ارتفاع أسعار الغذاء يدفع التضخم في الصين لأعلى مستوى منذ عامين

التضخم في الصين أقل حدة من الولايات المتحدة وسط مخاوف من تباطؤ الطلب المحلي نتيجة لقيود كوفيد

عملاء يشترون الخضار في سوق للمواد الغذائية في شنغهاي، الصين
عملاء يشترون الخضار في سوق للمواد الغذائية في شنغهاي، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسارع تضخم المستهلكين في الصين خلال شهر يوليو إلى أعلى مستوى في عامين، ويرجع ذلك إلى حد كبير لارتفاع تكاليف لحم الخنزير، في حين أبقى ضعف الطلب الاستهلاكي ضغوط الأسعار الإجمالية تحت السيطرة.

أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء اليوم الأربعاء أنَّ مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 2.7% الشهر الماضي على أساس سنوي في ظل صعود أسعار لحم الخنزير بنسبة 20.2%.

جاء ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين أقل من أوسط ​​التقديرات البالغ 2.9% في استطلاع أجرته "بلومبرغ" لآراء خبراء اقتصاديين، ومقارنة بنمو 2.5% في يونيو.

في غضون ذلك، تباطأ تضخم أسعار المنتجين إلى 4.2% في يوليو من 6.1% في يونيو مع ضعف أسعار السلع الأساسية.

معدل التضخم في الصين يرتفع بأعلى وتيرة في عامين خلال يونيو

تضخم أقل حدة

على النقيض من الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى، كان تضخم أسعار المستهلكين في الصين منخفضاً نسبياً منذ بداية 2022، إذ أدت سياسات الرقابة الصارمة لمواجهة فيروس كوفيد وموجات التفشي المتقطعة إلى كبح إنفاق المستهلكين والشركات.

الصين تغلق عدداً كبيراً من الشركات في شينجن لكبح تفشي كورونا

أدى تفشي الفيروس- إلى جانب الصعوبات العالمية والأزمة العقارية المستمرة - إلى إبقاء التعافي الاقتصادي الصيني هشاً، مع تقلّص نشاط المصانع بشكل غير متوقَّع الشهر الماضي، واستمرار تقلّص مبيعات العقارات.

في حين من المتوقَّع أن يؤدي ارتفاع أسعار لحوم الخنازير إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين خلال 2022؛ إلا أنَّ التضخم الأساسي الذي يستبعد الأسعار المتقلبة للغذاء والطاقة، ما يزال ضعيفاً، وتباطأ إلى 0.8% في يوليو. يشير ذلك إلى ضغوط قليلة جداً على الطلب في الاقتصاد، الأمر الذي يثير القلق لدى المسؤولين عن السياسة النقدية.

طلب محلي ضعيف

قال بروس بانغ، رئيس الأبحاث وكبير الاقتصاديين لدى شركة "جونز لانغ لاسال": "من المرجح أن يرتفع التضخم إلى أكثر من 3% في الشهرين المقبلين، بسبب انخفاض أساس القياس وارتفاع أسعار لحم الخنزير".

أضاف بانغ: "لكن من المرجح أن يظل التضخم الأساسي معتدلاً، إذ يظل الطلب المحلي ضعيفاً. لن يفرض هذ الوضع الكثير من القيود على السياسة النقدية ".

تراجعت مؤشرات الأسهم في الصين وهونغ كونغ في الجلسة الصباحية لتقود الخسائر الآسيوية. انخفض العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات نقطة أساس واحدة إلى 2.73%، بينما ارتفعت عقود السندات الآجلة بنسبة 0.1%.

ارتفاع أسعار الغذاء

قالت المكتب الوطني للإحصاء بالصين في بيان، نقلاً عن كبير الإحصائيين دونغ ليغوان، إنَّ ارتفاع التضخم في يوليو كان مدفوعاً إلى حد كبير بصعود أسعار لحم الخنزير والخضروات الطازجة والأطعمة الأخرى إلى جانب العوامل الموسمية.

ارتفعت أسعار المواد الغذائية الإجمالية 6.3% في يوليو على أساس سنوي، مدفوعة بأسعار لحوم الخنازير، وهي عنصر أساسي في سلّة مؤشر أسعار المستهلكين بالصين، مسجلة أول زيادة سنوية منذ سبتمبر 2020. ارتفعت أسعار الفاكهة والخضار الطازجة بنسبة 16.9% و12.9% على التوالي على أساس سنوي.

رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"

قال ديفيد كو، المحلل الاقتصادي في "بلومبرغ إيكونوميكس": "الارتفاع في تضخم أسعار المستهلكين هذا العام بالصين خلال يوليو، جاء مدفوعاً بأسعار المواد الغذائية، وليس من خلال قوة الاستهلاك".

أضاف كو: "تظهر القراءة الضعيفة لمؤشر أسعار المستهلكين الأساسي أنَّ الاستهلاك يظل تحت ضغط – كوفيد 19، كما أنَّ خطوات القضاء على أي حالات لتفشي الفيروس تستمر في كبح جماح الأسر، مما يمثل قيوداً على النمو. بالنسبة إلى بنك الشعب الصيني؛ يعني هذا أنَّه يتعيّن عليه الإبقاء على تبني موقف داعم للسياسة النقدية".

السياسة النقدية

في المقابل، من المتوقَّع أن تعلن الولايات المتحدة عن تسجيل تضخم عام أقل حدة بالنسبة لأسعار المستهلكين في يوليو عند 8.7% في وقت لاحق من اليوم الأربعاء، لكن من المرجح أن تسجل ارتفاعاً في مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي.

سيواصل ذلك الضغط على الاحتياطي الفيدرالي الذي رفع بالفعل أسعار الفائدة أربع مرات منذ بداية 2022.

سيكون لدى بنك الشعب الصيني فرصة لخفض سعر الفائدة على القروض الداعمة للسياسات لمدة عام، لتقديم المزيد من الدعم النقدي للاقتصاد يوم الإثنين المقبل، على الرغم من أنَّ معظم الاقتصاديين يتوقَّعون بقاء سعر الفائدة دون تغيير.

ذكرت صحيفة "سيكيوريتيز ديلي" اليوم الأربعاء نقلاً عن محللين أنَّ تلك الخطوة قد تقلل السيولة من خلال تمديد جزئي للقروض الداعمة للسياسات والبالغة 600 مليار يوان والمستحقة السداد.

أشارت السلطات الصينية بالفعل إلى استعدادها للسماح لمؤشر أسعار المستهلكين بالارتفاع إلى حد ما.

قال لي كه تشيانغ، رئيس مجلس الدولة الصيني خلال فعالية مع قادة الأعمال استضافها المنتدى الاقتصادي العالمي الشهر الماضي :"إذا تمكّنا من إبقاء معدل البطالة دون 5.5%، وظل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين أقل من 3.5% طوال العام، فيمكننا التعايش مع معدل نمو أعلى أو أقل قليلاً من المستهدف، وليس منخفضاً للغاية بالطبع".

قادة صينيون يقللون من وطأة عدم الوصول لهدف النمو الاقتصادي في 2022

قالت بيتشان لو، كبيرة الاقتصاديين في الصين لدى "ناتويست غروب" (NatWest Group)، إنَّه توجد "مساحة محدودة لصعود مفاجئ" في مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، بالنظر إلى كيفية قيام تطبيق سياسات صفر كوفيد في البلاد بقمع طلب المستهلكين.

قالت في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "في ظل وجود بعض السياسات الداعمة، ربما يكون هناك مجال لاستقرار مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي عند مستوياته الحالية".