هل أصبح التدخل الحكومي واجب أمام أكاذيب مواقع التواصل الاجتماعي؟

استغلال وسائل التواصل لنشر الأكاذيب
استغلال وسائل التواصل لنشر الأكاذيب المصدر: بلومبرغ
Cass R. Sunstein
Cass R. Sunstein

Cass R. Sunstein is a Bloomberg Opinion columnist. He is the author of “The Cost-Benefit Revolution” and a co-author of “Nudge: Improving Decisions About Health, Wealth and Happiness.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يصرخ كثير من الناس كذبا في هذه الأيام، ويسببون الهلع. هل تجب معاقبتهم؟ وماذا عن المنصات التي تستضيفهم؟

فيما يتعلق ببعض هذه الصرخات، فإن الإجابة واضحة وهي نعم. في عام 2019، دعا "مارك زوكربيرغ" مؤسس "فيسبوك" إلى قانون وطني، يركز بشكل خاص على المحتوى المؤذي وعلى نزاهة الانتخابات. مهما كان رأيك في مقترحاته الخاصة هذه، فإنه أشار إلى مسارات واعدة.

في العام الماضي، اتخذ كل من "تويتر" و"فيسبوك" خطوات طوعية مهمة لمكافحة المعلومات المضللة، بما في ذلك الإنذارات لناشريها وتقليل تداولها أو حتى إزالتها.

هل يجب أن تتدخل الحكومة للإشراف على هذه الخطوات؟ هل يتعين على الحكومة المطالبة بهذه الخطوات؟ أو هل عليها منع هذه الخطوات؟ هل يتعين على الحكومة أن تطلب المزيد؟

للإجابة على هذه الأسئلة، علينا أن نشرك التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الأمريكية. فلقد فعلت المحكمة العليا ذلك في عام 2012، حينما قدمت ما هو بمثابة الضوء الأخضر للأكاذيب. في فقرة رئيسية في قضية "الولايات المتحدة ضد ألفاريز"، استندت المحكمة إلى عالم الواقع المرير الدكتاتوري الذي رسمه الكاتب البريطاني "جورج أورويل" في رواية "1984" لتعلن أن "تقاليدنا الدستورية تقف ضد فكرة أننا بحاجة إلى "وزارة الحقيقة" في أوقيانوسيا.

تتعلق القضية بـ "خافير ألفاريز"، وهو كاذب عنيد ادعى زوراً أنه حصل على وسام الشرف من الكونغرس. وهذا الادعاء ينتهك قانوناً أمريكياً يدعى "الشجاعة المسروقة"، الذي جرم هذه الكذبة بالذات.

ألغت المحكمة القانون، وحكمت بأن كذبة "ألفاريز" محمية بموجب التعديل الأول للدستور. وخشيت المحكمة من "التأثير المروع" على المتكلمين وعلى التعبير بشكل عام، حيث أوضح القاضي أنتوني كينيدي: "إن السماح للحكومة بأن تعتبر هذا الخطاب جريمة جنائية، سواء تم الصراخ من فوق أسطح المنازل أو في الهمس الذي بالكاد يكون مسموعاً، من شأنه أن يجيز لسلطة الحكومة إعداد قائمة بموضوعات التصريحات الكاذبة التي يعاقب عليها القانون. إن هذه السلطة الحكومية ليس لها مبدأ محدد وواضح.. في حالة استمرار هذا القانون، يمكن أن تكون هناك قائمة لا حصر لها من الموضوعات التي يمكن للحكومة الفدرالية أو الولايات تحديدها".

الأكاذيب المحظورة

لم تنكر المحكمة، ولا يمكنها أن تنكر، أن الكثير من الأكاذيب يمكن تنظيمها أو حظرها. حيث إن الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي يعتبر جريمة. ويعتبر انتحال شخصية ضابط فيدرالي أيضاً جريمة.

وإذا بعت دواء عديم الفائدة وقلت كذباً إنه سيمنع السرطان، فيمكن أن تعاقب. وإذا أخبرت السلطات المحلية أنك رأيت جارك يبيع الهيروين وأنت في الواقع لم تر شيئاً من هذا القبيل، فأنت قد انتهكت القانون.

