سقف أسعار على النفط الروسي – هل يمكن أن ينجح؟

أوروبا لن تمنح تغطية تأمينية للشحنات التي تخالف شروط الحد الأقصى

للبيع.. نفط روسي بسعر 25 مليار دولار، أو بأفضل عرض ممكن
للبيع.. نفط روسي بسعر 25 مليار دولار، أو بأفضل عرض ممكن المصدر: غيتي إيمجز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

منذ أن بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في نبذ النفط الروسي، لم تظهر علامة تذكر على أنَّ هذه الإجراءات تسبب ذلك النوع من الألم الذي قد يدفع الرئيس فلاديمير بوتين إلى إعادة التفكير في حربه في أوكرانيا. ذلك أنَّ بلاداً أخرى، من بينها الصين والهند، مازالت تشتري مصادر الطاقة الروسية، علاوة على أنَّ ارتفاع الأسعار خفف من عنف الضربة التي وجّهت إليه من العقوبات. هكذا توصل مناوئو بوتين إلى فكرة جديدة: هي أن يضطروا روسيا إلى بيع نفطها بأسعار منخفضة للغاية حتى تصبح غير قادرة على تحمل تكلفة الحرب. وبرغم صعوبة تنفيذ هذه الخطوة؛ فإنَّها ستساعد أيضاً الاقتصاد العالمي الذي يعاني من ارتفاع في أسعار الطاقة أشعل من معدلات التضخم.

مجموعة السبع تدعم وضع سقف لسعر شراء النفط الروسي للحد من الإيرادات

1. ما هو المقترح؟

فرضت الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة حظراً على النفط الروسي، بينما يعتزم الاتحاد الأوروبي حظر واردات الخام الروسي المنقولة بحراً بحلول شهر ديسمبر، ومنتجات الوقود بحلول أوائل عام 2023. وفي خطوة تصعيدية، اتفقت مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى في سبتمبر الجاري على تطبيق سقف سعري على مشتريات النفط الروسي في الأسواق العالمية. وسوف يتاح للدول الأخرى المستوردة إمكانية الحصول على خدمات تأمين وتمويل أوروبية لتسهيل شراء النفط إذا التزمت بسقف الأسعار، مما يؤدي إلى خفض أرباح موسكو من تلك المبيعات.

2. كيف سيطبق سقف الأسعار؟

وفق آلية وضعتها الدول الأعضاء في مجموعة السبع في شهر يونيو؛ سيتم الاتفاق على حد أقصى للأسعار "عبر التشاور مع الشركاء الدوليين"، ويطبق على النفط الخام والمنتجات البترولية المنقولة بحراً. أما أداة الضغط الرئيسية في تطبيق ذلك فهي قدرة هذه الدول على منع التغطية التأمينية للشحنات غير الملتزمة. فنحو 95% من أسطول نقل النفط في العالم يغطى تأمينياً من قبل "المجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض" في لندن وبعض الشركات التي توجد مقراتها في القارة الأوروبية. تستطيع الحكومات أن تترك للمستوردين التفاوض على شراء الخام الروسي، ثم تطلب الاستثناء من حظر التأمين إذا توصّلت إلى سعر يعادل سقف الأسعار أو يقل عنه، وفقاً لتصريحات مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية.

3. ما هو التأثير المحتمل؟

يقول بوتين إنَّ الدول الغربية تعاني أكثر من روسيا من أضرار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بسبب غزو أوكرانيا. فارتفاع أسعار صادرات روسيا من السلع الأولية أدى إلى زيادة الإيرادات التي ساعدت حكومته على تحمل تأثير العقوبات. ويأمل مؤيدو فرض سقف للأسعار في توجيه ضربة إلى القدرات المالية لموسكو عبر تحديد الأسعار عند مستوى يقترب من تكلفة الإنتاج، وفي نفس الوقت ضمان أن يستمر تدفق الطاقة إلى الأسواق التي تحتاجها. ونظراً لأنَّ روسيا واحدة من كبرى الدول المنتجة للنفط في العالم؛ فقد يترتب أيضاً على فرض سقف الأسعار تخفيف الضغوط التضخمية التي تتسبّب في أزمة اقتصادية في مختلف أرجاء العالم.

