وضع جديد في أشباه الموصلات يُفرِّق بين كبار وصغار المصنعين

موظف يرتدي بدلة خاصة بالغرفة النظيفة للأبحاث أثناء صيانة وقائية في منشأة تصنيع أشباه الموصلات التابعة لـ"غلوبال فاندريز" (GlobalFoundries) في بلدة مالتا في نيويورك.
موظف يرتدي بدلة خاصة بالغرفة النظيفة للأبحاث أثناء صيانة وقائية في منشأة تصنيع أشباه الموصلات التابعة لـ"غلوبال فاندريز" (GlobalFoundries) في بلدة مالتا في نيويورك. المصدر: بلومبرغ
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وصلت مخزونات أشباه الموصلات إلى مستوى قياسي ومن غير المتوقع أن يُغيِّر الانكماش الاقتصادي العالمي تلك الصورة. لكن تزايد توتر البيئة الجيوسياسية واستمرار الخلافات بشأن سلسلة التوريد يُفرِّق بين عمالقة التصنيع والآخرين في صناعة أشباه الموصلات الأخرى، وقد يؤثر ذلك على استمراريتهم.

أدت الحرب التقنية بين الولايات المتحدة والصين، والتي اشتدّت قوتها أثناء إدارة ترمب وتفاقمت بسبب الوباء، إلى إعادة تقدير التوقعات بشأن كمية المنتجات التي يجب توفرها على رفوف المتاجر. بلغ النقص العالمي في بعض الرقائق ذروته في عام 2021 بعدما قام العملاء، بما في ذلك شركات تصنيع السيارات، بتخفيض الطلبات، ولم تمرّ سوى بضعة أشهر حتى زادت حاجتهم إليها.

في نفس الوقت، أدّت شعبية خدمات بث الفيديو مثل "نتفلكس" (.Netflix Inc) التي اضطرت إلى توسيع سعة الخوادم، وارتفاع معدل استخدام أدوات شركات مثل "سوني غروب" (.Sony Group Corp)، إلى خلق منافسة بخصوص قدرة التصنيع المحدودة.

طالع أيضاً: ازدهار شركات صناعة الرقائق خلال الوباء يتحول إلى كساد مع اقتراب الركود

بيع واستبدال المخزونات

زادت فترة الجرد، التي تقيس المدى الزمني لبيع واستبدال المخزونات، بشكل أعلى من أي فترة مضت لدى مسابك شركات الرقائق المتخصصة ومنها "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ كو ليمتد" (.Taiwan Semiconductor Manufacturing Co) و"يونايتد مايكرو إلكترونيكس" (United Microelectronics) و"سيميكونداكتور مانيوفاكتشيرينغ إنترناشيونال" (Semiconductor Manufacturing International).

تحتل هذه الشركات المركز الأول والثالث والخامس في حصص السوق العالمية تحت الطلب، وتُمثِّل مجتمعة 67% من الإجمالي. لم يتم هنا تحليل بيانات ثاني أكبر مسبك عالمي، "سامسونغ إلكترونيكس" (.Samsung Electronics Co)، لأن الشركة لا تقدم بيانات عن نشاطها في أعمال الرقائق التعاقدية. تعود بيانات شركة "غلوبال فاوندريز" (GlobalFoundries)، التي تحتل المرتبة الرابعة، إلى عامين فقط.

من خلال البحث المتعمِّق، يمكننا ملاحظة أن الشركات المُصنِّعة للرقائق، بعيداً عن "تي إس إم سي" وربما "سامسونغ"، ما تزال تحتفظ بكميات أعلى من المخزونات في ظل تباطؤ المبيعات.

في نهاية شهر يونيو، مثَّل مخزون "تي إس إم سي" حوالي 55% من سوق المسابك، وتساوى مع 40% من إيرادات ذلك الربع. بلغت النسبة المجتمعة لمنافسيها نحو 57%.

