مخاطر تعويم الجنيه واتفاق "صندوق النقد".. عاملان حاسمان لعودة المستثمرين إلى السندات المصرية

إصدارات السندات المصرية بلغت منذ بداية العام ما يعادل 81 مليار دولار بانخفاض 38% على أساس سنوي

ناطحات سحاب، بينها البرج الأيقوني وسط الحي المالي في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، مصر، يوم الأربعاء 27 يوليو 2022. يقول صندوق النقد الدولي إن الحكومة المصرية بحاجة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية وتعزيز الحوكمة وتقليص دور الدولة في الحياة الاقتصادية، في وقت تسعى فيه البلاد إلى الحصول على قرض جديد من الصندوق لدعم اقتصادها الذي تضرّر من تداعيات الحرب في أوكرانيا.
ناطحات سحاب، بينها البرج الأيقوني وسط الحي المالي في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، مصر، يوم الأربعاء 27 يوليو 2022. يقول صندوق النقد الدولي إن الحكومة المصرية بحاجة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية وتعزيز الحوكمة وتقليص دور الدولة في الحياة الاقتصادية، في وقت تسعى فيه البلاد إلى الحصول على قرض جديد من الصندوق لدعم اقتصادها الذي تضرّر من تداعيات الحرب في أوكرانيا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتزايد أهمية توصل الحكومة المصرية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، في ظل سعيها إلى إعادة المستثمرين إلى السندات المحلية.

مع توقف التدفقات من أسواق رأس المال الخارجية تقريباً، أدى تراجع الطلب إلى خسارة مصر أحد مصادر التمويل الرئيسية والاعتماد على التمويل من الداخل، حيث تراجعت مبيعات السندات المقومة بالالعملة المحلية (الجنيه المصري) منذ بداية العام وحتى أغسطس بنسبة 38% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021، لتبلغ ما يعادل أكثر بقليل من 81 مليار دولار، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ".

قال بول غرير، مدير الأموال في شركة "فيديليتي إنترناشيونال" (Fidelity International)، في لندن، الذي يوصي بخفض الوزن النسبي للجنيه المصري والسندات المحلية في المحافظ: "قد يُسرّع ذلك من حاجتهم إلى التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي".

وزير المالية لـ"الشرق": مصر تعتزم استئناف برنامج الطروحات الحكومية بالبورصة

احتياجات تمويلية

قد تصبح سوق الدين في مصر عامل ضغط على الحكومة التي تجوب العالم بحثاً عن استثمارات، عقب صدمتي الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. فبعد ما يزيد قليلاً على 5 أشهر من خفض الدولة قيمة عملتها، لا يزال سعر صرف الجنيه مرتفعاً، بينما يستعد المستثمرون لموجة ثانية من الخفض، في ظل مطالبة صندوق النقد الدولي بسعر صرف أكثر مرونة.

عائد أذون الخزانة المصرية يتراجع 5 نقاط لأول مرة منذ مايو الماضي

في يونيو الماضي، توقعت وكالة "موديز" لخدمات المستثمرين انتهاء صندوق النقد الدولي من برنامج جديد بقيمة تتراوح بين 4 و6 مليارات دولار خلال النصف الثاني من العام الجاري، لمساعدة مصر في تمويل عجز الحساب الجاري المُقدر بنحو 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

خلال الأشهر الأخيرة، تعهدت السعودية وحلفاء مصر من دول الخليج الغنية بتقديم أكثر من 22 مليار دولار على شكل ودائع واستثمارات لدعم اقتصاد الدولة، التي يُنظر إليها أنها تلعب دوراً محورياً في العالم العربي.

انسحاب الأجانب

تسير المحادثات مع صندوق النقد في مسار "مطمئن" رغم عدم التوصل إلى حجم المساعدات التي يمكن أن يقدمها الصندوق لمصر، وفق ما قاله وزير المالية المصري محمد معيط.

مصر تأمل الوصول لاتفاق مع صندوق النقد قبل نهاية العام

منذ بداية العام، سحب مستثمرو المحافظ الأجنبية نحو 20 مليار دولار من سوق الدين المحلي، وتراجع الجنيه ليسجل أضعف مستوياته منذ تخفيض قيمته في 2016. كما بلغت إصدارات السندات هذا العام حتى أغسطس، أقل من نصف الرقم القياسي للأموال التي تم جمعها في عام 2021 بأكمله، والتي بلغت 192 مليار دولار.

اندفع المستثمرون نحو خيارات أقل خطورة، وسط مساعي مصر لتجنب أزمة ديون، حيث قفزت قيمة إصدارات أذون الخزانة لأجل ثلاثة أشهر، بينما انخفضت إصدارات السندات لآجال أكثر من عام.

عزوف المستثمرين

يمثّل ذلك انعكاس مسار الأموال لواحدة من أكثر الأسواق الناشئة تفضيلاً لديها من قبل، إذ ضخ الأجانب مليارات الدولارات في سوق السندات المصرية وحققوا عوائد ضخمة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة واستقرار الجنيه وسجلّ مصر الحافل من التحركات الداعمة للسوق.

مخاوف التعثر تحيط بمصر وتثير قلق الأسواق الناشئة

سجلت سوق السندات المصرية المقوّمة بالعملة المحلية هذا الربع من العام الجاري، أداءً من بين أسوأ 6 أسواق ناشئة، وفقاً لمؤشرات "بلومبرغ".

اضطرت مصر إلى زيادة عائدات أذون الخزانة بأكبر قدر منذ 2016 لجذب المشترين، ورغم ذلك، أشار مؤشر الطلب على الأوراق المالية لأجل 12 شهراً إلى استمرار ضعف شهية المستثمرين.

العملة وأسعار الفائدة

أدى تغيير محافظ البنك المركزي المصري الشهر الماضي واستبدال طارق عامر، المعروف بدعمه لاستقرار الجنيه، إلى زيادة إقبال المستثمرين.

تعيين حسن عبد الله قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي المصري

إذا سمح البنك المركزي بخفض قيمة العملة، سوف تزداد ضغوط الأسعار التي كانت قد تسبّبت بالفعل في تسجيل معدلات التضخم المعدلة في مصر مستويات أقل من الصفر، ما يؤدي إلى زيادة التوقعات بشأن تشديد السياسة النقدية مستقبلاً.

انخفض معدل الفائدة الحقيقي في مصر، الذي سجّل يوماً ما أعلى مستوى في العالم، إلى 2.35% بالسالب بالتزامن مع رفع "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ومعظم البنوك المركزية حول العالم تكلفة الاقتراض بشكل كبير.

يعكس تسعير متداولي المشتقات المالية، توقعاتهم بمزيد من خفض قيمة الجنيه، حتى بعد الخسائر التي لحقت بالعملة المصرية في السوق الخارجية على مدار ستة أشهر.

قال غوردون ج. باورز، المحلل في "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنت" (Columbia Threadneedle Investments)، ومقرها لندن: "من شأن تخفيض قيمة العملة بنسبة 20% إضافية، بالتزامن مع زيادة أخرى في أسعار الفائدة بواقع 300- 400 نقطة أساس، فضلاً عن الوضوح في التوقعات السياسية، أن يعيد الاهتمام من جديد بالسوق المحلية". وأضاف: "تسهم تلك التحركات في استعادة معدل الفائدة الحقيقي، وتحسين القدرة التنافسية وإعادة توازن الحسابات الخارجية".

عملات إقليمية