أسئلة متداولي الكهرباء الأوروبية تثير الفزع

قد يكون الإبقاء على الإنارة في أوروبا هذا الشتاء أصعب مما تعترف به الحكومات

خطوط إمداد كهربائي عالية الجهد في برايتون في بريطانيا.
خطوط إمداد كهربائي عالية الجهد في برايتون في بريطانيا. المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يطرح متداولو عقود الكهرباء في المملكة المتحدة أسئلة على مديري الشبكة الوطنية لمدة ساعة كل أسبوع في مكالمة الجماعية يمكن لأي شخص متابعتها، وهي تقدّم نظرة معمقة حول ما يُقلق الرجال والنساء في الخط الأمامي لسوق الكهرباء. يزيدني الاستماع لهم أسبوعياً خشية ويشير ما يقولون إلى أن الإبقاء على الإنارة هذا الشتاء سيكون أصعب مما تعترف به الحكومات الأوروبية.

كما تبدو الأسعار مقلقة بما فيه الكفاية. قيل للأسر البريطانية الأسبوع الماضي إن فواتير الكهرباء والغاز سترتفع 80% اعتباراً من 1 أكتوبر، وحُدّد ما يسمى بسقف أسعار الطاقة عند 3549 جنيهاً إسترلينياً (4190 دولاراً أمريكياً) سنوياً، بعدما كان محدداً بـ1,971 جنيهاً إسترلينياً خلال الأشهر الستة الماضية و1,277 جنيهاً إسترلينياً خلال الشتاء الماضي.

المملكة المتحدة تتجه لخفض صادرات الكهرباء للدول المجاورة

تشير مكالمة القطاع الجماعية هذه إلى أن المشكلة أكبر من مجرد ارتفاع التكاليف. تتردد كلمتا "طوارئ" و"نقص" بازدياد، مع تركيز المشاركين على موعد حدوث الأزمة وليس احتمالية حدوثها. تخيّل أن تكون قادراً على سماع محادثات المديرين التنفيذيين في وول ستريت والاحتياطي الفيدرالي عندما تكشّفت الأزمة المالية العالمية في 2008.

سأذكر سؤالاً من جلسة الأسبوع الماضي: "هل تدرسون الاحتمالات الممكنة إن انهارت أو حين تنهار التجارة عبر الحدود تحت ظل ضغوط الإمداد الأمنية هذا الشتاء؟" هناك سؤال آخر: "هل يمكننا عقد جلسة نتحدث فيها عن ترتيبات الطوارئ؟" قال مشارك آخر إن التنبؤات الخاصة بميزان العرض والطلب أظهرت "كم سيكون الشتاء سيئاً لأي شخص يمكنه إجراء الحسابات". كان المتصل نفسه صريحاً بشأن التنبؤات التي أعلنتها الشبكة: "لا أعتقد أنك تصدق ما كتبته، ولا أحد يصدقه أيضاً".

لا داعي للقلق، حقاً؟

كانت هناك مداخلة دالّة بوضوح، فقد سأل أحد المشاركين: "استناداً للمستوى الذي تُتدوال عنده منتجات شتاء 2022، أين موقعكم أنتم فيما يتعلق بتأمين الكهرباء خلال الشتاء؟" خلفية هذا السؤال هي أنه في السوق المستقبلية، يقترب سعر الكهرباء البريطانية للميغاواط/ساعة في ديسمبر بسرعة من مستوى 1,000 جنيه إسترليني، بزيادة 50% عن الأسعار الحالية. أما مغزى السؤال فهو وجود قصور في الكهرباء.

قارن هذا الحوار مع إصرار الحكومة البريطانية على أنه لا يوجد ما يدعو للقلق. قال مكتب رئيس الوزراء في داونينغ ستريت في وقت سابق من هذا الأسبوع: "يمكن للعائلات وللشركات وللصناعة أن يثقوا بأنهم سيحصلون على حاجتهم من الكهرباء والغاز خلال الشتاء لأن لدينا أحد أكثر أنظمة الطاقة موثوقية وتنوعاً في العالم".

