
  • تغاضى محللو وول ستريت عن ضريبة إعادة شراء الأسهم بطريقة كبيرة، رغم أن البعض أشار إلى أنها ربما تشجع الشركات على إطلاق عمليات توزيع أرباح على إعادة شراء الأسهم لزيادة أسعار الأسهم. استغلت شركات "أبل" و"جيه بي مورغان" و"مايكروسوفت" عمليات إعادة شراء الأسهم كاستراتيجية لرفع أسعار الأسهم في الأعوام الأخيرة.

تشريع جدير بالمتابعة

تُستحَق متابعة الزيادات الضريبية حتى لمن لم يتضرر. عمل الديمقراطيون وبايدن على وقف التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2017، بما فيها معدل ضريبة الشركات، الذي بقي دون أن يمُس. كما أن ذوي الدخل المرتفع، بمن فيهم المليونيرات والمليارديرات، لن يتحملوا ضرائب أعلى أيضاً.

طالبت سينيما بأن يحتفظ مشروع القانون بالإعفاء الضريبي للفائدة المنقولة على أرباح شركات الملكية الخاصة من الأسهم. أغضب هذا الطلب العديد من زملائها الديمقراطيين الذين قالوا إنه توجد مبررات قليلة لتقديم مزايا ضريبية لمديري الاستثمار ذوي الأجور العالية.

لا يتصدى مشروع القانون أيضاً لأولويتين أساسيتين بالنسبة للعديد من الديمقراطيين: تطبيق اتفاق ضريبي على مستوى العالم بحد أدنى 15%، و الذي كانت وزيرة الخزانة جانيت يلين تفاوضت عليه مع ما يصل إلى 140 دولة السنة الماضية، ورفع الحد الأقصى البالغ عشرة آلاف دولار على الخفض الضريبي في الولاية والسلطة المحلية. وفي ظل احتمالية خسارة الديمقراطيين للأغلبية في مجلس واحد على الأقل من الكونغرس السنة المقبلة، فليس من الواضح ما إذا كان يمكن تمرير أي من الاقتراحين.

رغم ذلك، أظهر الديمقراطيون أنهم يشعرون بالرضا عن النتيجة. قال شومر إن الحزب استمر في التحدث عن تقليص أسعار الأدوية والسيطرة على التغير المناخي على مدى أعوام بلا طائل.

قالت إليزابيث وارين، العضوة الديموقراطية عن ولاية ماساتشوستس، عقب التصويت: "هذه هي أول دفعة حقيقية لأميركا للتصدي لأزمة المناخ وأول مرة نفتح فيها للتو الباب لبرنامج ميديكير حتى يستطيع التفاوض مع شركات الأدوية التي تتطلب وصفة طبية"، وأول مرة نذكر فيها أن الشركات التي تفوق قيمتها مليار دولار سيتوجب عليها سداد حد أدنى من الضرائب، ما يجعل كافة هذه الأمور الثلاثة تاريخية".