مكاسب متداولي السندات الأميركية مرهونة بنهاية مسار الفائدة لـ"الاحتياطي الفيدرالي"

مرونة التوظيف حفزت إجراء مراجعات لتوقعات أسعار الفائدة عن العام المقبل

جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي
جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم يعد مصير العديد من الرهانات الكبرى في سوق السندات الأميركية يقتصر على حجم الزيادة المقبلة في معدل الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء المقبل فحسب؛ لكنَّها ربما تجاوزت ذلك الحد لتشمل التوقُّعات المعدّلة للبنك المركزي بشأن المدى الذي ستبلغه السياسة النقدية في نهاية المطاف، والفترة الزمنية التي من المحتمل أن تستمر فيها تلك السياسة عند هذا المستوى.

في الأسبوع الماضي، ارتفعت التوقُّعات الضمنية بالسوق بعد أن أظهرت بيانات التضخم الشهرية الأخيرة اعتدالاً أقل مما كان متوقَّعاً. وتبلغ عقود المقايضة التي توقَّعت أسعار الفائدة على مدى العامين المقبلين ذروتها حالياً عند 4.5% في مارس 2023، وهي نقطة كاملة أعلى مما كان متوقَّعاً بعد الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في يوليو. وفي الوقت نفسه؛ فإنَّ أحدث توقُّعات صانعي السياسة الفيدراليين لنهاية العام، أو ما يسمى بـ"المخطط النقطي"، والتي تمت صياغتها في يونيو، تقلّ جميعها تقريباً عن مستوى 4% للفترة 2022-2024.

تحوّل الرهانات

أظهر هذا التحوّل مجموعة من الرهانات - مع وجود الملايين على المحك - أنَّ الذروة ستكون عند نسبة تقدّر بحوالي 5%، إن لم تكن أعلى من ذلك. ويراهن آخرون على معدل حوالي 4.5% بنهاية عام 2023، بينما تتوقَّع السوق الأوسع انخفاضاً إلى حوالي 4% حينئذ.

وفي الوقت الذي قد يحرّك قرار السياسة خلال الأسبوع الجاري الأسواق إذا تجاوز الارتفاع ثلاثة أرباع نقطة تتوقَّعها غالبية الرهانات؛ فإنَّ المخطط النقطي المعدّل ورؤية رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للمستقبل سيكونان مهمين أكثر لبعض هذه الرهانات.

قال مايكل كونتوبولوس، مدير الدخل الثابت في شركة "ريتشارد بيرنشتاين أدفيزرز" (Richard Bernstein Advisors)، التي تدير أصولاً تبلغ حوالي 17 مليار دولار: "إنَّ الإجراء المتعلق بسياسة اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لشهر سبتمبر مهم بالتأكيد، لكنَّ الأمر يتعلق بشكل محدود قليلاً بتفاصيل تحول دون رؤية المشهد بشكل عام. فمن وجهة نظرنا، كمستثمرين يركزون بالفعل على 6 إلى 12 و18 شهراً قادمة، لا يرتبط الأمر باجتماع واحد، بل بشكل أكبر بالتحركات التراكمية لسعر الفائدة الفيدرالية. نتوقَّع أن يعطي باول أيضاً رسالة متشدّدة أخرى".

مستوى لعوائد السندات الأميركية لم يظهر منذ 40 عاماً ينذر باقتراب الركود

نقطة كاملة

قادت بيانات التضخم عن شهر أغسطس، الصادرة في 13 سبتمبر الجاري، السوق إلى ترجيح زيادة ثالثة على التوالي في سعر الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة في 21 سبتمبر، مما رفع النطاق المستهدف لمعدل الأموال الفيدرالية إلى 3% - 3.25%، وتحديد احتمالات غير صفرية لارتفاع نقطة كاملة. يُشار إلى أنَّ البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة أربع مرات منذ مارس الماضي، في إطار تعامله مع التضخم المتسارع. وتأتي زيادات الفائدة في أعقاب فترة عامين عندما كانت عند الحد الأدنى وهو 0%.