كيف دفعتْ لندن سعراً قياسياً لتفادي انقطاع التيار الكهربائي؟

يُعرف هذا الاجتماع الأسبوعي عبر الفيديو رسمياً باسم "منتدى الشفافية التشغيلية لمكتب السلامة الكهربائية"، ويتيح للمشاركين في السوق طرح أسئلة على مديري ما يُسمّى بمركز التحكم الوطني بالكهرباء، وهو المركز الذي ينقل الطاقة في جميع أنحاء المملكة المتحدة من المولدات إلى التجار ومن ثم إلى المستهلكين. عادة ما يتعامل المنتدى مع مشكلات ملتبسة في تداول الطاقة، لكن الاهتمام تحوّل في الأسابيع الأخيرة إلى إدارة الأزمات. كان السؤال التالي مثالاً آخر جاء في وقت سابق من هذا الشهر: "إن وقع حدثان ضاغطان على المنظومة في كل من قطاعي الغاز والكهرباء، كيف سيتواصل مشغل نظام الكهرباء ومركز التحكم في الغاز؟ أي حدث ضاغط له الأولوية؟" ما يثير القلق بشكل خاص هو قلة عدد سيناريوهات الكوارث التي يبدو أنهم استعدوا للتعامل معها.

يمثّل ما سيحدث في حال طبّقت الدول الأوروبية سياسات تحقيق مصالحها على حساب الأخرى عبر إغلاق تدفقات الكهرباء عبر الحدود مصدر القلق الرئيسي، كما قالت النرويج إنها تفكر بذلك فعلاً. قال أحد المشاركين في السوق الأسبوع الماضي: "من فضلكم، تحتاج السوق لفهم كامل حول كيفية استخدام الموصلات البينية في فترات ارتفاع الأسعار للغاية ونقص التوليد المحتمل".

دمار الطلب

يُعدّ مقدار الاستهلاك، الذي قد ينخفض ​​إن لم تتمكن الأسر والشركات من تحمل ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز، موضوعاً آخر. من الأمثلة الحديثة على مثل هذه الأسئلة: "ما مستوى انخفاض الطلب ودمار الطلب الذي تتوقعه لفصل الشتاء المقبل من المستهلكين الصناعيين التجاريين تفاعلاً مع الأسعار؟" وكرر آخر السؤال: "ما مستوى دمار الطلب، إن وجد، الذي جرى تضمينه في توقعات الطلب لهذا الشتاء بالنسبة للمنازل والصناعة؟" لم يتمكن مديرو الشبكة من تبيان أي أرقام في هذا الشأن.

مؤكدٌ أن هذا الاجتماع عبر الفيديو يجب أن يركز على المشكلات المحتملة في المستقبل، فهو موجود لتوقع المشكلات وحلها. لكن بعدما استمعت في مناسبات متعددة خلال الأشهر القليلة الماضية، توصّلت إلى ثلاث نتائج. أولاها أن حالة الطوارئ التي تلوح في الأفق أسوأ من الاعتراف العلني بها من جانب عديد من المديرين التنفيذيين في الصناعة، وأخطر بكثير مما تعترف الحكومة به. ثانيها أن الأسعار المرتفعة تمثّل مشكلة كبيرة، لكن أمن الإمدادات معرّض للخطر أيضاً. ثالثها أن وقت الاستعداد ينفد قبل أن تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض.

في مثال نادر عن نوع الشفافية التي نحن في أمس الحاجة إليها، قال مدير الشبكة الفنلندية للمواطنين في وقت سابق من هذا الأسبوع إن عليهم الاستعداد لحدوث نقص هذا الشتاء. من واجب الحكومات الأوروبية أن تتصالح مع ناخبيها بشأن حجم الأزمة المقبلة. فالتقليل من حجم المشكلة أو التظاهر بعدم وجود مشكلة، وهو الأسوأ، لن يحافظ على استمرار تشغيل الكهرباء هذا الشتاء.