بعد أسوأ أداء في النصف الأول..سوق الائتمان بأوروبا تتأهب للانتعاش

مؤشر اليورو الكلي يرتفع 4% في يوليو وعودة مرتقبة للنشاط مع انتهاء موسم الإجازات

شعار سُلطة النقد بالبنك المركزي الأوروبي أمام مقره في فرانكفورت، ألمانيا.
شعار سُلطة النقد بالبنك المركزي الأوروبي أمام مقره في فرانكفورت، ألمانيا. المصدر: بلومبرغ
Marcus Ashworth
Marcus Ashworth

Marcus Ashworth is a Bloomberg Opinion columnist covering European markets. He spent three decades in the banking industry, most recently as chief markets strategist at Haitong Securities in London.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد نصف أول هو الأسوأ في ذاكرة أسواق الائتمان الأوروبية، استتبّ الوضع.

فقد ارتفع مؤشر اليورو الكلي 4% في يوليو الماضي، وهو أفضل شهر له على الإطلاق. جاء ذلك بمثابة مسار عكسي لخسارة بحجم مماثل في يونيو، والتي تخلّلها انخفاض بـنسبة 13% في الأشهر الستة الأولى لسندات يُفترض أنها آمنة من الدرجة الاستثمارية.

في منتصف ذروة الصيف، كما هو متوقع، لا يوجد سوى عدد قليل من سندات الشركات الجديدة التي يتم بيعها، ولكن كل الدلائل تشير إلى عودة النشاط مع انتهاء موسم الإجازة. هناك بالتأكيد الكثير من التأني بعد 33 يوماً من الغياب التام للإصدارات في هذا العام.

في ظل قفزة أسعار الفائدة، فضلاً عن التوسع المستمر في هوامش الائتمان لسندات الشركات استناداً إلى المعايير الحكومية، فقد كان سوقاً صاخبةً لأي شيء آخر بخلاف الشركات المعروفة ذات السيولة العالية. حتى تلك الشركات يجب أن تكون مُقيّمة بشكل جذاب، حيث إن العلاوة التي يتعيّن على جهات الإصدار تقديمها على الديون الحالية زادت بشكل كبير من أيام الانتعاش خلال عامي 2020 و2021.

لقد ولّت أيام العوائد السلبية التي تمتعت بها حتى بعض الشركات ذات التصنيف العالي، فالمشهد مختلف تماماً بالنسبة إلى الدخل الثابت حيث يُنهى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون الصفر، ويخفض التيسير الكمي.

لكن العديد من الصفقات في الأسبوع الماضي تظهر أن العلامات التجارية ذات الفرص الائتمانية الجذابة تحظى باهتمام كبير من المستثمرين، على الرغم من هدوء الصيف.

اقرأ المزيد: لاغارد: سيتم تفعيل آلية "المركزي الأوروبي" حال اتسعت فروق العائد

تصاعد الديون

باعت شركة "فولفو" (Volvo AB) سندات مدتها خمس سنوات بقيمة 500 مليون يورو (510 ملايين دولار) مع طلب يزيد عن ستة أضعاف القيمة المعروضة. واستقطبت شركة "سي. دي سانت– غوبان" (Cie. de Saint-Gobain SA) صفقة من ثلاث شرائح بقيمة 1.5 مليار يورو، بما في ذلك صفقة لأجل 10 سنوات مرتبطة بالاستدامة. باعت شركة الطاقة الإسكتلندية "إس إي إي" (SSE PLC) صفقة خضراء بقيمة 650 مليون يورو مدتها سبع سنوات والتي تجاوزت قيمة دفتر أوامر الطلبات بها تسع مرات الأوراق المالية المُصدرة. وشكّلت السندات المرتبطة بالبيئة 23% من إجمالي الإصدارات هذا العام، متراجعة عن وتيرة العام الماضي البالغة 27%، لكن لا وجه للمقارنة من حيث الظروف. المستقبل لا يزال غير محدّد المعالم للغاية.

ففي الوقت الذي ضرب الوباء أسواق الدين الرئيسية عندما تفشّى في مارس 2020، أدّى التحفيز المالي والنقدي الهائل الذي أعقب ذلك إلى المزيد من التصاعد في وتيرة الديون، وهو ما يعكسه الطلب من قبل المستثمرين. لدرجة أنه نظراً لأن الأعمال التجارية كانت تغُطّ في حالة هدوء عميق وطويل، فهناك حالياً ضغط أقل بكثير بالنسبة إلى التمويل. ولن يستمر هذا الفراغ إلى الأبد، وبينما تكون العوائد الأساسية وفروق الائتمان بالتأكيد أعلى مما كانت عليه في بداية العام، لا بد أن يبدأ الوضع الطبيعي الجديد في مكان ما. ومن أجل مقارنات أكثر إنصافاً، فمن الحكمة تقييم الإجمالي لهذا العام بإحصاءات ما قبل الجائحة.

