الدروس المستفادة من فشل مشروع "السيارة الطائرة"

شركة "كيتي هوك" الناشئة للسيارات كانت مدعومة من شريك مؤسس "غوغل" وانتهت بشكل غريب

عرض الطائرة الكهربائية ويسك أوتونوموس، وهي مشروع مشترك بين بوينغ وكيتي هوك خلال معرض فارنبورو الدولي للطيران 2022
عرض الطائرة الكهربائية ويسك أوتونوموس، وهي مشروع مشترك بين بوينغ وكيتي هوك خلال معرض فارنبورو الدولي للطيران 2022 المصدر: بلومبرغ
Parmy Olson
Parmy Olson

Parmy Olson is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. She previously reported for the Wall Street Journal and Forbes and is the author of "We Are Anonymous."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بالنظر إلى مشروع طموح للغاية، كان الإعلان عن نهاية شركة "كيتي هوك" (Kitty Hawk) الناشئة للسيارات مقتضباً بشكل غريب، فقد ذكر منشور واحد على صفحة الشركة على موقع "لينكد إن" (LinkedIn) يوم الأربعاء الآتي: "لقد اتخذنا قراراً بإغلاق "كيتي هوك"، وما زلنا نعمل على تفاصيل الخطوة التالية".

وقد تفاجأت الشركات المنافسة بهذا الخبر؛ إذ يُشار إلى أنَّ شركة "كيتي هوك"، التي تأسّست في عام 2010، قد أدركت في وقت مبكر أنَّها بحاجة إلى صنع طائرة رشيقة مثل السيارة، بدلاً من تثبيت بعض الأجنحة على سيارة، وساعدت في ريادة نوع جديد من الطائرات يُدعى "إيفتول" (eVTOL)، أو الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي – وهو يتقاطع بشكل أساسي بين الطائرة من دون طيار والطائرة الخفيفة - وارتفعت الآمال عندما انضم الشريك المؤسّس الثري لشركة "غوغل" (Google)، لاري بيج، إلى المشروع.

لم يتحقّق الحلم؛ ولم يُعلن عن تفاصيل الخطأ الذي حدث في "كيتي هوك"، لكن هناك على الأقل ثلاثة دروس واقعية يمكن استخلاصها من إغلاق الشركة.

التكنولوجيا لا تتحرك في الاتجاه الذي نتوقعه

سلّط المستثمر التكنولوجي الملياردير بيتر ثيل الضوء على ابتذال تطور التكنولوجيا عندما قال في عام 2013، "أردنا سيارات طائرة، وحصلنا على 140 حرفاً بدلاً من ذلك"، في إشارة إلى عدد الأحرف المسموح به للتغريدات آنذاك.

وفي القرن العشرين، نظر الناس إلى المستقبل من خلال العدسة المثيرة للخيال العلمي: مدبرات المنزل الروبوتية من مسلسل الرسوم المتحركة "ذا جيتسونز"؛ أو المنازل ذات القباب الزجاجية؛ أو "حبوب الوجبات" من الرسوم الهزلية في الخمسينيات، أو وثائقي "أقرب مما نعتقد" (Closer Than We Think)، أو السيارات الطائرة من فيلم "باك تو ذا فيوتشر" (Back To The Future II).

اقرأ أيضاً: "التاكسي الطائر" يُحلِّق بمليارات الدولارات من "الشيك على بياض"

لكنَّ التنبؤ بمسار التكنولوجيا يكون صعباً عندما تكون النقطة المرجعية الوحيدة لدينا هي الحاضر، ولهذا السبب استخدم مارتي ماكفلي جهاز فاكس في عالم الفيلم المستقبلي، ولهذا أظهرت الرسوم الكاريكاتورية لأرثر راديبو في الخمسينيات عناصر مثل الورق والأقلام لكتابة "بطاقات عيد الميلاد الإلكترونية". في ذلك الوقت، كان من المستحيل فهم مفهوم المعلومات الرقمية.

لكن انتهى الأمر بالمعلومات الرقمية المتصلة بالشبكة بأن تصبح أكبر قفزة تكنولوجية إلى الأمام في القرن الحادي والعشرين، وهي قوة غير مرئية وضعت أجهزة كمبيوتر صغيرة مسببة للإدمان في جيوب الجميع، وأعادت كتابة ديناميكيات الديمقراطية نفسها.

في الواقع ما يزال من الصعب التنبؤ بالتكنولوجيا التي ستكون مؤثرة، فقد تمنح شبكات عملات مشفَّرة لامركزية الجميع جزءاً من "ويب 3"، أو نوعاً مختلفاً تماماً من أجهزة الحوسبة الشخصية، مثل العدسات اللاصقة الذكية التي تعرض الصور الرقمية على مُقلات أعيننا. وما من شك في أنَّ وادي السيليكون يزدهر بمطاردة الأفكار الجريئة لرواد الأعمال غريبي الأطوار، ولكنَّ الحقيقة تتمثل في أنَّ الطموحات الأكبر غالباً ما يصعب تحقيقها.

