أجواء من الركود بانتظار رئيس وزراء بريطانيا القادم

مرشحا رئاسة بريطانيا ريشي سوناك وليز تراس
مرشحا رئاسة بريطانيا ريشي سوناك وليز تراس المصدر: غيتي إيمجز
Clive Crook
Clive Crook

Clive Crook is a Bloomberg Opinion columnist and writes editorials on economics, finance and politics. He was chief Washington commentator for the Financial Times, a correspondent and editor for the Economist and a senior editor at the Atlantic.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

استطاع بنك إنجلترا أن يذهل المحللين الأسبوع الماضي, ولم يكن ذلك بسبب رفعه لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة إلى 1.75%، وإنما بسبب توقعاته القاتمة بشكل غير متوقع لآفاق الاقتصاد البريطاني على المدى المتوسط. إذ توقع البنك ركوداً خفيفاً ولكنه طويل الأمد، مع غياب النمو بشكل تام تقريباً خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع بلوغ التضخم ذروته بما يزيد على 13% قبل نهاية عام 2022. بالإضافة لارتفاع البطالة في سوق العمل من نحو 4% إلى أكثر من 6% بحلول عام 2025.

بنك إنجلترا يرفع سعر الفائدة بأعلى وتيرة في 27 عاماً ويحذر من ركود طويل

ومع أن المسؤولين أكدّوا بشكل محق على عامل عدم اليقين المرتبط بكل هذه التوقعات. إذ يجب أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار قبل استخلاص أي نتائج من التوقعات الجديدة. إلا أنه بالرغم من كل شيء، يبقى من المؤكد أن هذه الأزمة

أتت في وقت هو الأسوء بالنسبة للبلاد، في ظل عيشها لما يشبه حالة الشلل السياسي، وانتظارها لتعيين رئيس وزرائها القادم.

أسباب الأزمة

السبب المباشر للمحنة الاقتصادية في المملكة المتحدة، كما هو الحال في أي مكان آخر، هو الصدمة التي يعيشها العالم من ارتفاعات أسعار الطاقة. حيث شهد الغاز الطبيعي أكبر زيادة في سعره، بينما تعتمد بريطانيا بشكل فائق على هذا الوقود بالذات. بالإضافة إلى ذلك، فقد جرى تشديد السياسة المالية خلال العام الماضي وكبحت الحكومة جماح الإنفاق الطارئ في فترة الجائحة. كما تُعدُّ الاضطرابات الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العامل الثالث لهذه الأزمة. وجنباً إلى جنب مع سوق العمل الذي يعاني من نقص المهارات بشكل غير عادي، يُفسِّر هذا المزيج من صدمة العرض، والتعديل المالي، والاضطراب التجاري الحاد سبب وجود مزيج التضخم المرتفع وتناقص النمو الاقتصادي الذي يتكلم عنه البنك.

ومن الواضح الآن أن بنك إنجلترا (مثل الاحتياطي الفيدرالي) كان بطيئاً جداً في رفع أسعار الفائدة. حيث إن البنوك المركزية لا تستطيع التعامل مع مثل هذه التحديات من تلقاء نفسها، بينما يعمل التشكيك في استقلالها - كما فعلت في أميركا المرشحة الرئيسية لقيادة حزب المحافظين، ليز تروس - يجعل الأمور أكثر سوءاً.

تروس أم سوناك.. هل يقدر أيهما على وقف نزيف الإسترليني؟

في الواقع، تحتاج الحكومة البريطانية إلى استراتيجية واضحة بشأن الضرائب والإنفاق. فيما تفتقر بريطانيا في الوقت الحالي لوجود الحكومة ناهيك عن الاستراتيجية.

متطلبات جديدة

فضلاً عن ذلك، ستكون هناك حاجة في الدولة إلى دعم الأسر ذات الدخل المنخفض لمنع المعاناة الشديدة عندما تبدأ جولة جديدة من ارتفاع تكاليف الطاقة في وقت لاحق من هذا العام. كما يجب تجديد المساعدات التي جاءت متأخرة في شهر مايو الماضي، مع تقديم المزيد من المساعدات للفئات الأكثر احتياجاً وتقليل المساعدات التي تأخذ شكل المدفوعات الشاملة.

في الوقت الحالي، هناك مساحة مالية كافية لذلك (مع الأخذ بعين الاعتبار أن التضخم المرتفع بشكل مؤقت يُعزِّز الإيرادات الضريبية للدولة)، إلا أن الاتجاه طويل الأجل للدين العام قاتم، والخدمات العامة بحاجة ماسة إلى مزيد من الموارد. وبالتالي لابد من إصلاح هذه المشكلات قبل التفكير في التخفيضات الضريبية.

ضريبة إهمال سابق

من جهة أخرى، هل تذكرون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟ حينها كان الإهمال شبه الكامل لسياسة التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في نقاشات القيادة أمراً صادماً. والآن من الممكن جداً حدوث أزمة جديدة نظراً لعدم إحراز تقدم في حلّ الخلاف القائم حول بروتوكول أيرلندا الشمالية الذي يجب تسويته في أقرب وقت ممكن. كما يجب أن تكون العلاقات الاقتصادية الأكثر دفئاً مع الاتحاد الأوروبي من بين أولويات رئيس الوزراء المقبل للبلاد.

ففي ظل ظروف أكثر ملاءمة من الآن، لم تستطع بريطانيا أن تنجح في غضون وجود حالة من العداء مع أقرب شريك تجاري لها. وهي الآن أمامها ما يكفي من التحديات التي ينبغي أن تتغلب عليها دون إضافة أي مشاكل جديدة تمثل "بريسكت" جديد لها إلى هذا المزيج.

في الأسابيع الأخيرة، كان منافسو حزب المحافظين لرئاسة البلاد يناقشون غالباً الطروحات الواردة ضمن حزبهم فقط، بينما تتطلّب خطورة تحديات البلاد إجابات عملية لمسائل عاجلة، وأياً كان من سينتصر في الشهر المقبل، فسيتعين عليه أن يبدأ في تقديمها.