هونغ كونغ تحقق مع بنك لتورطه في ارتفاع أسهم شركة بمقدار 32000%

جذبتْ المجموعة المالية التي يقع مقرها في هونغ كونغ والتي تقف وراء طرح عام أولي فاجأ وول ستريت بارتفاع أسهم الشركة بأكثر من 32000% بعد طرحها لأول مرة، تدقيقاً تنظيمياً بشأن الصفقات التي رتبتها في المركز المالي الآسيوي.

يُشار إلى أن التحقيق الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً والذي تنفّذه هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة في هونغ كونغ في شركة "إيه إم تي دي غروب" (AMTD Group)، التي يديرها المصرفي السابق في "يو بي إس غروب" (UBS Group) كالفين تشوي، يسبق الإدراج الأميركي لوحدتها "إيه إم تي دي ديجيتال" (AMTD Digital).

على الرغم من الإبلاغ عن 25 مليون دولار فقط من الإيرادات في العام المنتهي في أبريل 2021، ارتفعت القيمة السوقية لشركة "إيه إم تي دي ديجيتال" لفترة وجيزة فوق 400 مليار دولار في أوائل أغسطس - متجاوزة العمالقة بما في ذلك "غولدمان ساكس غروب" (Goldman Sachs Group) و"جيه بي مورغان تشيس أند كو" (JPMorgan Chase & Co).

طالع المزيد: أسهمها ارتفعت 3200% عند الذروة.. لغز "AMTD" يُحير "وول ستريت"

فتّشتْ هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة في هونغ كونغ مكتب "إيه إم تي دي غروب" ومنزل تشوي في فبراير 2021، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم ذكر أسمائهم أثناء مناقشة المعلومات الخاصة. حيث قال أحد الأشخاص إن المحققين كانوا يبحثون في ترتيبات الاكتتاب الخاصة بها حتى نوفمبر. كما أن النطاق الكامل للتحقيق ووضعه الحالي غير واضحين، مع الإشارة إلى أنَّ بعض تحقيقات هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة لا تؤدي أبداً إلى توجيه اتهامات وقد تستغرق تلك التي يتم إجراؤها سنوات حتى تصبح علنية.

تضارب مصالح

علاوةً على ذلك، يُضيف تدقيق الهيئة التنظيمية إلى سلسلة من الجدالات خلال السنوات الأخيرة التي تنطوي على تشوي الذي يستأنف قراراً منفصلاً صادراً عن هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة يمنعه من ممارسة العمل في صناعة الأوراق المالية لمدة عامين بسبب ما قالت الهيئة التنظيمية إنه تضارب في المصالح يعود إلى فترة عمله كصانع صفقات في "يو بي إس".

كما اتهمت وحدة تابعة لمجموعة "تشاينا مينشنغ إنفستمنت غروب" (China Minsheng Investment Group) المعروفة اختصاراً باسم "سي إم آي جي" (CMIG)، التي اشترت حصة كبيرة في "إيه إم تي دي غروب" في عام 2015، تشوي علناً بالاحتيال المالي، حتى أنها وضعت ملصقات عليها وجهه في شوارع هونغ كونغ، وفقاً لتقرير "كايكسين" لعام 2020. وليس من الواضح ما إذا كانت "سي إم آي جي" قد اتخذت أية خطوات قانونية أخرى.

اقرأ أيضاً: "غولدمان" يؤكد نظرته الإيجابية للأسهم الصينية رغم الصدع التايواني

كما قدّم تشوي، الذي لم يستجب للمكالمات الهاتفية والرسائل النصية المتكررة، استئنافاً على قرار هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة وستنظر المحكمة في القضية في ديسمبر. وفي سبتمبر 2020، أخبر صحيفة "تاي كونغ باو" أن مزاعم "سي إم آي جي" غير صحيحة وأنه لم تكن لديه أية سلطة على أموال "سي إم آي جي".

رفض متحدث باسم هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة التعليق. كما رفض مسؤول في "سي إم آي جي" التعليق. ولم تستجب "إيه إم تي دي ديجيتال" على الفور لطلبات التعليق.

تقلبات سعرية حادة

الجدير بالذكر أن شركة الممول هي واحدة من سبع شركات على الأقل من هونغ كونغ أو البر الرئيسي للصين تشهد تقلبات حادة في الأسعار بعد إدراجها في الولايات المتحدة هذا العام. حذّر رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غاري غينسلر مراراً وتكراراً من مخاطر الاستثمار في الشركات الصينية، إذ قال الأسبوع الماضي إن الهيئة التنظيمية تولي اهتماماً وثيقاً لتحركات السوق الجامحة، دون ذكر أية شركة على وجه التحديد.

