تباطؤ الاقتصاد الصيني ينعكس بشكل متباين على جيرانها في آسيا

حاويات الشحن في محطة ميناء بوسان، كوريا الجنوبية
حاويات الشحن في محطة ميناء بوسان، كوريا الجنوبية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أثّر التباطؤ الاقتصادي في الصين بطريقة متباينة بشكل حاد على شركائها التجاريين في آسيا، ففي حين يعاني جيرانها في الشمال، تُظهر الاقتصادات في الجنوب الشرقي من القارة صموداً كبيراً.

في وقت ما يزال فيه ثاني أكبر اقتصادات العالم يتعامل مع حالة من الركود في الاستهلاك والإنتاج بسبب الإغلاقات المرتبطة بفيروس كوفيد، مما يفاقم ضغط تباطؤ الطلب على أشباه الموصلات العالمي.

في غضون ذلك، كانت الصادرات من أكبر ستة اقتصادات في جنوب شرق آسيا، والتي تعتبر الصين الشريك التجاري الأول لها جميعاً، أكثر مرونة نتيجة هيمنة البضائع والسلع الأساسية مثل زيت النخيل ومنتجات النفط المكررة على شحناتها.

في ظل مواجهة العالم احتمالية ضعف الطلب نتيجة السياسة النقدية التي تفضّل مكافحة التضخم على استقرار النمو؛ فإنَّ تزايد التباطؤ في الصين سيسبب المزيد من القلق.

استطلاع "بلومبرغ": ضعف آفاق نمو اقتصاد الصين العام الجاري وسط مخاطر في 2023

تبدد المرونة

تقول تمارا هندرسون، الخبيرة الاقتصادية بشؤون آسيا في "بلومبرغ إيكونوميكس" إنَّه من منظور أوسع يمكن تبرير مرونة الصادرات الآسيوية برغم التباطؤ الصيني إلى "الطلب المكبوت المتراكم منذ الأيام الأولى للوباء"، لكنَّها أوضحت أنَّ هذه المرونة "ستتبدد لأنَّ هذا النوع من الطلب آخذ بالتشبّع، بينما يواجه الاقتصاد الصيني المزيد من الضغوط".

فيما يلي نظرة أقرب على أحدث بيانات الصادرات إلى الصين من اقتصادات شمال وجنوب شرق آسيا:

شمال آسيا

  • تواجه صادرات اليابان إلى الصين ضغوطاً كبيرة، بما في ذلك الإلكترونيات ومعدات أشباه الموصلات. وذلك برغم نجاح الين الضعيف بالتغلب على بعض مظاهر التراجع، فبينما ارتفعت الصادرات اليابانية إلى جارتها العملاقة الإقليمية بنسبة 12.8% بالين في يوليو؛ أظهرت البيانات الخاصة بالشحنات التي تلقتها بكين انخفاضاً بنسبة 9.2% من حيث القيمة الدولارية. وقال بنك اليابان الشهر الماضي إنَّ الصادرات إلى الصين "تتراجع بشكل واضح بسبب الآثار المستمرة لإغلاق شنغهاي وأماكن أخرى".

زيادة قياسية في العجز التجاري باليابان بسبب أسعار السلع وضعف الين

  • أظهرت البيانات الرسمية أنَّ صادرات كوريا الجنوبية الأولية، بما في ذلك الرقائق، وشاشات العرض، والنفط المكرر، تعيش حالة ركود تقريباً في أغسطس، مع انخفاض الشحنات إلى الصين بنسبة 11.2%. ويأتي ذلك بعد أرقام يوليو التي أظهرت هبوطاً بنسبة 0.9% بالدولار الأميركي في واردات بكين من سيؤول. وتشير الأرقام المنخفضة إلى أنَّ التراجع الاقتصادي الناجم عن الهشاشة الاقتصادية المرتبطة بالصين قد تتفاقم في ظل لعب المصنّعين الكوريين دوراً كبيراً في سلاسل التوريد العالمية. وتُعد بيانات أغسطس، التي تُظهر الشحنات اليومية خلال أول 20 يوماً من الشهر، مقياساً للنمو ومؤشراً للمخاطر في المنطقة، وقالت أليسيا جارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة "ناتيكسيز" (Natixis): "بيانات كوريا الجنوبية كانت سيئة للغاية، لا سيما الانخفاض الحاد في الصادرات إلى الصين. كل هذا يثبت ما كنا نعرفه بالفعل، وهو أنَّ طلب الصين على السلع الخارجية - أي وارداتها - ضعيف للغاية".

صناعة الرقائق في كوريا تسجّل أول انخفاض في شحناتها منذ 3 سنوات

  • في تايوان، شهدت طلبيات التصدير لشهر يوليو انخفاضاً مفاجئاً بتراجع نسبته 22.6% في الطلبات من الصين وهونغ كونغ اللتين تشكّلان معاً ثاني أكبر مصدر للطلب من البلاد بعد الولايات المتحدة، وتشكّل الإلكترونيات والرقائق المتطورة قرابة ثلثي صادرات تايوان إلى الصين بفضل الدور الحاسم للجزيرة في سلسلة توريد أشباه الموصلات، وفي حين سعت تايوان إلى تقليل اعتمادها التجاري على الصين وسط التوترات المتزايدة عبر المضيق، ما تزال الصين وهونغ كونغ تشكَلان نحو 40% من إجمالي صادراتها.

