مخاوف التشديد النقدي والركود العالمي تهوي بالأسهم الأميركية

الجنيه الإسترليني يسجل أدنى مستوى له منذ 37 عاماً ويقترب أكثر من التعادل مع الدولار

متعاملون داخل قاعة بورصة نيويورك يوم الجمعة 26 أغسطس 2022. طغى اللون الأحمر على شاشات التداول بالأسهم الأميركية اليوم، في ظل المخاوف من تأثر سوق العمل والإسكان والاقتصاد ككل سلباً بتوجه الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع أكثر حدة لأسعار الفائدة.
متعاملون داخل قاعة بورصة نيويورك يوم الجمعة 26 أغسطس 2022. طغى اللون الأحمر على شاشات التداول بالأسهم الأميركية اليوم، في ظل المخاوف من تأثر سوق العمل والإسكان والاقتصاد ككل سلباً بتوجه الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع أكثر حدة لأسعار الفائدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في ظل تسابق البنوك المركزية حول العالم لرفع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية، من المملكة المتحدة والنرويج وسويسرا، إلى الفليبين وجنوب أفريقيا، وصولاً إلى الولايات المتحدة، تفاقمت المخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي أسرع بكثير مما كان متوقعاً، وربما أكثر حدة، ما دفع بأسواق الأسهم الجمعة إلى الانخفاض لليوم الثالث على التوالي، في وقت بدأ المستثمرون في "وول ستريت" الحديث عن سقوط حرّ لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500".

فبعد إغلاق الأسواق الآسيوية على انخفاض بنسبة 0.6% لمؤشر "نيكاي 225" الياباني، ونحو 2% لمؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية، و1.2% لمؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ، أغلقت مؤشرات البورصات الأوروبية على انخفاض بنسبة 2% في لندن وفرانكفورت، و2.3% في باريس، لتلحق بها مؤشرات الأسهم الأميركية بخسائر وصلت إلى نحو 2%، مع هبوط مؤشر "داو جونز الصناعي" بنحو 500 نقطة، كاسراً مستوى 30,000 نقطة.

هبوط جماعي

شهدت "وول ستريت" عمليات بيع واسعة، تعمّقت أكثر في الأصول الخطرة، بعدما غذّت خطط المملكة المتحدة لخفض الضرائب ودعم الاقتصاد، المخاوف من أن يؤدي التضخم المرتفع إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة، مع ما يحمله ذلك من تأثيرات سلبية على النمو.

مخاوف الركود تغرق الأسواق الأوروبية في سوق هابطة

غطّى اللون الأحمر شاشات مكاتب تداول الأسهم الأميركية، في ظل عمليات بيع كثيفة دفعت مؤشر "ستاندر آند بورز 500" لفترة وجيزة إلى ما دون القاع المسجل في يونيو الماضي، في وقت قامت شركات وبنوك كبرى، مثل "غولدمان ساكس غروب" بخفض تقييماتها للأسهم، محذّرة من أن تزايد التوقعات برفع أكبر لأسعار الفائدة، سينعكس سلباً على تقييمات الأسهم.

مستثمرو "وول ستريت" يتهيأون لـ"سقوط حرّ" لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"

انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 1.7% اليوم الجمعة، لتصل خسائره إلى نحو 4.5% مقارنة مع إغلاق نهاية الأسبوع الماضي، حين أغلق بالفعل دون المستوى الذي يراقبه المستثمرون عن كثب عند 3800 نقطة؛ ليصبح بالتالي مستوى 3666 نقطة، وهو المستوى الأدنى للسوق الهابطة المسجل في يونيو، خط الدعم التالي على الرسوم البيانية الفنية.

هذا هو رابع يوم على التوالي من الانخفاض لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، ورابع خسارة أسبوعية في خمسة أسابيع. ولم تستثن عمليات البيع أياً من القطاعات، فيما باتت أسهم أكثر من 400 شركة مدرجة على المؤشر قرب أدنى مستوياتها المسجلة على مدى الأيام الثلاثة الماضية.

موجة بيع الأسهم تجتاح الأسواق بعد إشارات على "الهبوط العنيف"

كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد أشار بشكل واضح هذا الأسبوع إلى أنه سيواصل رفع أسعار الفائدة بشكل قوي إلى أن يرى المسؤولون فيه علامات على انحسار ضغوط الأسعار. وحذّر رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، من أن هذه العملية، ستكون "مؤلمة" بالنسبة إلى سوقي العمل والإسكان. وقد جاء رفع أسعار الفائدة يوم الأربعاء مع توقعات بأن البنك المركزي الأميركي سيواصل رفع الفائدة بواقع 1.25 نقطة مئوية أخرى، ما يعني تشدداً أكثر حدة بكثير مما توقعه المستثمرون.

الدولار يكتسح

في غضون ذلك، اكتسح الدولار الأميركي العملات الرئيسية الأخرى محققاً أكبر المكاسب الأسبوعية منذ مارس 2020، مع تسارع عمليات شراء العملة الأميركية باعتبارها ملاذاً آمناً وأفضل استثمار متاح، بعد أن رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي هذا الأسبوع معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 75 نقطة أساس، إلى نطاق 3.25%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2008.

