ألمانيا تعتزم ضخ 8 مليارات دولار ضمن خطة تأميم "يونيبر"

الحكومة بصدد شراء حصة "فورتوم" البالغة 78% في عملاقة الغاز

لافتات لشركة "يونيبر" عند مدخل محطة شولفن لتوليد الطاقة، ألمانيا
لافتات لشركة "يونيبر" عند مدخل محطة شولفن لتوليد الطاقة، ألمانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعتزم الحكومة الألمانية ضخ نحو 8 مليارات يورو (8 مليارات دولار) في "يونيبر" (Uniper) في إطار اتفاقٍ تاريخي لتأميم عملاقة الغاز سعياً إلى تجنّب انهيار قطاع الطاقة في البلاد.

في هذا السياق، عُقد اتفاق مؤقّت بين حكومة المستشار أولاف شولتس و"يونيبر" وشركة المرافق الفنلندية "فورتوم أويج" (Fortum Oyj) المساهم الرئيسي في "يونيبر"، ومن المتوقَّع الإعلان عن هذا الاتفاق في وقتٍ قريب ربما يوم الأربعاء، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع.

كجزءٍ من الصفقة، ستشتري ألمانيا حصة "فورتوم" البالغة 78% في شركة "يونيبر"، لتحصل بذلك على الملكية الكاملة للشركة الألمانية. كما ستسمح الأموال التي ضختها الحكومة في الشركة، ومقرها دوسلدورف، بسداد قرضها من "فورتوم".

من جهته، قال متحدث باسم الشركة: "تكثف جميع الأطراف المعنية جهودها لإيجاد حل مستدام سعياً إلى تحقيق الاستقرار في شركة (يونيبر)". مُشيراً إلى أنَّ "المحادثات حول هذا الموضوع ما تزال مستمرة"، وتشمل زيادة رأس مال من شأنها تأمين "حصة أغلبية كبيرة" للحكومة الألمانية.

ألمانيا تدرس تأميم "يونيبر" مع تفاقم أزمة الطاقة

تقع "يونيبر"، أكبر مشتر ألماني للغاز الروسي، في بؤرة الأزمة التي تسبّبت بها تحركات روسيا لخفض إمدادات الطاقة رداً على العقوبات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا. كما شهدت الحكومة ضغطاً كبيراً للتصرف بأسرع شكلٍ ممكن، لأنَّ فشل هذه الشركة يمكن أن يدمر أكبر اقتصاد في أوروبا.

اتفاقية جديدة

تجدر الإشارة إلى أنَّ الاتفاقية الجديدة ستحل محل خطة إنقاذ أُعدت في يوليو، والتي كانت ستستحوذ الحكومة بموجبها على حصة نسبتها 30% في "يونيبر". لكن أصبحت تلك الصفقة غير كافية وسط اشتداد حدّة الأزمة وانتشارها.

هبطت أسهم "يونيبر" بما يصل إلى 6.4%، وفقدت الشركة حوالي 90% من قيمتها التي تبلغ حالياً نحو 1.5 مليار يورو. كما قفز سهم شركة "فورتوم" التابعة للحكومة الفنلندية 9.5%، قبل أن تعلق البورصة التداول على السهم.

أزمة قوية

أدّى الارتفاع المستمر في أسعار الغاز وتحرّكات موسكو لخفض إمداداتها إلى أوروبا بالفعل إلى سلسلة من خطط وقروض الإنقاذ. لكن هذه التدابير يتضاءل تأثيرها بشكلٍ متزايد بسبب حجم الأزمة، وهناك خطر يُنذر بانهيار مزوّدي الطاقة الرئيسيين دون وجود دعم حكومي أكثر قوة.

في هذا الإطار، قال أشخاص مطلّعون على المحادثات إنَّ ألمانيا ستشتري حصة "فورتوم" المسيطرة في "يونيبر" بسعرٍ منخفض نسبياً، بينما سيسمح ضخ رأس المال في شركة "يونيبر" بسداد ديونها المستحقة لـ"فورتوم" إلى جانب ضمانات أخرى.

رفضت متحدثة باسم "فورتوم" التعليق على الموضوع بينما ما تزال المفاوضات مستمرة. كما رفضت الحكومة الألمانية التعليق أيضاً.

صرّحت وزيرة الشؤون الأوروبية في فنلندا، تيتي توبوراينين التي تشرف على الشركات المملوكة للحكومة، للصحفيين في بروكسل يوم الثلاثاء: "نحن لا نقبل التأميم دون تعويض" مُضيفةً: "من الضروري تعويضنا عن ذلك".

تعرّضت حكومة فنلندا لضغوط شديدة من قبل أحزاب المعارضة بسبب تعاملها مع عملية الإنقاذ. والآن، تواجه اقتراحين بسحب الثقة كانا قد رُفعا يوم الثلاثاء، إذ ألقى المشرعون اللوم على مجلس الوزراء في فشل المفاوضات مع ألمانيا وهدر أموال دافعي الضرائب.

انكشاف ألمانيا

سيتجاوز الحجم الإجمالي لتعرض الحكومة الألمانية 20 مليار يورو، فبخلاف ضخ رأس مال بقيمة 8 مليارات يورو؛ مدّد بنك التنمية المملوك للحكومة الألمانية "كيه إف دابليو" (KfW) خط ائتمان لـ"يونيبر" بقيمة 13 مليار يورو، وذكر موقع "بيزنس انسايدر" أنَّ الحزمة بأكملها قد تبلغ قيمتها 30 مليار يورو.

اقرأ المزيد: آلام "يونيبر" تطلق دعاوى بسحب الثقة من حكومة فنلندا

مع قطع الإمدادات من خط الأنابيب الرئيسي الروسي إلى ألمانيا، يتعيّن على "يونيبر" إيجاد إمدادات بديلة من السوق الفورية لخدمة عملائها، بما في ذلك الشركات المصنعة والمرافق المحلية، ويتسبّب ارتفاع الأسعار في تكبّد الشركة خسائر تصل قيمتها إلى 100 مليون يورو يومياً.

في هذ ا الإطار، تجري الحكومة الألمانية أيضاً محادثات بشأن شراء شركتين أخريين على الأقل، فيما يمكن أن يكون عملية استحواذ منسّقة.

من الناحية السياسية، ستكون هذه الخطوة حساسة للغاية بالنسبة إلى شولتس وشريكيه في التحالف كحزب الخضر والديمقراطيين الأحرار الليبراليين.

إلغاء ضريبة غاز

قد يضطر وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، وهو زعيم مشترك سابق لحزب الخضر، إلى التأجيل أو التخلي عن الخطة التي كانت تقضي بفرض ضريبة غاز على المستهلكين للمساعدة في تخفيف تكاليف الأزمة.

كان من المتوقَّع أن تعود الضريبة بحوالي 34 مليار يورو، حيث كان من المقرّر أن تذهب معظم الإيرادات إلى "يونيبر". وقد يثير التخلي عن هذه التدابير تساؤلات كثيرة حول تمويل خطة الإنقاذ. كما قد يضطر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، وهو زعيم الحزب الديمقراطي الحر أيضاً، إلى التخلي عن خطته للعودة العام المقبل إلى سقف الدين الذي يحدده الدستور، في الوقت الذي تسعى به الحكومة إلى احتواء التداعيات الناجمة عن ارتفاع تكاليف الطاقة.