مشجع كرة يؤسس إمبراطورية بمليار دولار في مواجهة فاحشي الثراء في الرياضة

المستثمر الأميركي جون تكستور، ريو دي جانيرو، البرازيل
المستثمر الأميركي جون تكستور، ريو دي جانيرو، البرازيل المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

استغرق جون تكستور 12 شهراً فقط حتى يتحول من مشجع كرة قدم متعصب، يشاهد مئات المباريات سنوياً، إلى أحد أكبر المستثمرين في الرياضة.

استحوذ تكستور على حصص في فرق من لندن إلى ريو دي جانيرو، وقام ببناء إمبراطورية كرة قدم كشركة، ليضع نفسه في مواجهة النخبة من فاحشي الثراء في اللعبة. إنه فصل ثانٍ من نشاط تكستور، الذي صاغ سمعته وثروته على مدى عقود كمستثمر في التكنولوجيا الرقمية التجديدية.

كان التحول إلى كرة القدم سريعاً حتى بالمعايير الحالية للأميركيين الذين يتزاحمون على هذه الرياضة. وهو لم ينته بعد، إذ دخل مؤخراً في مفاوضات لشراء فريق "أولمبيك ليون" الفرنسي الذي سيكون رهانه الأكبر على اللعبة حتى الآن. وإذا اكتملت الصفقة، فإن تشكيلة تكستور في كرة القدم ستبلغ قيمتها حوالي مليار دولار بما في ذلك الديون.

قال تكستور الذي يمارس نشاطه من فلوريدا في مقابلة: "خطتي في كرة القدم هي إنشاء نظام بيئي من أندية الدرجة الأولى التعاونية التي ستستفيد من مشاركة بصمة عالمية في التعرف على المواهب".

في مثل هذا الأسبوع من العام الماضي، بدأت رحلة المستثمر البالغ من العمر 56 عاماً كمالك في كرة قدم، عندما اشترى فريق الدوري الإنجليزي الممتاز "كريستال بالاس". وسرعان ما تبع ذلك باستثمارات في نادي "بوتافوغو ريغاتاس" البرازيلي، و"نادي مولينبيك بروكسل" البلجيكي من خلال شركته "إيغل فوتبول هولدينغز" (Eagle Football).

"برشلونة" يجدد موارده المالية استعداداً لفورة شراء مستبعدة

يفضل هذا النموذج متعدد الأندية مستثمرون آخرون في الولايات المتحدة يتطلعون إلى خفض تكاليف الملكية في كرة القدم. إذ إنهم يعتقدون أنه من خلال تشارك اللاعبين عبر الفرق، يتم القضاء إلى حد كبير على الحاجة إلى إنفاق ملايين الدولارات على التحويلات الباهظة والأجور ورسوم الوكلاء.

يرى تكستور أن هذا النهج هو ترياق لأندية مثل "باريس سان جيرمان"، و"مانشستر سيتي"، و"تشيلسي"، التي تم تمويل نجاحاتها الأخيرة من قبل الدول الغنية بالبترول وأصحاب المليارات.

يقول تكستور: "يمكن أن يفوز تيد لاسو إذا كان لديه تشكيلة مانشستر سيتي"، في إشارة إلى شخصية المدرب الروائية الذي لعب دوره جيسون سوديكس في مسلسل "أبل تي في+" الشهير. يضيف تكستور "آمل فقط في إثبات أنه يجب استكشاف وتشجيع المناهج البديلة للقدرة التنافسية".

أندية كبيرة

يرى منتقدو نموذج الأندية المتعددة أنه ينشئ فرقاً لتنمية المواهب لغرض وحيد هو تقديم أصل استثنائي وذي قيمة عالية داخل مجموعة. لكن تكستور كان جريئاً في اختياره للأندية ومن غير المرجح أن أنصار "كريستال بالاس" و"ليون" - على وجه الخصوص - سيرغبون في أن يلعبوا أدواراً ثانوية داعمة لبعضهم البعض.

على العكس تماماً: من المرجح أن تطلب القواعد الجماهيرية الاستثمار في الفرق والبنية التحتية للمساعدة في الفوز بالكؤوس والتأهل للمزيد من البطولات المرموقة والمربحة.

مليارا دولار مقابل حقوق البث لدوري أبطال أوروبا في الولايات المتحدة

أنهى "كريستال بالاس" الموسم الماضي بفارق 45 نقطة خلف "مانشستر سيتي" بطل الدوري. وفي الأسبوع الماضي، بدأ الفريق الذي لم يفز بأي لقب كبير رحلته الحالية في "الدوري الإنجليزي الممتاز" بهزيمة بنتيجة 0-2 أمام "أرسنال". أما "ليون"، الذي اعتاد أكثر على النجاح في الدوري المحلي، تفوق عليه في السنوات الأخيرة "باريس سان جيرمان" المدعوم من قطر، بينما يسعى "بوتافوغو" للعودة إلى المجد بعد فترة من الاضطراب المالي.

