استطلاع: "استراتيجية 60/40" العتيقة تستعيد بريقها بين المستثمرين لكبح التضخم

متداولون ماليون يتابعون بيانات على شاشات الكمبيوتر بقاعة التداول داخل بورصة أمستردام، التي تديرها شركة "يورنويكست" بمدينة أمستردام في هولندا.
متداولون ماليون يتابعون بيانات على شاشات الكمبيوتر بقاعة التداول داخل بورصة أمستردام، التي تديرها شركة "يورنويكست" بمدينة أمستردام في هولندا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعتقد المستثمرون أن الطريقة المناسبة للتغلب على التضخم هي الاعتماد على واحدة من أقدم الاستراتيجيات، وهي خليط مكون من الأسهم والسندات بنسبة 60 إلى 40%.

تراجعت هذه الاستراتيجية العام الجاري بعدما شهدت السندات أكبر انخفاض منذ عقود، مما ضاعف من خسائر سوق الأسهم عوضاً عن التحوط منها. المستثمرون غير متأكدين إلى حدّ كبير من أن الاستراتيجية ستستعيد رواجها السنة الجارية.

رغم ذلك، أثبت استطلاع أجرته "إم إل آي في بالس" أن المستثمرين، بهامش يتراوح ما بين -2 إلى -1 تقريباً، ما زالوا يتوقعون أنها استراتيجية قابلة للتطبيق لتحقيق عائدات تفوق التضخم على مدى العقد المقبل. شارك بالاستطلاع 1056 شخصاً من محترفي الاستثمار والمستثمرين الأفراد.

طالع المزيد: محفظة "60-40" الاستثمارية تُسكت النقاد طوال 13 عاماً

متمسكون بالاستراتيجية

تؤكد النتائج أن المؤمنين بالاستراتيجية مازالوا يتبعونها رغم مزاعم "وفاة استراتيجية 60/40". تعالت هذه الأصوات أكثر خلال 2022 بعدما أثّرت استجابة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لمعدلات التضخم في الولايات المتحدة العالية بالسلب على كل من الأسهم والسندات. حتى مع الصعود الأخير في سوق الأسهم، تسبب الجمع بين الأسهم والسندات الأميركية في تكبد المستثمرين خسارة تناهز 10% هذا العام، وهو أكبر تراجع لهذا الخليط منذ أزمة الائتمان في 2008، بحسب مؤشر "بلومبرغ".

اقرأ أيضاً: الأسهم الأميركية تسجل أطول سلسلة مكاسب أسبوعية هذا العام

مع ذلك على المدى القصير ينقسم المستثمرون غالباً بشأن ما إذا كانت الاستراتيجية ستسعيد رواجها مجدداً خلال العام الحالي. قال نحو نصف المشاركين بالاستطلاع إن الارتباط بين أصول الدخل الثابت والأسهم سيكون إيجابياً في الشهور الـ6 المقبلة، ما يعني أن فئتي الأصول ستتقدمان جنباً إلى جنب.

هذا لا يبشر بالخير إزاء استراتيجية الاستثمار حيث إنها مبنية على فكرة أن الخسائر بأحد الجانبين ستُعوّضها مكاسب الجانب الآخر، وهو ما كان يؤول إليه الأمر تاريخياً.

قال غريغ وايتلي، مدير محفظة لدى "دابل لاين كابيتال" (DoubleLine Capital): "وجهة نظري سلبية حيال كل من الأسهم والسندات حالياً لأن أسعار الفائدة ستستمر في الصعود، ويشير هذا أيضاً إلى أن سندات الخزانة لا تُعدّ أفضل وجهة تستطيع اللجوء إليها كملاذ بالوقت الحاضر إذا كان يساورك القلق إزاء الأسهم".

تضخم مستعصٍ

خسرت الأسواق المالية بشدة خلال العام الجاري. دفع التضخم المستعصي بطريقة غير متوقعة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى رفع أسعار الفائدة بأسرع معدل منذ عقود، ليتغلب على التخلي السريع عن سياسة الأموال السهلة المخصصة لوباء فيروس كورونا التي دعمت السندات والأسهم. رغم صعود الأسهم على مدى 4 أسابيع متعاقبة، إلا أن البيانات المحبطة القادمة من الصين أجبرت العقود الآجلة لمؤشر الأسهم الأميركية على الهبوط في تداولات يوم الإثنين.

اقرأ المزيد: تعافي الأسهم الأميركية يواجه عقبة تباطؤ قياسي لعمليات إعادة الشراء

زادت حالة عدم اليقين إزاء مسلك بنك الاحتياطي الفيدرالي من التقلبات عبر أنحاء فئات الأصول وجعل جني الأمول من أي استراتيجية تقريباً مسألة صعبة على أي أحد.