4. ما هي العراقيل؟

إنَّ فرض سقف للأسعار على مستوى العالم لا يمكن أن ينجح إلا باتفاق الدول الأوروبية، وسوف يضطر الاتحاد الأوروبي لذلك إلى أن يعيد فتح النص القانوني الخاص بحزمة العقوبات الأخيرة، الذي يشمل حظراً على التغطية التأمينية لشحنات النفط الروسية. فقد استغرق إقرار هذه العقوبات عدة أسابيع حتى يتوصل الاتحاد إلى اتفاق، إذ يتوجب أن يتغلب على عقبات مهمة وكبيرة بسبب أنَّها تحتاج إلى موافقة بالإجماع من 27 دولة عضو بالاتحاد الأوروبي.

ينظر إلى المجر على أنَّها الدولة العضو بالاتحاد الأوروبي التي لديها أوثق الروابط مع موسكو، وقد ألمحت إلى أنَّها سوف تعارض فرض سقف على الأسعار. فإذا استطاعت الدول المتحالفة أن تتفق على هذا السقف وفشلت في تثبيت اتفاقها؛ فإنَّها بذلك تمنح بوتين نصراً رمزياً. وهناك طرق عديدة لفشل الاتفاق: فلا يوجد ما يضمن أن توافق روسيا على تصدير النفط مقابل سقف الأسعار، خاصة إذا اقترب ذلك السقف من تكلفة الإنتاج. وقد يرى الكرملين أنَّ الاحتفاظ بالنفط الروسي وعدم طرحه في الأسواق لفترة سوف يلحق أضراراً باقتصادات أوروبا وأميركا الشمالية تتجاوز الأضرار التي تقع على الاقتصاد الروسي.

5. هل ستلتزم بهذا النهج أكبر الدول شراءً للنفط من روسيا؟

ربما يترتب على فرض سقف الأسعار عدة أرباح مدهشة بالنسبة إلى الشركات الصينية والهندية، ويمثل خطوة جيدة لمكافحة التضخم. غير أنَّ هناك اعتبارات أوسع من ذلك بالنسبة إلى بكين ونيودلهي، مثل علاقاتهما مع روسيا في المدى البعيد. وربما تقبلان شروط تأمين روسية أقل جودة، وتفضلان ذلك على أن يُحدد لهما الثمن الذي تدفعانه مقابل الحصول على سلعة رئيسية، حتى لو كان ذلك الثمن منخفضاً بنسبة مشجعة.

خلال زيارته إلى الهند في أغسطس الماضي، قال نائب وزير خارجية الولايات المتحدة والي أدييمو إنَّ التحالف من أجل تطبيق سقف للأسعار على النفط الروسي قد توسع وانضم إليه عدد من الدول الأخرى، غير أنَّه رفض تسميتها. لكنَّ مسؤولي الولايات المتحدة دافعوا عن فكرة أنَّ دولاً مثل الهند، حتى لو لم تنضم للتحالف رسمياً، تستطيع استغلال سقف الأسعار المنخفض بطريقة شفافة في التفاوض على شروط أفضل بينها وبين روسيا.

الهند لاعب رئيسي جديد في سوق النفط الروسية

6. كيف ترد روسيا؟

أعلنت روسيا أنَّها لن تبيع النفط إلى الدول التي تفرض سقفاً سعرياً وأنَّ النفط الروسي سيجد أسواقا بديلة. وهي تؤسس فعلاً بديلاً عن "المجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض"، وتقدّم الخدمة التأمينية عبر "الشركة الوطنية الروسية لإعادة التأمين"، برغم أنَّه لم يتضح بعد مدى استعداد المشترين لتقبّل ذلك. وتعتزم روسيا أيضاً إطلاق منصة وطنية لتداول النفط، وهي مستقلة تماماً عن أسواق الطاقة الغربية. وسوف يتم تشجيع مستوردي النفط الروسي على التعامل فيها بهدف ترسيخ سعر استرشادي ومعياري محلي.