في الوقت نفسه، حفزت المرونة في التوظيف على إجراء مراجعات لتوقُّعات العام المقبل. ويتوقَّع مايكل فيرولي، الخبير الاقتصادي في "جيه بي مورغان تشيس"، ارتفاعاً بمقدار نصف نقطة في نوفمبر، من ربع نقطة، فضلاً عن تحركين بربع نقطة في ديسمبر وفبراير، الأمر الذي سيرفع سعر الفائدة النهائي إلى 4.25%. وإذا لم تُظهر سوق العمل علامات تهدئة واضحة بحلول ذلك الوقت، "فسوف تتجه أنظارنا إلى اللجنة التي ستواصل التشديد في حركات 25 نقطة أساس حتى يحدث ذلك".

تتوقَّع آنا وونغ، كبيرة الاقتصاديين الأميركيين في "بلومبرغ إيكونوميكس"، أن يصبح معدل الفائدة النهائي 5%.

وبالنسبة للمخطط النقطي عن شهر يونيو؛ فقد بلغ متوسط التوقُّعات للفائدة الفيدرالية 3.4% بنهاية العام، و3.8% بعد عام، و3.4% بنهاية 2024. ويتوقَّع الاقتصاديون في "سيتي غروب" ارتفاع المتوسطات إلى حوالي 4.25% لعام 2022، و4.5% لعام 2023. كما يرى الاستراتيجيون في "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets) أنَّ المخططات النقطية المحدّثة تشير إلى المعدل النهائي في مستوى يتراوح بين 4.25% - 4.5%.

نُذر أزمة اقتصادية.. علاوة عائد السندات الأميركية لأجل عامين تبلغ أعلى مستوى منذ بداية القرن

قال ديفيد روبن، الخبير الاستراتيجي في "تي جيه إم إنستيتيوشنال" (TJM Institutional)، الذي كان يعمل في مشتقات الديون لعقود من الزمن، إنَّ النقاط الجديدة قد تُظهر اتجاهاً مستمراً أعلى في المعدلات مقابل الانخفاض في عام 2024.

يبدو أنَّ التداولات البارزة في مشتقات الديون التي جرت الأسبوع الحالي تتوقَّع أن تصل ذروة معدل الفائدة التي سيفرضها "الاحتياطي الفيدرالي" في نطاق 4.75% إلى 5.25%، وهي المستويات التي سُجّلت آخر مرة في عام 2007. ومن بين أكبرها هيكل التحوط الخاص بعقود خيارات معدل التمويل لليلة واحدة (SOFR) استناداً إلى المعدل المنتهي العام المقبل عند 4.5%.

أول انقلاب في منحنى عوائد السندات الأمريكية منذ 16 عاماً

بالنسبة إلى سوق سندات الخزانة؛ فقد دفعت المعنويات حول "الاحتياطي الفيدرالي" عوائد السندات لأجل سنتين إلى خمس سنوات لأعلى مستوياتها منذ عام 2007، في حين تم احتواء عوائد الاستحقاق الأطول نسبياً من خلال التوقُّعات التي تفيد أنَّ سياسة "الاحتياطي الفيدرالي" ستؤدي في النهاية إلى انهيار الاقتصاد. وقد تجاوزت عائدات السندات لأجل سنتين وخمس سنوات عوائد 30 عاماً هذا الأسبوع بأكبر قدر منذ عام 2000.

قال جورج جونكالفيس، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في "إم يو إف جي" (MUFG) إنَّ: "عمليات البيع تحت السيطرة، والسوق التي تقودها العقود لأجل عامين ستتبع مسار الجذب المغناطيسي لسعر فائدة أعلى.. التركيز في الوقت الحالي عبر المخططات النقطية، ينصب على مدى قدرة مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يدفع بذلك؟ المَخرج الوحيد القابل للتطبيق بالنسبة إلى مجلس الاحتياطي هو تشديد القيود المالية، وهذا اجتماع أجدر لهم أن يشعروا فيه بالراحة بأنَّ السوق تضع في الحسبان مسار سياسة أكثر قسوة ".

عائدات السندات الحكومية