يتعيّن على القائمين على سندات الخزانة للشركات أن يأخذوا في الحسبان عنصرين عند اتخاذ قرار بشأن الاقتراض في سوق السندات. الأول، وهو أسعار الفائدة الأساسية في السوق، حيث بدأ عائد السندات القياسي الألماني لمدة 10 سنوات هذا العام عند سالب 11 نقطة أساس، لكنه ارتفع إلى 1.77%. ومع عائدات تصل حالياً إلى حوالي 1%، فلا قلق إلى حد كبير من أن تختبر وجهة مستويات التمويل الجديدة بشكل معقول.

أما العنصر الثاني، فهو علاوة العائد التي يتعين على الشركات الأكثر خطورة أن تقدمها أعلى من الحكومات، وقد تراجع ذلك أيضاً. بالنسبة إلى مؤشر مقايضة العجز عن السداد الائتماني باليورو لمدة خمس سنوات من "آي تراكس" (iTraxx)، والذي كان أقل من 50 نقطة أساس في أوائل يناير، فقد بلغ ذروته عند 127 نقطة أساس في منتصف يوليو الماضي، لكنه تراجع إلى ما يقرب من 90 نقطة أساس. وهذا يعني أن تكلفة جمع الأموال للشركات الرئيسية قد انخفضت، في المتوسط، بأكثر من 100 نقطة أساس في الشهر الماضي.

طالع أيضاً: "المركزي الأوروبي" يسرِّع العمل لاحتواء أزمة عوائد السندات

اختبار سبتمبر

تلوح في الأفق غيوم تسبق عاصفة، مع احتمال أن تصبح أزمة الطاقة أكثر حِدّة مع اقتراب فصل الشتاء، ومن المحتمل أن تعمل الانتخابات البرلمانية الإيطالية المقررة في 25 سبتمبر المقبل على تحريك السوق. وعلاوة على ذلك، فقد أظهر مسح الإقراض المصرفي للبنك المركزي الأوروبي للربع الثاني تشديد معايير ائتمان القروض للمستهلكين إلى حد كبير، وخاصة على الرهون العقارية السكنية. كذلك فإن الوصول إلى التمويل المصرفي شهد تدهوراً بالجملة والذي سيكون مصدر قلق رئيسي للبنك المركزي الأوروبي إذا تفاقمت الأمور بأكثر من ذلك.

سيكون سبتمبر بمثابة فترة اختبار مهمة لشهية المستثمرين، لا سيما إذا كان قد تمّ الأخذ في الحسبان مسألة تجميد التيسير الكمي بشكل تام. ويمتلك البنك المركزي الأوروبي 344 مليار يورو من ديون الشركات ذات الدرجة الاستثمارية. فهو يعيد استثمار السندات المستحقة في السوق بمعدل يزيد عن ملياري يورو شهرياً، حيث كان قد تم استثمار نحو ربع ذلك في الصفقات الأولية. ومع ذلك، فإن تأثير الشراء الكلي انحسر بشكل كبير، حيث لم يعد البنك المركزي الأوروبي يضيف مشتريات جديدة بنحو 5 مليارات يورو شهرياً. ومع ذلك، يجب على المستثمرين الترحيب بغياب أكبر مشترٍ يزاحم الكثير من السيولة المتاحة في ديون الاستثمارية الأوروبية.

وطالما ظل تقلب السوق ضعيفاً، لا بد أن يكون النصف الثاني لعام 2022 أكثر نشاطاً إلى حدّ كبير فيما يتعلّق بالمعروض من ديون الشركات. ومن الصعب أن نتخيل أن تكاليف الاقتراض كانت رخيصة مرة أخرى كما كانت في العام الماضي، ولكن في ظل هدوء السوق مؤخراً، أصبحت العائدات محتملة للشركات، في حين أنها جذابة بما يكفي للمستثمرين للعودة إلى المضمار مجدّداً. ونأمل أن تشهد فترة الهدوء في سبتمبر ظهور مجموعة كبيرة من الصفقات الجديدة، مما يؤدي إلى تحسين الوصول إلى التمويل في جميع أنحاء أوروبا.

أوروبا - عائدات السندات الحكومية 10 سنوات