5 شركات صينية عملاقة مملوكة للدولة تعلن انسحابها من بورصة نيويورك

في حين قال أشخاص مطلعون على الأمر إن تحقيق هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة ركّز جزئياً على الأقل على الاكتتابات العامة ذات رؤوس الأموال الصغيرة التي ضمنتها وحدة من "إيه إم تي دي غروب"، وهي نفس الشركة التي رتبت إدراج "إيه إم تي دي ديجيتال" في الولايات المتحدة الأميركية. كما قال الأشخاص إن الصفقات التي تخضع لتدقيق هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة تشمل الاكتتابات الأولية لشركة "إنتيلي سنتريكس غلوبال هولدينغز" (IntelliCentrics Global Holdings) و"تشاينا برايت كالتشر غروب" (China Bright Culture Group).

طرق الاستثمار

عاقبت بورصة هونغ كونغ في يونيو 2021 مديرين تنفيذيين اثنين في شركة "إنتيلي سنتريكس غلوبال" بعد أن استخدمت الشركة أكثر من 90% من عائدات الاكتتاب العام 2019 لشراء سندات إذنية خارجية عبر "إيه إم تي دي". أشارت البورصة إلى أن الشركة قالت إنّ شراءها إجراء مؤقت ومرحلي لإدارة حصيلة الاكتتاب العام. ومع ذلك، وجدت البورصة أن الشركة واثنين من المديرين التنفيذيين قد انتهكوا قواعدها.

كما استثمرت "تشاينا برايت كالتشر غروب"، وهي شركة إنتاج تلفزيوني، مبلغ 70.8 مليون دولار - أو 60% من المبلغ الذي تم جمعه من بيع الأسهم في هونغ كونغ - في سند إذني صادر عن "إل. آر. كابيتال بروبرتي إنفستمنت" (L.R. Capital Property Investment)، وفقاً لتقريرها السنوي لعام 2021. تم استرداد المبلغ بالكامل في وقت لاحق.

طالع المزيد: بورصة هونغ كونغ تدرس إتاحة تسوية التعاملات عبر بنوك مقاصة مختلفة

حظر تشوي

يُشار إلى أن شركة "إل. آر. كابيتال بروبرتي" تشترك مع شركة "إل. آر. كابيتال مانجمنت" (L.R. Capital Management) في نفس عنوان جزر كايمان - وسكرتير الشركة، وهي الشركة التي امتلك فيها والد تشوي حصة حتى ديسمبر 2021، وفقاً لملفات سجلات الشركات في الأراضي البريطانية وهونغ كونغ. كما لعبت الشركة الأخيرة، وهي مالكة الأغلبية سابقاً في شركة "إيه إم تي دي غروب"، دوراً في قرار هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة بحظر تشوي، وفقاً لحكم صادر عن محكمة الاستئناف للأوراق المالية والعقود الآجلة في هونغ كونغ.

وفقاً لأشخاص على دراية بكيفية ترتيب "إيه إم تي دي" للصفقات، عملت الشركة مع مستثمرين مختارين لتغطية النقص في الطلب على الاكتتابات الأولية. حيث قال الأشخاص إن الشركة المدرجة حديثاً ستستثمر بعد الطرح العام الأولي مبالغ مماثلة في منتجات الثروة التي تديرها شركات مرتبطة بـ "إيه إم تي دي".

كما قال الأشخاص المطلعون إنه إذا ارتفعت أسهم الشركة المدرجة حديثاً بعد الاكتتاب العام، فسيقوم المستثمرون ببيع الشركة المدرجة وتقاسم الأرباح معها. مضيفين أنّ مُصدِر الاكتتاب العام سوف يسترد بعد ذلك استثماراته في منتجات الثروة المرتبطة بـ "إيه إم تي دي"؛ وأنّ المُصدِر وافق أيضاً على تغطية أية خسائر محتملة يتكبدها المستثمرون المختارون في الاكتتاب العام.

فضلاً عن ذلك، تُظهِر الوثائق التي اطلعت عليها بلومبرغ نيوز علاقات وثيقة بين بعض المستثمرين. حيث تُظهِر الوثائق أنّ ثلاث شركات استثمرت في أحد الاكتتابات العامة الأخيرة التي ضمنتها "إيه إم تي دي"، على سبيل المثال، تشترك في نفس سكرتير الشركة واثنتان منها مسجلتان على نفس عنوان هونغ كونغ.