يقول تكستور: "إذا قمنا ببناء مسارات منضبطة ومتكاملة بين الدول والأندية، فيمكن أن يعترف بنا اللاعبون الطموحون في أسواقنا كمكان رائع للتطور، مما يسمح لنا بالتعاقد مع اللاعبين قبل أن تتمكن الأندية الكبرى من شرائهم.. إن تطوير اللاعبين أفضل من التبادل التجاري للاعبين، لتحقيق النجاح التنافسي ولأعمالنا".

الشغف والربح

من السهل رؤية شغف تكستور بالرياضة، كونه مارس في السابق بشكل تنافسي لعبة التزلج على الألواح، ويسهل رؤية شغفه بالرياضة على وجه الخصوص على وسائل التواصل الاجتماعي. فالرجل الذي يستخدم "تويتر" بكثرة طالب حَكماً برازيلياً بالاستقالة بعد أن منح ركلة جزاء ضد "بوتافوغو" - وهي خطوة غير معتادة من مالك لأحد الأندية - وسخر من منافس "ليون" نادي "أولمبيك مارسيليا"، مازحاً إن بطل الدوري تسع مرات هو "نادي صغير".

في حين أن تمويل رهاناته الأولية على كرة القدم كان يتم بشكل أساسي من أمواله وأموال زوجته، أصبح لدى تكستور الآن مستثمرون آخرون عليه أن يرضيهم. وتحظى صفقة "ليون" بدعم من شركة "كاني هولدينغز" (Cannae Holdings)، وهي شركة استثمار يسيطر عليها بيل فولي، مالك فريق "فيغاس غولدن نايتس" في "دوري الهوكي الوطني" (NHL). وذكر تكستور أن جيمي سالتر، رئيس شركة "أوثينتيك براندز" (Authentic Brands) مالكة "ريبوك" (Reebok)، قد دعمت "إيغل فوتبول".

"سيتي فوتبول" تستحوذ على حصة الأغلبية بنادي "باليرمو" الصقلي

على عكس مالكي كرة القدم الأوروبيين التقليديين، أظهر المستثمرون الأميركيون أنهم أكثر تركيزاً على تحقيق عائد على رأس المال في الرياضة، إذ يتطلع تكستور إلى الاستفادة من خبرته في التكنولوجيا الرقمية لإيجاد طرق جديدة لتوليد الإيرادات من مشجعي أنديته.

يقول تكستور: "فيما يتعلق بمشاركة المشجعين، فإن كرة القدم هي في العصور المظلمة.. إن الجمهور أكثر قيمة من الفريق".

تقنية التعرف على الوجه

كانت إحدى أبرز صفقات تكستور هي اندماج منصة البث المباشر "فوبو تي في" (fuboTV) في عام 2020 - حيث كان رئيساً تنفيذياً سابقا لها – مع مجموعة "فيس بنك" (Facebank) التي أسسها. تتخصص "فيس بنك" في تقنية التعرف على الوجه، التي قال تكستور إنه يمكن استخدامها لتقريب المشجعين من الأندية التي يشجعونها، والأهم من ذلك، تسهيل إنفاقهم على شراء السلع.

يطرح تكستور نظام التعرف على الوجه في نادي "بوتافوغو" الذي يمكن للمشجعين استخدامه لشراء التذاكر، ودخول الملعب، والتبضع في يوم المباراة. وتتضمن الخطة تقديم نفس الخدمة في "كريستال بالاس"، حيث يوجد لدى "فيس بنك" بالفعل صفقة رعاية، ثم "ليون" في المستقبل.

دراسة بريطانية: تقنية "VAR" ليست دقيقة في كل الأوقات

يرى تكستور أنه: "مع نظام (فيس بنك) لتفاعل المشجعين، يمكنك الانضمام من خلال وجهك، ودفع ثمن النقانق بواسطة وجهك".

من المؤكد أن سجل أعمال تكستور لا يخلو من عيوبه. فقبل عشر سنوات، تقدمت شركة "ديجيتال دومين ميديا غروب" (Digital Domain Media Group) - وهي شركة تعمل في مجال المؤثرات البصرية كان يقودها، وتتخصص في ابتكار تصميمات للأفلام بما في ذلك فيلم "تيتانيك" - بطلب إشهار الإفلاس. إذ يقول: "لم أخسر المال في تلك الصفقة.. لكنني خسرت كل شيء آخر كان يهمني في ذلك الوقت".

استشرافاً للمستقبل، لم يستبعد تكستور الاستثمار في المزيد من أندية كرة القدم أو في نهاية المطاف السعي لطرح عام أولي لأداته الاستثمارية.

يختم تكستور: "كخطوة تالية، سيتم طرح عدد كبير من أسهم (إيغل فوتبول).. سأضم مساهمين نتشارك معا في نفس الرؤية".