الفشل أمر جيد

هناك مجاز معروف جيداً بين موظفي "غوغل" ومتأصل بعمق في ثقافة الشركة، وهو أنَّ الفشل أمر جيد. ففي عام 2016، قال رئيس قسم "إكس" (X)، وهو مختبر البحث والتطوير الخاص بشركة "ألفابت" (Alphabet) المعني باستخراج أفكار تكنولوجية جذرية، إنَّ الوحدة قتلت حوالي 100 مشروع في عام واحد، واحتفلت "بالفشل السريع". كما قال أسترو تيلر، الرئيس التنفيذي لقسم "إكس"، إنَّه عندما يُنهي أي فريق مشروعاً ما؛ فإنَّه سيحصل على تصفيق الأقران، و"عناق وثناء المديرين؛ ويكون سبباً للترقية". (كما يمكنه أيضاً الإفلات من العقاب بفضل آلة الإعلانات من "غوغل" التي تبلغ قيمتها 200 مليار دولار).

اقرأ أيضاً: التاكسي الطائر في ماليزيا قبل نهاية 2022

هذه هي العملية الطبيعية لتحويل فكرة ثورية إلى ضربة ناجحة. ولكن كان هناك عدد قليل من النجاحات في قسم "إكس"، وتم إغلاق المشاريع الضخمة مثل نظارات الواقع المعزز من "غوغل"، أو العدسات اللاصقة الذكية لمرضى السكر، أو البالونات التي يمكن أن تنقل الوصول إلى الإنترنت إلى العالم النامي. ومن السهل الانجذاب إلى الإثارة والوعد بمشروعات مثل السيارات الطائرة – لا سيما عندما يُصِر منتقو الأسهم المتهورون على أنَّ نجاحها قاب قوسين أو أدنى - التي يُطلق عليها اسم "الطلقات القمرية" لسبب ما؛ فعندما يصعب بناء التكنولوجيا، تقلّ احتمالية نجاحها.

لا يحل الداعمون ذوو الأسماء الكبيرة بالضرورة التحديات الهندسية الكبيرة.

أين الخطأ؟

على الرغم من أنَّه من غير الواضح ما الخطأ الذي حدث بالضبط في شركة "كيتي هوك"، فمن المحتمل ألا تتمكّن الشركة من حلّ بعض الألغاز الهندسية الأساسية. فقد عانى أحد نماذجها، على سبيل المثال، من سلسلة من الحرائق، نظراً لأنَّ المهندسين قطعوا الحماية الواقية المستخدمة في خلايا بطارية "الليثيوم أيون" للسيارات، وحزموا الخلايا معاً بشريط، وفقاً لتقرير استقصائي صدر عام 2019 في مجلة "فوربس"، مما أدى إلى زيادة خطر اشتعال البطارية.

وفقاً لـ"فوربس"؛ فإنَّ المهندسين الذين أثاروا مخاوف تتعلق بالسلامة؛ تم تجاهلهم أيضاً من قبل الإدارة التي كانت حريصة على طرح طائرات الشركة في السوق. في حين رفضت شركة "كيتي هوك" التعليق في تقرير "فوربس".

وكانت شركة "كيتي هوك" قد جمعت 75 مليون دولار من مستثمرين من بينهم "بيج"، وفقاً لشركة "بيتش بوك" (Pitchbook)، وهي شركة لاستخبارات السوق. لكنَّ ثروة "بيج" وعلاقات "غوغل" لم تكن كافية لإبقاء الشركة على قيد الحياة، وكذلك لم تساعدها حقيقة تسميتها على اسم بلدة نورث كارولاينا التي أجرى فيها الأخوان "رايت" تجارب الطيران الأولى. لكنَّ شخصاً ما سيجعل من "إيفتول" حقيقة واقعة، على الأرجح كنوع من سيارات الأجرة الطائرة التي تديرها شركة طيران أو شركة رحلات مشتركة.

الجدير بالذكر أنَّ "بوينغ" (Boeing)، و"إيرباص" (Airbus)، وكذلك "أوبر" (Uber)، ومجموعة من الشركات الأصغر، تقوم ببناء مثل هذه السيارات الطائرة، ولديها نفس احتمالات حل هذا اللغز. وبقدر ما يعتبر الملياردير الداعم مصدراً للثقة؛ فإنَّ ذلك لا يجعل مشروعاً طموحاً للغاية أكثر جدوى؛ فقد أوضح مشروع "كيتي هوك" للملياردير "بيج" ذلك تماماً.