تلاعب يحجب التدفق النقدي

بالإضافة إلى ذلك، قالت فيرونيك لافون-فينايس، الأستاذة المساعدة في تعليم إدارة الأعمال في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، متحدثة بشكل عام: "يُعدُّ أي نوع من التلاعب يحجب طبيعة التدفق النقدي أو طبيعة الشركة شكلاً من أشكال التلاعب بالسوق الذي تنتبه إليه الهيئات التنظيمية، أو يجب أن تنتبه إليه".

بدون موافقة مسبقة من الهيئات التنظيمية، تحظر قواعد الإدراج في هونغ كونغ على شركات التأمين تخصيص أسهم الاكتتاب العام لـ "العملاء المرتبطين" أو الشركات المرشحة ما لم يتم الكشف عن اسم المستفيد النهائي، وفقاً لإرشادات الطرح.

طالع أيضاً: "علي بابا" الصينية تسعى للإدراج الأولي في بورصة هونغ كونغ

ساعدت "إيه إم تي دي غروب" في ترتيب ما لا يقل عن 62 اكتتاباً أولياً في هونغ كونغ والولايات المتحدة، بما في ذلك تلك الخاصة بشركة "إيبانغ انترناشونال هولدينغز" (Ebang International Holdings) و"مولكيولار داتا" (Molecular Data)، اللتين جمعتا معاً ما يقرب من 200 مليون دولار في نيويورك في عام 2020.

يُشار إلى أنه في تقرير صدر في أبريل 2021، زعمت شركة "هيندنبورغ ريسيرتش" (Hindenburg Research)، التي تبيع على المكشوف، أن الشركتين قد حولتا غالبية الأموال التي جُمِعت إلى سندات صادرة عن شركات مرتبطة بـ "إيه إم تي دي".

في بيان صدر العام الماضي، قالت شركة "إيبانغ" إنها، وكجزء من إدارة الخزانة لديها، استثمرت العائدات من السندات في "معاملات تجارية مستقلة تسهلها "إيه إم تي دي""، واستردت الاستثمار بالكامل.

في حين استثمرت شركة "مولكيولار داتا" 58.4 مليون دولار في منتجات إدارة الثروات الصادرة عن "إل. آر. كابيتال بروبرتي"، وفقاً لإيداع الشركة. قدّمت الشركة إشعاراً بالاسترداد الكامل للسندات في نهاية عام 2021.

لم تستجب شركات "إنتيلي سنتريكس"، و"تشاينا برايت فيوتشر"، (China Bright Future)، و"إيبانغ"، و"مولكيولار داتا" لرسائل البريد الإلكتروني التي تطلب التعليق.

الشركات المرتبطة

لطالما ابتُليت سوق هونغ كونغ بمزاعم عن معاملات بين شركات مرتبطة بشكل وثيق. ففي عام 2018، اتهم رئيس إنفاذ القانون في هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة "شبكة شائنة" من الشركات المدرجة والوسطاء ومقرضي الأموال والمستشارين بإثراء أنفسهم من المستثمرين المطمئنين. منذ ذلك الحين، شدّدت الهيئة التنظيمية قيودها على سوق رؤوس الأموال الصغيرة، المعروفة باسم "جيم" (GEM)، لاستئصال التقلبات الشديدة في الأسعار الناجمة عما يسمى بخطط "الهياج والإغراق" التي أدت إلى تضخيم قيمة الشركات ذات التداول الضئيل.

بالمثل، تُربك التقلبات الشديدة الآن المستثمرين الأميركيين. حيث ارتفعت أسهم "إيه إم تي دي ديجيتال" عند نقطة واحدة لتصل إلى 2,555.30 دولار من سعر الاكتتاب العام الأولي البالغ 7.80 دولار، قبل أن تنخفض إلى 186.93 دولار يوم الأربعاء. كما ارتفعت شركة تابعة أخرى، "إيه إم تي دي أيديا غروب" (AMTD Idea Group)، بنسبة 536% في نيويورك.

فضلاً عن ذلك، قفزت شركة "ماجيك إمباير غلوبال" (Magic Empire Global)، وهي شركة خدمات مالية غير معروفة - غير مرتبطة بـ "إيه إم تي دي" - بما يصل إلى 2,825% بعد ظهورها لأول مرة في 6 أغسطس قبل أن تتعثر مرة أخرى. وشهدت الشركات الصينية أو التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها تقلبات كبيرة بعد إدراجها في نيويورك.