ضعف الطلب

مع ذلك يشهد الطلب على أشباه الموصلات، رغم عدم انخفاضه، ضعفاً ناتجاً عن تشديد الإنفاق من قبل المستهلكين وتجميد التوظيف وتسريح الموظفين من قبل الشركات مثل "أبل". كما يشهد صانعو الرقائق، الذين يركزون بشكل أساسي على التكنولوجيا القديمة للاستخدام السائد مثل مكونات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والتلفزيون، تباطؤاً أكثر إثارة. تتمتع خدمات المسابك لدى عملاقتي الصناعة، "تي إس إم سي" و"سامسونغ"، بتوقعات أكثر قوة لأنهما تستطيعان تزويد العملاء بعمليات تصنيع فائقة للتطبيقات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي واتصالات الجيل الخامس من الهواتف المحمولة. توفر هذه الميزة التنافسية هوامش وقائية مالية أكبر، مما يُقلّص من مخاطر الاحتفاظ بمخزون أعلى.

يُقلّص عقد صفقات توريد طويلة الأجل الخطر الذي قد تتعرض له الشركات الأخرى، وكان الإعلان عن صفقات من قبل "يو إم سي" و"غلوبال فاوندريز" خير مثال على ذلك في السنوات الأخيرة. أعلنت الأخيرة، الأسبوع الماضي، عن صفقة جديدة مع "كوالكوم" (.Qualcomm Inc)، ومقرها كاليفورنيا، تضمن تحقيق إجمالي عائدات قدرها 7 مليارات دولار من تصنيع رقائق تستخدم في الهواتف الذكية حتى عام 2028، وهو ما يزيد قليلاً عن إجمالي مبيعات "غلوبال فاوندريز" العام الماضي. رغم أن "تي إس إم سي" لم تكشف عن اتفاقيات مماثلة، لكن التأكيدات تشير إلى أنه تم تضمين سعتها الإنتاجية في نموذج أعمالها وخطط إنفاقها الصارمة والتي ستمكنها من العثور على مشترين. كررت الشركة تصريحاتها بشأن استناد استثمارها البالغ 100 مليار دولار في ثلاث سنوات إلى التشاور مع العملاء حول تقديرات احتياجاتهم.

اقرأ المزيد: "غلوبال فاوندريز" تتوقع انتعاشاً مالياً بفضل الطلب القوي على الرقائق

السياسات الجديدة

تهدف مجموعة السياسات الجديدة، ومنها حزمة الإنفاق البالغة 52 مليار دولار من الكونغرس الأميركي، إلى تسهيل وتوسيع القدرات في الولايات المتحدة وأوروبا بتكلفة أرخص. سيستفيد من هذه السياسات كل من "تي إس إم سي" و"سامسونغ" و"غلوبال فاوندريز"، فضلاً عن "إنتل" الوافدة الجديدة في مجال المسابك.

مع ذلك، ما يزال يشكك المستثمرون في أن كل هذا الإنفاق سيدعم الأرباح. فقد تراجعت معظم مخزونات المسابك، العام الماضي، رغم استمرار نمو الإيرادات المكوّن من رقمين، ويعود جزء كبير من ذلك إلى ارتفاع معدل الإنفاق على المنشآت الجديدة بسبب تصاعد المخاوف بشأن تفوق الطاقة الإنتاجية على الطلب في حالة حدوث ركود عالمي.

هذا مصدر قلق منطقي لأن مبيعات أشباه الموصلات تميل إلى تتبع مؤشرات الاقتصاد الكلي، ومنها النمو في الناتج المحلي الإجمالي، عن قرب. لكن الوضع الطبيعي الجديد، والمتعلق بمعدل أعلى مستدام من المخزونات، قد يزيد من حجم الفجوة بين أكبر الشركات ذات التكنولوجيا الأفضل ومُصنِّعي الرقائق الآخرين المعتمدين بشكل كبير على طلب المنتجات السائدة.

قد يعني هذا المشهد المتغيِّر أن الأقوى سيصبح أكثر قوة، وأن الضعيف سيعاني من أجل الصمود.