مستثمرو "وول ستريت" المتشائمون ينتقمون بعد ارتفاع الأسهم 7 تريليونات دولار

استطلاع "إم إل آي في بالس": 68% من المشاركين يرون أن أكثر فترات ضغوط الأسعار تُضعف هوامش الشركات وتُخفّض الأسهم

بورصة نيويورك في مدينة نيويورك الأميركية
بورصة نيويورك في مدينة نيويورك الأميركية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يقول تحذير متّزن موجَّه إلى "وول ستريت" وخارجها إنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي مستمر في مساره التصادمي مع الأسواق المالية.

ينتظر أن تهوي الأسهم والسندات مرة أخرى برغم أنَّ التضخم قد بلغ ذروته على الأرجح، وفقاً لأحدث استطلاع أجرته "إم إل آي في بالس" (MLIV Pulse)، إذ يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى إعادة موجة البيع الكبيرة من جديد في عام 2022. وقبيل انعقاد الندوة الاقتصادية في بلدة جاكسون هول، المقررة في وقت لاحق من هذا الأسبوع؛ يرى 68% من المشاركين في الاستطلاع أنَّ أكثر فترات ضغوط الأسعار، المزعزعة للاستقرار منذ عقود، تُضعِف هوامش ربحية الشركات، وتدفع بالأسهم إلى مزيد من الانخفاض.

غالبية المشاركين الذين يتجاوز عددهم 900 شخص، منهم استراتيجيون ومضاربون بالبورصة، يرون أنَّ التضخم قد بلغ ذروته. ومع ذلك، يقول 84% منهم إنَّ الأمر قد يستغرق عامين أو أكثر حتى يتمكّن بنك الاحتياطي الفيدرالي، بقيادة جيروم باول، من خفض التضخم إلى الهدف الرسمي طويل الأجل البالغ 2%. وخلال هذه الفترة سيُقلّص المستهلكون الأميركيون إنفاقهم، وسترتفع البطالة إلى أكثر من 4%.

تؤكد كل هذه المعنويات السلبية على الشكوك العميقة لدى المستثمرين أمام الانتعاش غير المتوقَّع في الأسهم بقيمة 7 تريليونات دولار في الآونة الأخيرة. وبرغم تراجع الأسهم في الأسبوع الماضي؛ مازال مؤشر "إس أند بي 500" عند مستوى يقلّص خسارته في عام 2022 إلى 11% مقارنة مع 23% عندما بلغ أدنى مستوى له في منتصف يونيو. افتتحت العقود الآجلة الأميركية أسبوعها على انخفاض في التعاملات الآسيوية.

تقييم مسارات رفع الفائدة يهبط بالأسهم الأميركية في تعاملات الأربعاء

قالت فيكتوريا غرين، الشريك المؤسس لدى "جي سكويرد برايفت ويلث"(G Squared Private Wealth)، في مقابلة: "هذا هو فخ السوق المتدهورة، والتضخم هو بمثابة الوحش الكبير المخيف. فحتى لو شهد التضخم انخفاضاً مستمراً حقيقياً؛ سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يحدث انخفاض فعلي كبير في الأسعار".

معاودة انخفاض السندات

تشير نتائج الاستطلاع إلى معاناة مشتري الأسهم عند انخفاض أسعارها، الذين ظهروا مجدّداً في السوق بعد النصف الأول المروِّع للغاية، مدفوعين بالرهان على هدوء حدة السياسة النقدية التقشفية وسط تحوُّل عدد كبير من الصناديق الكميِّة إلى مراكز استثمارية تراهن على الصعود. في المقابل، عوّضت الأسهم في جميع أنحاء العالم بعض خسائرها مقابل تراجع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى حوالي 3% من ذروة اقتربت من 3.5% في وقت سابق من هذا العام.

أما المشاركون في استطلاع "إم إل آي في"؛ فيرون أنَّ أسعار السندات ستعاود الانخفاض خلال الشهر المقبل مع توفّر فرصة أن يقوم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي باول بتجديد التوقُّعات المتشددة في السوق خلال اجتماع جاكسون هول في وايومنغ هذا الأسبوع. تراجعت العقود الآجلة على الأسهم الأميركية يوم الإثنين مع الأسهم في أوروبا متجاوزة الانخفاض السنوي.

