على الفيدرالي الأميركي الاستعداد لصناعة الركود

تردد البنك المركزي في إبطاء وتيرة النشاط الاقتصادي يرفع التكلفة النهائية

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول متحدثاً في مؤتمر صحفي في واشنطن، 30 أكتوبر 2019
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول متحدثاً في مؤتمر صحفي في واشنطن، 30 أكتوبر 2019 المصدر: غيتي إيمجز
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

جعلت الأنباء الأخيرة عن ارتفاع غير متوقَّع في مستوى التضخم مهمة الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع أسهل قليلاً، فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 8.3% هذا العام حتى شهر أغسطس. وأكدت اعتقاد المستثمرين بأنَّ دورة التقشف النقدي مازال أمامها مسافة تقطعها، وأنَّ البنك المركزي ربما على الأرجح سيرفع سعر الفائدة المعياري بمقدار 75 نقطة أساس أخرى اليوم الأربعاء. أما السؤال الأصعب، فهو ما سيحدث بعد ذلك.

الزيادة المتوقَّعة في الأسبوع الحالي سترفع النطاق المستهدف لأسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى ما بين 3% و3.25%. وهو معدل للفائدة يظل سلبياً بدرجة كبيرة من الناحية الحقيقية، حتى بعد الإقرار بواقع أنَّ معدل التضخم الأساسي بنسبة 6.3% يقل عن معدل التضخم العام.

مسح "بلومبرغ": الفيدرالي سيصل بأسعار الفائدة إلى 4% بنهاية 2022

برغم أنَّ الاحتياطي الفيدرالي يسحب إجراءات التحفيز؛ فإنَّ السياسة النقدية لم تبلغ بعد درجة الضغط بقوة على مستوى الطلب. وربما يكون هذا التقشف النقدي التدريجي قراراً حكيماً – عبر شرط واحد فقط يتمثل في أن يكشف البنك المركزي عن استعداده للمضي إلى أبعد من ذلك عند الضرورة، وأن يفعل كل ما يتطلبه الأمر حتى يعود بمستوى التضخم إلى مسار طبيعي.

حتى الآن، وبرغم الجهود المبذولة لضبط الأمور في نصابها؛ مازال هناك بعض الغموض بشأن هذه المسألة. فمسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي بقيادة جيروم باول يقولون إنَّهم يأملون في لجم التضخم دون أن يدفعوا الاقتصاد في هوة الركود. ولاشك أنَّ هذا الهدف جدير بالاعتبار، وليس من المستحيل تحقيقه؛ لكنَّه إذا تحقق، فستكون نتيجة الحظ أكثر من المهارة.

التضخم والبطالة والركود

إنَّ السيطرة على ارتفاع معدل التضخم تنطوي دائماً على حدوث انكماش مؤقت في الناتج الاقتصادي بالتزامن مع زيادة نسبة البطالة. فإذا كان هناك شك في أن يجفل الاحتياطي الفيدرالي أو يرتبك أمام مواجهة هذا الاحتمال؛ ستكون مهمته أصعب كثيراً، وفي نهاية المطاف، سيشهد الناتج ومعدلات التوظيف مزيداً من الانهيار.

مما لا شكَّ فيه أنَّ قراءة أوضاع الاقتصاد الحقيقية في ظل هذه الظروف غير العادية أمر شديد الصعوبة. فمن المستحيل أن نحدد إلى متى ستستمر أزمات جانب العرض. ولا يستطيع الاحتياطي الفيدرالي أن يحدد بالضبط مساهمة، على سبيل المثال، صدمات أسعار الطاقة من ناحية، وحزمة تحفيز مالي غير ضرورية من ناحية أخرى. وفي ضوء ذلك، لا ينبغي لأحد أن يفترض أنَّ مهمة البنك واضحة أو مباشرة.

مع ذلك، لا يتحمّل البنك المركزي المراوغة بشأن ضرورة إبطاء نشاط الاقتصاد. فعند مستوى 3.7%؛ تعتبر نسبة البطالة الحالية أقل من مستوى البطالة المُتضمّنة في حالة "التوظف الكامل" عادة. وما زال الطلب على العمال يتجاوز المعروض في سوق العمل، وترتفع الأجور بنسبة تزيد على 6% سنوياً. ولاشك أنَّ الدخل لا يزيد بنفس سرعة الزيادة في الأسعار. وذلك من حسن حظ الاحتياطي الفيدرالي؛ فلو زادت الدخول بنفس سرعة الزيادة في الأسعار، ستكون مهمته أصعب كثيراً؛ لأنَّ دوامة ارتفاع الأجور والأسعار ترسخ مستوى مرتفعاً من التضخم وتثبّته. وبرغم ذلك؛ ينبغي أن يتباطأ معدل نمو الأجور بنسبة كبيرة حتى يتراجع معدل التضخم تدريجياً، ويستقر عند مستهدف الاحتياطي الفيدرالي الذي يبلغ 2%.

قد يتطلب ذلك أن ترتفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى ذروة تتجاوز كثيراً 4%، علاوة على معدل للبطالة، للأسف، أعلى بدرجة ما من المستوى الحالي. ويدرك الاحتياطي الفيدرالي كل ذلك بالتأكيد، لكن ينبغي عليه أن يُظهر ذلك، وأن يُظهر أنَّه لن يتردد في قبول النتائج المحتملة.