عملات آسيا الناشئة بين مطرقة تآكل الاحتياطيات الأجنبية وسندان الدولار القوي

قدرة البنوك المركزية في منطقة الآسيان على التدخل في سعر الصرف تضيق

أكوام نقود من 50 ورقة لفئة 1 دولار لعام 2017 غير مقطوعة تحمل اسم وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين في آلة في مكتب النقش والطباعة في واشنطن العاصمة. الولايات المتحدة
أكوام نقود من 50 ورقة لفئة 1 دولار لعام 2017 غير مقطوعة تحمل اسم وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين في آلة في مكتب النقش والطباعة في واشنطن العاصمة. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهدت البنوك المركزية في أسواق آسيا الناشئة استنزافاً حاداً لاحتياطياتها الأجنبية، ما عزز المخاوف من أن يحدّ ذلك من التدخلات في السوق للحيلولة دون خسائر العملات أمام الدولار القوي.

هبط مؤشر مُراقب عن كثب لتغطية الاحتياطيات -أي عدد الشهور التي تستطيع دولة ما تمويل وارداتها خلالها بحيازاتها من العملات الأجنبية- إلى حوالي سبعة أشهر للدول الآسيوية الناشئة باستثناء الصين، وهو أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وفق "ستاندرد تشارترد"، بعد أن كان عند حوالي 10 أشهر في بداية العام، ومرتفعاً عند 16 شهراً في أغسطس 2020، ما يشير إلى تآكل ذخيرة الدول النامية للدفاع عن عملاتها.

قال ديفيا ديفيش، مدير أبحاث عملات منطقة الآسيان وجنوب آسيا في "ستاندرد تشارترد" في سنغافورة، الأسبوع الماضي: "يشير هذا التدهور إلى أن تدخل البنوك المركزية لدعم العملات المحلية قد يكون محدوداً جداً من الآن فصاعداً. وبشكل عام، نتوقع أن تصبح سياسة الصرف الأجنبي للبنوك المركزية أقل دعماً".

شهدت تايلندا أكبر تراجع في الاحتياطيات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تليها ماليزيا والهند، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ"، وتقف تغطية الواردات عند حوالي 9 أشهر في الهند و6 أشهر في إندونيسيا وأقل من 4 أشهر في ماليزيا، بحسب "ستاندرد تشارترد".

اعتمد محافظو البنوك المركزية في جميع أنحاء آسيا الناشئة على الاحتياطيات الأجنبية لحماية عملاتهم من صعود الدولار مع تسبّب السياسة المتشدّدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في عودة التدفقات إلى الولايات المتحدة، وقد تؤدي أي علامة على تباطؤ التدخلات في السوق إلى تفاقم خسائر العملات الآسيوية التي وصلت العديد منها إلى أدنى قيمها على الإطلاق أو أقل مستوياتها منذ سنوات عدة مؤخراً.

نهاية المرحلة الأصعب في أزمة عملات آسيا الناشئة

وقال ديفيش إن تدخلات البنوك المركزية قد تشهد أيضاً تحولاً من بيع الدولار إلى شرائه؛ ويُرجّح أن يتحول تركيزها من احتواء التضخم الوارد إلى تعزيز القدرة التنافسية للصادرات إذا هبطت صادرات آسيا.

باستخدام انخفاض الاحتياطيات كمؤشر للتدخل في سوق العملات، نجد أن الهند وتايلندا كانتا بين الدول الأكثر تدخلاً إذ انخفضت الاحتياطيات بما يناهز 81 مليار دولار و32 مليار دولار، على التوالي، العام الجاري. وتراجعت الاحتياطيات بمقدار 27 مليار دولار في كوريا الجنوبية، و13 مليار دولار في إندونيسيا، و9 مليارات دولار في ماليزيا.

أيضاً يعود جزء من الانخفاض إلى قوة الدولار التي تؤدي إلى تآكل قيمة العملات الأخرى في الاحتياطيات.

قال فيشنو فاراثان، مدير الاقتصاد والاستراتيجية في "ميزوهو بنك"، في سنغافورة: "بمعدلات الاستنزاف الحالية للاحتياطيات، تظل تايلندا مثيرة للقلق مثل الفلبين والهند وإندونيسيا حتى أن ماليزيا تصبح مصدر قلق أكبر مما كانت عليه سابقاً".

هوامش أمان أعلى

رغم ذلك، تظل الأسواق الآسيوية الناشئة في حال أفضل مقارنة بالأزمات السابقة بعد أن جمعت هوامش أمان أعلى، واتجه المستثمرون إلى هذه الأسواق في الأشهر الماضية، متفائلين بقدرتها على تقديم نمو أسرع وسياسة داعمة وعائدات أعلى.

الأسواق الناشئة "الأكثر ضعفا" تواجه مخاطر ركود اليورو

أدى ارتفاع الدولار إلى اقتراب اليوان الصيني من المستوى الرئيسي 7 يوانات للدولار، بينما ضعف الوون الكوري الحساس للمخاطر إلى مستويات لم نشهدها منذ عام 2009، وسجلت الروبية الهندية والبيزو الفلبيني مستويات قياسية متدنية مؤخراً.

دعم شفهي

كثفت السلطات في المنطقة من دعمها الشفهي، وكان محافظ بنك اليابان، هاروهيكو كورودا، الأسبوع الماضي ضمن عدد من المسؤولين الذين أعربوا عن قلقهم بشأن التحركات المفاجئة في الين. وقال محافظ بنك الاحتياطي الهندي، شاكتيكانتا داس، إنهم يتدخلون في سوق العملات كل يوم تقريباً، بينما قال بنك كوريا إنه سيتخذ إجراءات فعالة لتحقيق الاستقرار.

قال فاراثان: "عملات آسيا الناشئة بين المطرقة والسندان. وتعني مؤامرة الدولار المتصاعد ومخاطر الركود والتضخم المرتفع وما يفاقمها من صدمات أسعار خارجية أن البنوك المركزية في آسيا الناشئة لا يمكنها افتراض أن أسوأ المخاطر قد ولّت".