هبطت أسعار العملات المشفرة، التي كانت تُعتبر سابقاً وسيلة تحوط ضد التضخم. خلال العام الجاري بينما عانى المستثمرون الذين يمتلكون مخصصات استثمار دولية من الخسارة جراء التقلبات الحادة في أسعار العملات الأجنبية. لكن ربما يكون الشكوى من استراتجية 60-40 هي الأكثر إحباطاً لأنه رُوّج لها منذ مدة طويلة على أساس أنها استراتيجية يمكنها الصمود بمواجهة جميع الأنواء التي تعصف بالمستثمرين العاديين.

رغم القلق من أن محفظة الأصول المتبعة لاستراتيجية 60-40 ربما لا تُعدّ بعيدة عن نطاق الخطر حتى الآن، فإن المستثمرين لا يقفون مكتوفي الأيدي بطريقة كبيرة عندما يتصل الأمر بتحديد المركز الاستثماري.

قال ما يتجاوز نصف المستثمرين الأفراد إنهم سيحتفظون على الأرجح بجزء السندات من محفظتهم المقسمة 60-40 دون تغيير خلال الشهور الـ6 المقبلة عوضاً عن تعديل آجال استحقاقهم أو خليط الائتمان. يتفق أكثر من نصف المشاركين بالاستطلاع أيضاً على أن سندات الخزانة الأميركية هي أفضل الأصول الخالية من المخاطر في مخصصات استثمارهم للدخل الثابت على مدى الشهور الـ6 المقبلة.

طالع المزيد: المستثمرون يفرون من الأصول الخطرة خوفاً من الركود بالنصف الثاني من 2022

المصدر: بلومبرغ

السندات والبدائل

قال ستيف شيافاروني، مدير محفظة شركة "فيديراتيد هيرمس": "هذا الشيء المناهض لاستراتيجية 60-40 لا مغزى من ورائه، وفي كل مرة تملكنا خوف هائل إزاء النمو خلال السنة المنصرمة، شاهدت صعوداً لعائدات سندات الخزانة فئة 10 أعوام. لذلك فإن كافة سمات السندات، باعتبارك لاعباً دفاعياً، ما زالت متوافرة قطعاً".

في غضون الشهور الأخيرة، أعطت سندات الخزانة مؤشرات على استعادة دورها الدفاعي. هبط مستوى العائد القياسي للسندات فئة 10 أعوام بطريقة حادة عقب تنامي القلق من حدوث ركود اقتصادي جراء الظروف المالية الأكثر تشدداً، إذ بلغ أدنى مستوى في الثاني من أغسطس الحالي عند حوالي 2.5%، أي أقل تقريباً بنقطة مئوية كاملة بالمقارنة مع مستوى الذروة لمنتصف يونيو الماضي. منذ ذلك التوقيت، صعد مرة أخرى إلى نحو 2.85% عقب ارتفاع بنسب التوظيف واستمرار تقدم معدلات التضخم، ما حدّ من المخاوف حيال تباطؤ وشيك للنمو الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: مخاوف الركود تعزز سندات الخزانة.. والأسهم الأميركية ترتفع

قالت ليزا هورنبي، رئيسة وحدة الدخل الثابت متعدد القطاعات في شركة "شرودرز": "اكتسبت أصول الدخل الثابت مكانتها في محفظة الأستثمار حالياً لأنها تمتلك فعلاً دخلاً، في حين تتجه الولايات المتحدة الأميركية صوب مرحلة تباطؤ في النمو حالياً، والتي من المفترض أن تكون أشد دعماً للسندات، ولذا، يمكننا أن نبدأ بمشاهدة السندات توفر مرة أخري تنويع الملكيات في محافظ الأصول".

إن كان المستثمرون سيستعيضون عن جزء من السندات بأصل مختلف، فإنهم لن ينتقلوا إلى العملات المشفرة حيث كانت العقارات هي البديل الأكثر ذيوعاً لكل من المستثمرين المحترفين والمستثمرين الأفراد. قال 6% فقط إنهم سيستبدلون العملات المشفرة بسنداتهم. وتضمّنت الخيارات الأخرى الأموال النقدية، وشهادات الإيداع المتدرجة وأسهم لديها توزيعات أرباح. ينعدم أيضاً تأييد الذهب كبديل للسندات وسط المشاركين في الاستطلاع، رغم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة العام الحالي.

عوائد سندات الخزينة

قالت سايرا ماليك، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة "نوفين" (Nuveen)، أثناء مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "قد يكون تنويع المحفظة باستخدام الأصول العقارية الأخرى والعقارات والأسهم الخاصة والائتمان الخاص إضافة قوية لمحفظة الاستثمارات ويسهم فعلاً في تنويع عائداتك".