العقود الآجلة على أرصدة الاحتياطي الفيدرالي تكشف حالياً أنَّ المتعاملين يراهنون على أنَّ البنك المركزي سيتوقف عن رفع سعر الفائدة بعد زيادة السعر المعياري إلى 3.7%، وسيبدأ في تخفيضها بحلول مايو 2023. مع ذلك، فإنَّ الحمائم أيضاً يضغطون لزيادة الفائدة، حيث أوصى نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، برفعها إلى 4.4% بنهاية العام المقبل.

العريان: الاقتصاد الأمريكي لن ينجو من الركود التضخمي رغم تشديد "الفيدرالي"

من الصعب المبالغة في تقدير سبب أهمية كل هذا، لا سيما أنَّ الوتيرة السريعة للتشديد النقدي والتداعيات الاقتصادية الناتجة تعدّ من أكبر المخاطر التي تواجه مديري الأموال في جميع أنحاء العالم، على اعتبار أنَّ أسعار الفائدة محرّك رئيسي في تقييم الشركات. تتعلق الأخبار السيئة، بحسب المشاركين في الاستطلاع، بالتضخم الذي سيوجه ضربة مروّعة لهوامش الربحية مما سيدفع بانخفاض الأسهم.

برغم أنَّ تأثير التضخم على هوامش الربحية يعد أمراً غير محسوم إلى حد كبير، يميل غالبية قراء "إم إل آي في" إلى الفئة المتشائمة، في هذا الجدل الساخن الدائر في "وول ستريت"، التي تستشف هبوطاً في الأسهم. مع استمرار ارتفاع الأسعار؛ من المتوقَّع تقلّص حجم الشراء من قبل المستهلكين خلال الأشهر الستة المقبلة، وفقاً لقول غالبية الردود.

تحذيرات "وول مارت"

يتماشى هذا مع تحذيرات أكبر شركة لمتاجر التجزئة في العالم، "وول مارت" (.Walmart Inc)، التي ترى أنَّ التضخم المرتفع يجبر المتسوقين على دفع المزيد لضرورياتهم على حساب الأشياء الثانوية الأخرى. من شأن خفض الإنفاق الاستهلاكي أن يفرض عبئاً واضحاً على الأرباح المحُقَّقة من قبل الشركات المُدرجة ضمن مؤشر "إس أند بي 500" التي تعاني كذلك من ارتفاع الأجور، وزيادة المخزون، واستمرار مشكلات سلسلة التوريد في الصين.

لكنَّ الانخفاض قد لا يحدث حتى الربع الرابع برغم بلوغ هوامش مؤشر "إس أند بي 500" ذروتها قبل عام، وفقاً لـ"بلومبرغ إنتليجنس". تراجعت التقديرات المتفق عليها بشأن هوامش صافي الدخل بنحو نصف نقطة مئوية لكل من الربعين الثالث والرابع منذ بداية موسم الأرباح هذا، فقد كانت خدمات الاتصالات والرعاية الصحية والقطاعات الاستهلاكية من بين الفئات الأضعف، بحسب بيانات "بلومبرغ إنتليجنس".

أغنى عائلة بالعالم تخسر 13 مليار دولار يوم الثلاثاء مع تراجع أسهم "ولمارت"

يُرجِّح المساهمون في استطلاع "إم إل آي في بالس" ارتفاع البطالة إلى ما يزيد عن 4%، على ألا تتعدى 6%، وهو مستوى مقلق يزيد عن توقُّعات مسؤولي السياسات المالية، ولكنَّه يقل عما كان عليه في فترات الركود الاقتصادي الحاد السابقة. هذا يولِّد بعض الشعور بالراحة بشأن الركود، حيث سيوفر أي ركود قصير المدة فرصة لشراء الأصول بأسعار منخفضة.

قال جون كونيسون، كبير مسؤولي الاستثمار في "بنك بيكر بوير" (Baker Boyer Bank) : "من النادر أن يُشدِّد بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسته للغاية دون التسبُّب في تقلّبات بالسوق. الأسهم ليست رخيصة كثيراً حالياً، ولكنَّها ليست باهظة مثلما كانت قبل ستة أشهر، وخاصة فيما يتعلّق بالشركات الأكثر نمواً".