وفي حال كتب الصحفيون ما يعرفون أنه خاطئ، أو إذا أصاب البيان أو التقرير شخصاً ما بالفعل، فإن التعديل الأول للدستور لا يقف في طريق العقوبات المدنية، حتى لو كان الضحية مسؤولاً في الدولة. وبموجب القانون الحالي، هناك الكثير الذي يمكن القيام به لثني ومعاقبة عبارات التشهير.

كل هذا يقدم شيئاً يشبه خارطة طريق للتنظيم الحكومي للمعلومات المضللة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي. يمنح القسم 230 من قانون آداب الاتصالات لعام 1996، والذي يخضع الآن لضغوط كبيرة، منصات وسائل التواصل الاجتماعي حصانة واسعة لما تسمح به. إذا تم إلغاء هذا القسم (ويجب أن يتم ذلك جزئياً على الأقل) وإذا قرر المسؤولون ضبط الأكاذيب، فيمكنهم البدء بمطاردة الدعاية الكاذبة والاحتيال والتشهير.

بالتأكيد يمكن فعل المزيد

في قضية "ألفاريز"، تركت المحكمة الباب مفتوحاً أمام احتمال أنه إذا تسبب الكذب في أضرار جسيمة، فقد يكون من المسموح ضبطه. في حين أن القضاة لم يرغبوا بإنشاء "وزارة الحقيقة"، إلا أنهم لم يقصدوا أيضاً السماح لهذه "الصرخات الكاذبة أن تصدح في مسرح مزدحم". إن الجزء الأصعب هو تحديد ما يجب أن يعادل الكذب على أرض الواقع بالكذب المعروف على المنصات الافتراضية.

إن معايير "فيسبوك" تقدم دليلاً. في شكلها الحالي، يتم السماح لـ"فيسبوك" بحذف "المعلومات المضللة والشائعات التي لا يمكن التحقق منها والتي تساهم في خطر التعرض للعنف الوشيك أو الأذى الجسدي". بتطبيق هذا المعيار، فعل "فيسبوك" الكثير لتقييد المعلومات المضللة المتعلقة بكوفيد-19 وأيضاً من ناحية إبلاغ الأشخاص الذين يتلقون معلومات خاطئة حول كوفيد-19، قبل إزالتها، لكي يعلموا أن المعلومة التي اطلعوا عليها كانت خاطئة.

إنه سؤال جيد، ما هي أنواع المعلومات المضللة التي تساهم في إمكانية حدوث خطر وشيك يؤدي إلى عنف أو أذى جسدي. ويمكننا التخيل بسهولة حجة جادة مفادها أن الكثير من الأكاذيب حول الصحة أو السلامة تقع ضمن هذه الفئة. وبعض الادعاءات السياسية كتوجيه اتهامات كاذبة وبغيضة حول الأشخاص والأحداث قد تخضع أيضاً للتنظيم للسبب ذاته.

فرض تشريعات على وسائل التواصل الاجتماعي

سواء كان هذا التنظيم يأتي من الحكومة أو من منصات وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يتخذ أشكالاً عديدة، وقد لا يحتوي على رقابة على الإطلاق، إن التدخل الأفضل يكمن في أن تكون هناك تحذيرات، مثل "هذه العبارة خاطئة". ويمكن لمنصات التواصل الاجتماعي أن تسمح في بعض الأحيان بالأكاذيب وأن تجعل رؤيتها أكثر صعوبة.

ولربما يتعين على الحكومات أن تبني على النهج القائم، وربما من خلال سن تشريعات أفضل كي تمارسها وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي تتطلب اعتمادها على نطاق واسع.

في عام 1927، كتب القاضي "لويس برانديز" أن العلاج الصحيح للخطاب المؤذي هو "المزيد من الكلام، وليس الصمت الإجباري". إن هذا عادة صحيح، لكن ليس دائماً. فعندما تتسبب الصيحات الكاذبة بالمرض والموت، أو تقويض الديمقراطية نفسها بشكل خطير، فلا يكفي الاختباء وراء التعديل الدستوري الأول. يجب علينا أن نسأل: ما الذي علينا فعله تجاه هذا الأمر؟