تأسّستْ "إيه إم تي دي غروب" في عام 2003 من قبل "كومنولث بنك أوف أستراليا" (Commonwealth Bank of Australia) وشركة "سي كيه هوتشيسون هولدينغز" (CK Hutchison Holdings) لمالكها الملياردير لي كاشينغ. كما تُعدُّ وحدة الأسهم الخاصة في "مورغان ستانلي" (Morgan Stanley) من بين المستثمرين أيضاً، على الرغم من تقليص حصتها في السنوات الأخيرة.

صعود قياسي لأسهم ثالث أكبر طرح عام بالصين في 2022

علاوةً على ذلك، تولّى تشوي القيادة بعد تركه لـ "يو بي إس" في عام 2015 بدعم من "سي إم آي جي"، التي امتلكت بعد ذلك حصة فعالة بنسبة 25% في "إيه إم تي دي غروب". وكان تفويض تشوي هو التنويع بعيداً عن سمسرة التأمين إلى الخدمات المصرفية الاستثمارية وإدارة الأصول والتكنولوجيا المالية. وتطلق شركة "إيه إم تي دي أيديا" المدرجة في الولايات المتحدة على نفسها اسم أكبر بنك استثماري مستقل في آسيا وتتباهى "بوصول لا مثيل له" إلى رأس المال من أباطرة هونغ كونغ وشبكة "سبايدرنت" (SpiderNet) من جهات الاتصال التجارية.

تشوي هو الآن المالك الوحيد للشركة التي تسيطر على 32.5% من "إيه إم تي دي غروب"، وفقاً لإحدى الوثائق. وكانت "إل. آر. كابيتال"، التي ارتبط بها تشوي في تحقيق هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة، مالكة للأغلبية إلا أنها باعت أسهمها في عام 2021. وتمتلك "إيه إم تي دي غروب" 50.6% من "إيه إم تي دي أيديا"، والتي قالت في 16 أغسطس إنها ستضخ 500 مليون دولار من الأصول في "إيه إم تي دي ديجيتال" لتجلب نسبة ملكيتها إلى 87.64%.

لاعب أساسي في التكنولوجيا المالية

تشوي هو مواطن من هونغ كونغ ومواطن كندي، وقد كان لاعباً أساسياً في أحداث التكنولوجيا المالية السنوية في سنغافورة في السنوات الأخيرة. وفي عام 2019، انضم إلى الرئيس التنفيذي السابق لهونغ كونغ كاري لام في رحلة خارجية إلى تايلاند وماليزيا، ولكن رفضت لجنة تدقيق محاولته العام الماضي للانضمام إلى 1,500 شخص يختارون زعيم المدينة.

في الحظر المفروض على تشوي في يناير، قالت هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة إنه فشل في الكشف عن علاقته بـ "إل. آر. كابيتال"، التي كانت جزءاً لا يتجزأ من الصفقات التي كان يعمل عليها في "يو بي إس" في عامي 2014 و2015.

في بيان صدر العام الماضي، رد الممول على النقاد دون ذكر أية تفاصيل، حيث قال: "هناك من يحسدون ومن هم غيورون، وأولئك المستهزئون، والخبثاء، وهناك المفترون، ومع ذلك، يجب على رواد الأعمال الإصرار على أن التطور هي الكلمة الأخيرة".

مستثمرو "علي بابا" و"جيه دي دوت كوم" يعززون الانتقال إلى بورصة هونغ كونغ

يُشار إلى أنّ بعض كبار الداعمين لـ "إيه إم تي دي" يبتعدون الآن عن الشركة. حيث قالت "سي كيه غروب" التي يملكها لي إنها تخطط لبيع حصتها المتبقية في "إيه إم تي دي غروب"، في وقت سابق من هذا الشهر. كما قالت "سي كيه غروب" إنها تمتلك أقل من 4% من "إيه إم تي دي غروب" ولا تستثمر بشكل مباشر في "إيه إم تي دي ديجيتال".

أما وحدة الأسهم الخاصة في "مورغان ستانلي"، التي اشترت حصة في "إيه إم تي دي غروب" في عام 2014، فقد باعت لاحقاً معظم حصتها. وقال شخص مطلع على الأمر إن الشركة لا تشارك في العمليات اليومية وتتطلع إلى الخروج من النسبة المتبقية البالغة 1.7% التي ما تزال تحتفظ بها.

رفض ممثلو وسائل الإعلام في "مورغان ستانلي" و"سي كيه غروب" التعليق.