خلال اجتماعه اليوم.. "المركزي التركي" يتجه لممارسة لعبة الانتظار إزاء أسعار الفائدة

بائع ينظّم مكان العرض في كشك خاص بتاجر أسماك في إسطنبول
بائع ينظّم مكان العرض في كشك خاص بتاجر أسماك في إسطنبول المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

باتت تركيا مهيأة لالتزام سياسة نقدية غير تقليدية مع أسعار فائدة هي الأكثر سلبية حول العالم في محاولة لضبط التضخم.

حتى مع صعود أسعار المستهلكين حالياً إلى أعلى مستوى لها خلال 24 سنة، أجمع خبراء الاقتصاد الذين شملهم استطلاع بلومبرغ على أن البنك المركزي التركي سيُبقي مؤشره القياسي عند 14% للشهر الثامن في اجتماع اليوم الخميس. لكن المحللين ببنوك مثل "سكاندينافيسكا إنسكيلدا بانكن" (SEB AB) و"باركليز" يتوقعون بطريقة متنامية مخاطر متمثلة في أن تكاليف الاقتراض قد تتطلب إقرار زيادة بغضون شهور.

رفع مفاجئ

توقع بير هامارلوند، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسواق الناشئة في "سكاندينافيسكا إنسكيلدا بانكن" في ستوكهولم، حدوث ارتفاع طارئ لأسعار الفائدة قبل نهاية الربع الأخير من العام الجاري، لكن التوقيت غير مؤكد بصورة كبيرة، وستشجّع أزمة الثقة وحدها إقرار الزيادة.

رغم أن محافظ البنك المركزي التركي شهاب كافجي أوغلو لم يتحرك للسيطرة على نيران التضخم من خلال زيادة أسعار الفائدة، فإن البنك اتخذ تدابير تحوطية كلية ساهمت في إبطاء القوة الدافعة لنمو القروض في يوليو الماضي، كما اعتمد على التدخلات غير المباشرة وإنشاء الحسابات المدعومة من الدولة التي تحمي المدّخرين من ضعف الليرة.

إنفوغراف: التضخم في تركيا يصل إلى أعلى مستوى في 24 عاماً

سمح هذا النهج للمعدل السنوي للتضخم بالاندفاع بسرعة قرب 80% وترك الليرة عرضة لهبوط حادّ. من بين أسوأ 5 أداءات للعملات مقابل الدولار على مستوى العالم العام الجاري، انخفضت قيمة العملة التركية بنحو 1.5% منذ اجتماع سعر الفائدة السابق في يوليو المنصرم.

ما تقوله "بلومبرغ إيكونوميكس": "يهتف الاقتصاد مطالباً بزيادة أسعار الفائدة للمساعدة على كبح التضخم وتعزيز الليرة. رغم ذلك، لا نتوقع أن يوسع البنك المركزي رافعة السياسة النقدية الأساسية على المدى القريب. وينظر البنك إلى هذا النهج على أنه تحرك متوسط بين الأسس الاقتصادية التي تحتاج إلى زيادة في سعر الفائدة، والقيادة السياسية التي تدعو إلى التقليص. واقعياً، يترك ذلك التضخم خارجاً عن السيطرة والعملة بلا دعم". - سيلفا بحر بازيكي، خبير اقتصادي

مستويات التضخم

لكن ارتفاع إجمالي الاحتياطيات من النقد الأجنبي بما تجاوز 10 مليارات دولار خلال أسبوعين فقط قد يعطي البنك المركزي الثقة بأنه يستطيع أن ينتظر نهاية الضغوط، لا سيما وأن صناع السياسة النقدية يتوقعون أن يبلغ التضخم مستوى الذروة قريباً.

ألقى كافجي أوغلو باللائمة على الصعود العالمي لأسعار السلع الأساسية، الذي نجم جزئياً عن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي.

طالع المزيد: احتياطي تركيا الأجنبي يتلقى أكبر دفعة في عام بفضل أموال روسيا

رغم ذلك، عدّل البنك المركزي توقعاته للأسعار بشدة الشهر الماضي، ويتوقع حاليّاً أن يصل التضخم إلى أعلى مستوى له عند 85% تقريباً في خريف العام الجاري، قبل أن يختتم السنة قرب 60%، أو 12 ضعفاً لهدفه.

يتبنى غالبية المحللين وجهة نظر أقلّ تفاؤلاً.

تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن يقترب نمو الأسعار من 90% في الربع الثالث وأن يتراجع فقط إلى 69% مع نهاية 2022.

أردوغان وتكاليف الاقتراض

يُعَدّ أكبر أمر مجهول هو ما سيفعله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيال جمود الموقف منذ نهاية جولة تقليص أسعار الفائدة في أواخر السنة الماضية. بقي أردوغان، المعروف بمعارضته لزيادة تكاليف الاقتراض، صامتاً بشكل كبير إزاء السياسة النقدية منذ أن تعهد في يونيو الماضي بخفض أسعار الفائدة.

يعتزم أردوغان تعزيز النمو بقوة عبر التركيز على الصادرات والتوظيف كجزء مما يطلق عليه "النموذج الاقتصادي الحديث". تهدّد أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة البارزة في تركيا شعبيته، قُبيل الانتخابات المقرَّر عقدها في يونيو المقبل.

علاوة على الضغط السياسي، على كافجي أوغلو أيضاً التعامل مع شكاوى شركات حذرت من أزمة مالية الشهر الماضي إذ بلغت أسعار فائدة القروض التجارية 30%، فيما هبطت تكلفة الائتمان خلال أسابيع منذ ذلك الوقت.

طوال العام أكد كافجي أوغلو أن تركيا تمتلك السياسات النقدية المفعلة لمكافحة التضخم، وهو خطاب كرره في أثناء عرض تقديمي في يوليو الماضي.

قال نيك ستادميلر، مدير وحدة الأسواق الناشئة لدى شركة "ميدلي غلوبال أدفيسورز" (Medley Global Advisors): "لن تتخلي الحكومة التركية بسهولة عن سياسة أسعار الفائدة المنخفضة بعد أن استثمرت فيها قدراً هائلاً من رأس المال السياسي، وأشك بأننا سنرى عمليات رفع لها من البنك المركزي في أي وقت قريب، ما لم تنفد خياراتهم المتاحة".