تكاليف اقتراض الشركات البريطانية تتخطى 5% للمرة الأولى منذ عقد

عائدات السندات المقومة بالجنيه الإسترليني قصيرة الأجل أصبحت تفوق نظيراتها باليورو

ركاب دراجات يعبرون جسر البرج أمام ناطحات السحاب تظهر في أفق حي المال بلندن في المملكة المتحدة.
ركاب دراجات يعبرون جسر البرج أمام ناطحات السحاب تظهر في أفق حي المال بلندن في المملكة المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

صعدت تكاليف الاقتراض للشركات البريطانية الرابحة متجاوزة عتبة رئيسية لأول مرة منذ ما يزيد على عقد، إذ يضرب التضخم الجامح قطاع الشركات في البلاد.

تم تداول مؤشر للأوراق المالية المقومة بالإسترليني عالية التصنيف، والتي ينتمي غالبيتها لشركات مقرها المملكة المتحدة، بعوائد بلغت 5.007% في 31 أغسطس الماضي، وهو أعلى مستوى منذ مايو 2012. ووسع صعود العائدات من الفجوة بين الجنيه الإسترليني واليورو، ما زاد الشهر الماضي من تكاليف ائتمان الشركات البريطانية قصير الأجل لأعلى مستوى منذ 13 سنة، كما تُظهر مؤشرات "بلومبرغ".

الشركات تتألم

تواجه الشركات حالياً سداد ما يقارب 1.4 مليون جنيه إسترليني (يعادل 1.6 مليون دولار) مقابل كل 100 مليون جنيه إسترليني تُجمع بسوق السندات بالمقارنة مع المتوسط ​​السنوي الراهن، بحسب مؤشرات "بلومبرغ". بالنسبة لحاملي السندات، تتحول الزيادة بسعر الفائدة إلى خسارة إجمالية في العائد تفوق 17% حتى الوقت الحالي من العام.

في ظل النمو الضعيف للأجور وزيادة أسعار الطاقة التي تلحق الضرر بالأسر، يساور المستثمرون القلق من أن بريطانيا تتحرك في طريق صعبة. وبلغ التضخم أعلى مستوياته على مدى 40 سنة في المملكة المتحدة يوليو الماضي، ما زاد من الرهانات على رفع بنك إنجلترا المركزي لأسعار الفائدة. حذرت منظمة "ريزوليوشن فاونديشن"، وهي منظمة بحثية، من تراجع نسبته 10% في الدخل الحقيقي المتاح على مدى سنتين، وهو أكبر هبوط لمستويات المعيشة منذ قرن.

أسعار الفائدة

خلال الشهر الماضي، أطلق بنك إنجلترا العنان لأكبر ارتفاع لأسعار الفائدة منذ 27 سنة، وحذر من أن المملكة المتحدة تتجه للدخول في ركود لأكثر من عام. وتوقع أن التضخم سيبلغ ذروته عند ما يفوق 13%. وحذر خبراء الاقتصاد بمصرف "غولدمان ساكس غروب" من أن الرقم قد يرتفع إلى 22% إذا بقيت أسعار الغاز الطبيعي عالية خلال الشهور المقبلة.

التضخم في بريطانيا يرتفع إلى 10% للمرة الأولى في 40 عاماً

ألحق هذا الضرر بالعملة البريطانية، التي هبطت بأغسطس الماضي إلى 1.16 دولار مقابل الجنيه الإسترليني، وهو الأداء الأسوأ منذ أكتوبر 2016، ورفع أيضاً عائدات السندات الذهبية البريطانية لأجل 10 أعوم بنحو 100 نقطة أساس تقريباً وهي الزيادة الأكبر في سجلات "بلومبرغ" التي يعود تاريخها إلى أواخر فترة الثمانينيات من القرن الماضي.

يخشى المستثمرون من أن زيادة البنوك المركزية لأسعار الفائدة بشكل أكبر - الزيادة اللازمة للحد من نمو الأسعار – سيفاقم المشكلات الاقتصادية ببريطانيا، ما يضع البلاد في حالة أسوأ بالمقارنة مع الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

قال كامل أمين، محلل ائتماني في مصرف "يو بي إس غروب": "نحن نحد من التعرض للمملكة المتحدة مقابل مخاطر الاتحاد الأوروبي بالوقت الراهن، حيث يوجد خطر أن يقر بنك إنجلترا زيادات أكثر وليس أقل بالمقارنة مع البنك المركزي الأوروبي لمواجهة التضخم"، مضيفاً أن المملكة المتحدة عرضة بصورة أكبر لخطر ركود أشد.

في إشارة إلى حالة عدم الاستقرار بالمملكة المتحدة، تتسع الفجوة بين عوائد سندات الشركات المقومة بالجنيه الإسترليني ونظيراتها باليورو، خاصة على صعيد آجال الاستحقاق القصيرة إذ يكون تأثير أسعار الفائدة الأساسية في أقوى مستوياته.

تباين كبير

حققت سندات الجنيه الإسترليني المستحقة خلال فترة من سنة إلى ثلاث سنوات الشهر الماضي عائدات 2.4 نقطة مئوية تقريباً أكثر من سندات اليورو ذات أجل الاستحقاق المماثل، وهي أعلى زيادة لها منذ 13 سنة، بحسب مؤشرات "بلومبرغ"، كما أن فجوة العائد آخذة في التوسع بالنسبة للسندات طويلة الأجل أيضاً.

كان بنك إنجلترا متقدماً بفارق كبير على البنك المركزي الأوروبي عندما يرتبط الأمر بتشديد السياسة النقدية، عقب بدء زيادة أسعار الفائدة بديسمبر الماضي. رفع بالبنك بالفعل سعر الفائدة الأساسي من مستوى منخفض قياسي 0.1% إلى أعلى مستوى بعد 2009 ليبلغ 1.75%. كما نشر خططاً لوقف عمليات شراء السندات الحكومية وسندات الشركات.

على النقيض، زاد البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة لديه للمرة الأولى منذ ما يفوق عقد فقط في يوليو الماضي، ويعتزم الابقاء على مستواه الحالي من حيازة السندات بعد أن توقف عن زيادة برامج التيسير الكمي المختلفة خلال الصيف الحالي. ومن المنتظر أن تبقى أسعار الفائدة في منطقة اليورو أقل كثيراً من المملكة المتحدة حتى بعد أن تيقن المضاربون تماماً من زيادة قدرها 75 نقطة أساس مع حلول أكتوبر المقبل.