وسجل الجنيه الإسترليني أكبر هبوط له أمام الدولار منذ مارس 2020، في ظل سعي الحكومة البريطانية لاقتراض ديون جديدة لتمويل خطة التحفيز المالي، حيث انخفض بنسبة 3.4% إلى 1.0869 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ 1985، في وقت انتقد وزير الخزانة الأميركي السابق، لورانس سمرز، السياسات الاقتصادية التي تبنّتها رئيسة الوزراء البريطانية التي جرى تنصيبها حديثاً، ليز ترَس، معتبراً أن هذه السياسات تهيئ الظروف للجنيه الإسترليني ليتراجع عن مستوى التكافؤ مع الدولار الأميركي.

الجنيه الإسترليني يهبط لأدنى مستوى منذ 1985

قال سمرز في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": " "لن أتفاجأ إذا انخفض الجنيه الإسترليني في النهاية إلى ما دون الدولار إذا استمر المسار الحالي. آسف جداً لقولي هذا، ولكنني أعتقد بأن المملكة المتحدة تتصرف إلى حد ما مثل الأسواق الناشئة التي تحوّل نفسها إلى سوق مغمورة". وأضاف: "أظهر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مدى تخلّف بنك إنجلترا عن المنحنى. والآن، مع هذه السياسات المالية، أعتقد أننا سنظل لفترة طويلة نتذكر كيف اتبعت بريطانيا أسوأ سياسات الاقتصاد الكلي، مقارنة مع أي بلد كبير، منذ زمن بعيد".

قلق من التحفيز

إلى ذلك، قدّمت حكومة المملكة المتحدة الجديدة أكبر تخفيضات ضريبية شاملة منذ عام 1972، حيث تم تخفيض الرسوم على أجور الموظفين والشركات، في محاولة لتعزيز إمكانات الاقتصاد طويلة الأجل. كما خفّض وزير الخزانة كواسي كوارتنغ رسوم الدمغة على مشتريات العقارات، وأكد دعم الأسر والشركات في مواجهة فواتير الطاقة المتصاعدة بتكلفة 60 مليار جنيه إسترليني (67 مليار دولار) على مدى الأشهر الستة المقبلة.

إلا أن حزمة التحفيز هذه، أثارت القلق لدى الاقتصاديين والمستثمرين من أن تؤدي إلى أزمة عملة، بسبب مخاوف بشأن ارتفاع الديون، إذ تأتي في وقت يكافح فيه بنك إنجلترا لكبح جماح التضخم الذي بلغ تقريباً خمسة أضعاف الهدف المحدد من قبله. ويعكس الانخفاض الذي سجلته السندات البريطانية، مراهنة المستثمرين على قيام بنك إنجلترا بزيادة سعر الإقراض القياسي بنقطة مئوية كاملة إلى 3.25% في نوفمبر، والتي ستكون أكبر زيادة منذ عام 1989.

ضربة السلع

في ظل المخاوف من هبوط اقتصادي عنيف وحاد، تلقّت السلع ضربة في كل المجالات، حيث هبط سعر مزيج برنت بأكثر من 5%، وخام غرب تكساس بأكثر من 5.5% إلى ما دون 80 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ يناير الماضي، ليسجل بذلك أربعة أسابيع متتالية من التراجع. أما الذهب، والذي يُنظر إليه باعتباره ملاذاَ آمناً، فقد أخفق في تحقيق أي مكاسب بسبب ارتفاع الدولار، ليسجل بالتالي انخفاضاً بنحو 2%.

في ما يلي، بعض التحركات الرئيسية في السوق:

الأسهم

انخفض مؤشر "ستاندر آند بورز 500" بنسبة 1.7% عند الإغلاق.

تراجع مؤشر "ناسداك المركب" بنسبة 1.7%.

تراجع مؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 1.6%.

هبط مؤشر "إم إس سي آي العالمي" بنسبة 2.1%.

العملات

ارتفع مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري بنسبة 1.3%.

انخفض اليورو بنسبة 1.5% إلى 0.9693 دولار.

هوى الجنيه الإسترليني بنسبة 3.5% إلى 1.0868 دولار.

ارتفع الدولار مقابل الين الياباني بنسبة 0.6% إلى 143.30 ين للدولار.

عملات مشفرة

انخفض سعر عملة "بتكوين" 2.2% إلى 18,823.63 دولار.

انخفضت عملة "إيثر" 2.4% إلى 1,291077 دولار.

السندات

انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات 3 نقاط أساس إلى 3.68%.

ارتفع عائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات 6 نقاط أساس إلى 2.02%.

ارتفع العائد على السندات البريطانية لأجل 10 سنوات 33 نقطة أساس إلى 3.83%.

السلع

انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط 5.3% إلى 79.06 دولار للبرميل.

تراجعت العقود الآجلة للذهب 1.7% إلى 1,651.80 دولاراً للأونصة.