الصين تبدأ قتالها الخفي ضد دولار أميركا القوي

أوراق نقدية صينية من فئة 100 يوان
أوراق نقدية صينية من فئة 100 يوان المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اتخذت الصين، اليوم الخميس، خطوات لدعم ضعف اليوان بعدما دفعت عودة الدولار العملة المحلية إلى مستوى منخفض جديد منذ عامين.

حدّد بنك الشعب الصيني سعره المرجعي لليوان عند مستوى أقوى من المتوقع للعملة المدارة، وسط استمرار اتساع تأثير فجوة السياسة النقدية مع الولايات المتحدة. اعتُبرت هذه الخطوة إشارة إلى رغبة البنك المركزي الصيني في إبطاء الوتيرة المتسارعة لانخفاض قيمة اليوان، حيث أدت الرهانات القوية على رفع أسعار الفائدة الأميركية إلى دعم عملة الولايات المتحدة.

قالت فيونا ليم، كبيرة محللي الصرف الأجنبي لدى "مالايان بانكينغ بي إتش دي" (Malayan Banking Bhd) في سنغافورة: "قد يكون التحرك الإصلاحي القوي لليوان، من قبل بنك الشعب الصيني، بمثابة إشارة تحذيرية إلى المضاربين الذين يراهنون على اليوان في الأوقات المتقلبة. يمكن للعملة الأضعف تحسين قدرتها التنافسية التصديرية، ولكن يحتاج البنك المركزي إلى الحذر من تأثير ضخم قد يؤدي إلى تفاقم تقلبات السوق والتضخم المستورد معاً".

​​اليوان يقترب من أدنى مستوى في عامين مع اتساع فارق العائد أمام الدولار

تعرّضت العملة الصينية لضغوط بعد قيام بنك الشعب الصيني بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، هذا الشهر، لدعم الاقتصاد المتضرر من قيود كوفيد. ويراهن مضاربو العملات الأجنبية كذلك على أن تعمل الرسالة المتشدِّدة الآتية من بنك الاحتياطي الفيدرالي، في ندوة "جاكسون هول"، على ترسيخ الرهانات على رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وستزيد من تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الصين مع الابتعاد الأكبر للسياسة النقدية بالبلاد عن الولايات المتحدة.

امتنع بنك الشعب الصيني، إلى حد كبير، عن مقاومة ضعف العملة حتى هذا الأسبوع، ووضعت عملية تثبيت السعر، الخميس، العملة عند 120 نقطة أقوى من متوسط ​​التقدير في استطلاع أجرته "بلومبرغ" للمحللين والمضاربين. كانت هذه الفجوة الأوسع منذ شهر فبراير في عام 2020.

قال بيكنيان ليو، كبير الاقتصاديين المتخصصين في الشؤون الصينية لدى "نات ويست غروب": "تشير هذه التحركات إلى تدخل خفي لوقف المزيد من الضعف السريع".

تسبّب تجدُّد قوة الدولار في مشاكل جديدة لمحافظي البنوك المركزية الآسيوية القلقين بشأن تأثير تدفقات رؤوس الأموال الخارجة على اقتصاداتهم. وحذّرت كوريا الجنوبية، هذا الأسبوع، من المضاربة على العملة بعد انخفاض "الوون" إلى أدنى مستوى له منذ 13 عاماً، في حين أعلن بنك إندونيسيا عن إجراءات لدعم الروبية عبر جذب التدفقات الأجنبية.

ارتفع اليوان المحلي بمقدار0.1% إلى 6.8480 للدولار في تمام الساعة 3:05 مساءً بتوقيت شنغهاي بعد انخفاضه في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس 2020. وتراجع بنحو 1.6% مقابل الدولار، هذا الشهر، وهو في طريقه لتسجيل أكبر خسارة شهرية له منذ أبريل.

يضيف هذا الضعف إلى عملية التوازن غير المستقرة لبكين التي تبحث عن طرق لدعم اقتصادها المتعثر دون زيادة انعدام الاستقرار المالي.

إلا أن بنك الشعب الصيني يمكنه القيام بالمزيد للتخفيف من انخفاض قيمة اليوان، وفقاً للخبير الاستراتيجي جينغيانغ تشينن لدى "إتش إس بي سي هولدينغز"، في مذكرة، والذي قال إن البنك قد يتدخل لفظياً، أو قد يقلّل من نسبة متطلبات احتياطي العملات الأجنبية للمؤسسات المالية بشكل أكبر، أو قد يعيد إدخال عامل في معادلة التثبيت، أو يزيد من إصدار سندات اليوان الخارجية.

بنوك عالمية تتوقع استمرار نزيف اليوان الصيني بسبب التباطؤ و"كورونا"

نقل تقرير وكالة "رويترز" عن مصادر لم يذكرها أن الإدارة الصينية للنقد الأجنبي تواصلت مع عدد من البنوك، أمس الأربعاء، لتحذيرها من "بيع اليوان بقوة". وقال التقرير، نقلاً عن الجهة التنظيمية، إنه لم يلاحظ قيام المؤسسات المالية "بشراء كميات كبيرة غير معقولة من العملات الأجنبية".

أفاد بو تشوانغ، كبير المحللين في "لوميس سايلز إنفستمنتس آسيا" (Loomis Sayles Investments Asia) في سنغافورة بأنه: "على الصين التعامل مع تخفيض قيمة اليوان الخاضع للرقابة بهدف تسهيل السيولة المحلية الداعمة للنمو وفي نفس تتمنى عدم الانتباه لها. أي هبوط سريع في قيمة اليوان مقابل الدولار القوي قد يُنظر إليه على أنه تهديد لحرب صغيرة في عملة الأسواق الناشئة".

الخسائر القادمة

مع ذلك، يُظهر التاريخ أن المفاجآت السابقة القوية الخاصة بإصلاح اليوان كانت تتسم بقصر مدة التأثير، ويتوقع مشاركون كثيرون في السوق مزيداً من الضعف.

يرى المحللون الاستراتيجيون في "ماي بنك سيكيوريتيز" (Maybank Securities) خطراً متعلقاً باختراق سعر الدولار مقابل اليوان للمستوى السابع الذي تتم مراقبته عن قرب، طالما تحافظ الصين على استراتيجية (صفر كوفيد) واستمر ضعف سوق العقارات في البلاد. وتوقع براد بكتل، المدير العالمي للعملات الأجنبية في "جيفريز"، في مذكرته هذا الأسبوع، أن يتجه اليوان إلى 7 أو 7.2 للدولار.

أفصح ستيفن تشيو، كبير الخبراء الاستراتيجيين في العملات الأجنبية والأسعار في آسيا لدى "بلومبرغ إنتيليجنس"، أن هناك حاجة إلى تحسينات فعلية في الاقتصاد الكلي الصيني حتى ينتعش اليوان، ولكن لا يبدو أن هذا قد يحدث قريباً، مضيفاً أن توجيهات التثبيت "قد لا تكون الأخيرة" في حال استمرار صعود الدولار.