ألمانيا مهددة بنزوح جماعي للمصانع مع تضرر المنتجين من أسعار الطاقة

موظف يصقل نقطة لحام فولاذية في شاسيه شاحنة توصيل كهربائية خالية من الانبعاثات من شركة "ستريت سكوتر"، تصنعها شركة "فورد موتور" بالتعاون مع شركة "ديوتشه بوست" على خط تجميع بمصنع فورد في كولونيا، ألمانيا
موظف يصقل نقطة لحام فولاذية في شاسيه شاحنة توصيل كهربائية خالية من الانبعاثات من شركة "ستريت سكوتر"، تصنعها شركة "فورد موتور" بالتعاون مع شركة "ديوتشه بوست" على خط تجميع بمصنع فورد في كولونيا، ألمانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يواجه معقل أوروبا الصناعي حالة نزوح جماعية محتملة، إذ تناضل شركات تصنيع قطع غيار السيارات والمواد الكيمياوية والصلب الألمانية لاستيعاب أسعار الطاقة التي تبلغ مستويات مرتفعة جديدة كل يوم تقريباً.

صعدت أسعار الكهرباء والغاز في ألمانيا بما يفوق الضعف في شهرين فقط، مع زيادة سعر الكهرباء لسنة مقبلة - وهو مقياس للقارة - إلى 570 يورو (573 دولاراً) لكل ميغاواط/ ساعة، مقابل 40 يورو قبل سنتين.

تضخم الأسعار

قال رالف ستوفيلز، الرئيس التنفيذي لشركة "بي آي دبليو إيزوليرشتوف " (BIW Isolierstoffe) المصنّعة لأجزاء السيليكون لصناعات السيارات والطيران والأجهزة: "يعد تضخم الطاقة هنا أكثر مأساوية من أي مكان آخر، وأخشى من حدوث تراجع تدريجي في نشاط التصنيع بالاقتصاد الألماني".

مجمع المواد الكيمياوية إيفونيك إنداستريز في مارل، ألمانيا
مجمع المواد الكيمياوية إيفونيك إنداستريز في مارل، ألمانيا المصدر: بلومبرغ

اعتمدت البلاد على الغاز المتدفق من روسيا لتزويد محطات توليد الكهرباء والمصانع بالوقود، لكنَّها الآن تتأهب لتحدٍ لم يسبق له مثيل لإبقاء الأنوار مضاءة وتشغيل الشركات عقب تقليص روسيا لتلك التدفقات. تسبّب صعود الأسعار في وقت سابق بعمليات إغلاق مؤقتة، مع الحد من إنتاج الأسمدة والصلب في شهري ديسمبر ومارس الماضيين.

في الوقت الراهن، تخوض الأسعار صعوداً أكثر استدامة مما يفاقم الضغوط. استقرت عقود الغاز الأوروبية للشهر المقبل في تعاملات الخميس عند مستوى قياسي وصل إلى 241 يورو لكل ميغاواط/ ساعة، وهو أعلى بحوالي 11 مرة عن المعتاد لمثل هذا الوقت من السنة.

أزمة الشركات

في حين أنَّ الحكومة تقلّص الزيادات التي تواجهها الأسر نوعاً ما؛ فإنَّ الشركات غير محمية من تلك التكاليف الباهظة، والعديد منها على استعداد لتمرير النفقات إلى العملاء أو حتى إغلاقها تماماً.

ألمانيا تخفض ضريبة المبيعات على الغاز لتخفيف أعباء الأسر والمنتجين

قال ماتياس روتش، متحدث باسم شركة "إيفونيك إنداستريز" (Evonik Industries)، ثاني أكبر منتج للمواد الكيمياوية حول العالم، ولها مصانع بـ27 دولة: "تضع الأسعار عبئاً ثقيلاً على عدة شركات كثيفة باستهلاك الطاقة والتي تتنافس دولياً".

تستعيض الشركة عما يبلغ 40% من حجم الغاز الألماني بمنتجات البترول المسال والفحم، وتمرر بعض التكاليف العالية للعملاء. لكنَّ متحدثاً باسمها قال إنَّ فكرة نقل النشاط لن تجدي نفعاً.

اضطرابات اجتماعية

برغم ذلك؛ ما زال يوجد دليل على أنَّ موقف ألمانيا الصناعي آخذ في التدهور. في الشهور الـ6 الأولى من السنة الحالية، ازداد حجم الواردات الكيمياوية بحوالي 27% بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب بيانات حكومية حللتها شركة "أكسفورد إيكونوميكس" (Oxford Economics) للاستشارات. على نحو متزامن، هبط الإنتاج الكيمياوي، ليتراجع الإنتاج في يونيو الماضي 8% تقريباً عن ديسمبر.

قال مارتن ديفينش، العضو المنتدب السابق لمصرف "غولدمان ساكس غروب" والذي يعمل حالياً في "إس-أر أم إنتليجينس أند ريسك كونسلتنغ" (S-RM Intelligence & Risk Consulting): "تتوفر عناصر الاضطرابات الاجتماعية، وخطر وقوعها غير مقدّر كما يجب".

من المنتظر أن تكون ألمانيا صاحبة الأداء الأسوأ وسط مجموعة الدول السبع الكبرى للعام الحالي جراء اعتماد القطاع على الغاز الروسي، كما قال صندوق النقد الدولي الشهر الماضي.

غاز طبيعي

خطط بديلة

قال الرئيس التنفيذي رولاند هارينغز في 5 أغسطس الجاري إنَّ أكبر منتج للنحاس في أوروبا، شركة "أوروبيس" (Aurubis) ومقرها هامبورغ، ترمي إلى الحد من استخدام الغاز لأقصى درجة وتمرير تكاليف الطاقة إلى العملاء،. اخترعت شركة السكر العملاقة "سودزوكر" (Suedzucker) خططاً طارئة للكهرباء في حالة قطع روسيا إمدادات الغاز بالكامل عن ألمانيا، بحسب ما ذكر متحدث باسم الشركة عبر البريد الإلكتروني.

صعّدت شركة "بي أم دبليو" من استعداداتها لمواجهة أي نقص محتمل. تدير شركة صناعة السيارات، ومقرها ميونيخ، 37 منشأة تعمل بالغاز لتوليد الحرارة والكهرباء في مصانع في ألمانيا والنمسا، وتدرس الاعتماد على المرافق المحلية عوضاً عن ذلك.

إنفوغراف: كيف يبدو مزيج الطاقة في ألمانيا؟

تخطط شركة التعبئة والتغليف "ديكسكامب فيرباكونغسواريك" (Delkeskamp Verpackungswerke) لإغلاق مصنع للورق في مدينة نورتروب بالشمال جراء زيادة تكاليف الطاقة، حيث خسر 70 عاملاً وظيفتهم.

قال سيمون تاغليابيترا، كبير الباحثين في مركز الأبحاث "بروجيل" ومقره بروكسل، إنَّ الزيادة على مدى فترة طويلة لأسعار الطاقة ربما يصل الأمر بها إلى تغيير المشهد الاقتصادي للقارة.

أختتم: "ستواجه بعض الصناعات ضغوطاً كبيرة، وسيتوجب عليها إعادة النظر في عمليات إنتاجها في أوروبا".