مفاوضات بين أميركا وتايوان للتوصل إلى اتفاق تجاري وسط معارضة صينية

  • في هونغ كونغ، هبطت الصادرات إلى البر الرئيسي بنسبة 10.7% بالدولار المحلي في يوليو، مما ساهم في انخفاض إجمالي صادراتها الشهر الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وعلّلت الحكومة انكماش الصادرات على أساس سنوي للشهر الثالث على التوالي باستمرار التوقف في التدفقات عبر الحدود مع الصين باعتباره أحد العوامل لذلك. وتشمل الصادرات الرئيسية من هونغ كونغ إلى البر الرئيسي للصين البلاستيك وخامات المعادن والسلع الصيدلانية، وخفّضت المدينة توقُّعاتها للنمو مرتين خلال العام الحالي، وتتوقَّع الآن أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك جزئياً إلى انقطاع تدفق البضائع مع البر الرئيسي.

اقتصاد هونغ كونغ ينكمش هذا العام بفعل قيود كوفيد وتراجع التجارة

جنوب شرق آسيا

  • ارتفع إجمالي صادرات إندونيسيا إلى الصين بنسبة 17% في يوليو مقارنة بالعام الماضي. ومن ناحية أخرى، صعدت الصادرات غير النفطية بنسبة 40.9% خلال الفترة نفسها، مع انخفاض بنسبة 1.27% فقط على أساس شهري، وبينما تعد البيانات غير مستقرة، لا يبدو أنَّها تُظهر سبباً للقلق في أكبر اقتصاد في المنطقة، والذي يعتبر زيت النخيل والفحم المضغوط من بين أكبر صادراته.

إندونيسيا تحظر تصدير زيت النخيل وسط تضخم أسعار الأغذية عالمياً

  • تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري بالنسبة إلى تايلندا بعد الولايات المتحدة، واستمرت قيمة الصادرات من البلاد للصين في النمو وإنْ شهدت تباطؤاً العام الحالي. فقد نمت الصادرات التايلندية إلى الصين، والتي تشمل الفواكه والمطاط الصناعي، بنسبة 25% العام الماضي إلى 37.3 مليار دولار، بينما بلغ النمو في النصف الأول من العام الحالي 0.8% فقط إلى قيمة 18.5 مليار دولار. وفي حين أظهرت بيانات وزارة التجارة تقلّص الشحنات بنسبة 2.7% في يونيو بعد ارتفاع بنسبة 3.8% في مايو، استمرت صادرات الفواكه والمطاط في النمو بينما تقلّصت تجارة السيارات وقطع غيار السيارات والمواد الكيمياوية.

صادرات تايلندا تجني مكاسب قياسية مع تزايد الحمائية الغذائية

  • أظهرت البيانات نمو إجمالي صادرات سنغافورة إلى الصين بنسبة 3.8% بالدولار الأميركي في يوليو. تشمل مبيعات الدولة المدينة لثاني أكبر اقتصاد في العالم الآلات وبوليمرات الإيثيلين المستخدمة في التغليف البلاستيكي.
  • ظلت شحنات ماليزيا إلى الصين، والتي تشمل المنتجات النفطية المكررة، قوية إلى حد ما، وسجلت مكاسب تزيد على 10% على أساس سنوي من ديسمبر إلى مايو، وبعد التراجع إلى ما يزيد قليلاً عن 4% في يونيو على أساس سنوي، انتعشت الشحنات إلى ما يقرب من 10% في يوليو بالرينغيت، و32.6% بالدولار الأميركي.

خطة بــ5 مليارات دولار لتصدير الكهرباء النظيفة من إندونيسيا إلى سنغافورة

  • تمثل شحنات الفلبين إلى الصين مصدر القلق الوحيد بين مجموعة دول جنوب شرق آسيا، فقد شهدت مانيلا، التي تعد الدوائر المتكاملة وقطع غيار الآلات المكتبية وخام النيكل أكبر صادراتها إلى الصين، انخفاض صادراتها بنسبة 18.8% في يونيو، بعد انكماش مزدوج الرقم في مايو، وفقاً لأحدث البيانات الرسمية، وأظهرت الأرقام التي جمعتها "بلومبرغ" استناداً إلى واردات الصين من البلاد انخفاضاً بنسبة 12.8% في يوليو، وكتب محللو "نومورا" في تقرير في وقت سابق من الشهر الحالي، أنَّه من الممكن حدوث المزيد من التراجع نظراً لأنَّ الإلكترونيات تشكّل 56% من إجمالي صادرات السلع الفلبينية، وترتبط بدورة التكنولوجيا العالمية التي كانت في الآونة الأخيرة في حالة من الفوضى.

نقص السكر يضرب الفلبين مع تفاقم أزمة أسعار الغذاء

  • ارتفعت شحنات فيتنام إلى الصين في يوليو بنسبة 6.6% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، بعد ستة أشهر متتالية من الانكماش، وفق بيانات هيئة الجمارك في بكين التي جمعتها "بلومبرغ"، إذ تشمل واردات الصين من الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا الخيوط القطنية والهواتف والإكسسوارات وأجهزة الكمبيوتر والمنتجات الكهربائية.