كيف يستخدم علماء الأعصاب استراحات "غسيل الدماغ" لتعزيز الإبداع في العمل

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا يبدو العقل البشري مصمماً لتحمّل يوم عمل عادي يتطلب حضور اجتماعات متتالية وقضاء وقت مديد أمام الشاشة وبذل مجهود لساعات طويلة. في حين ينظر علماء الأعصاب للموضوع من منطلق مختلف.

رداً على سؤال "كيف أنجز مهامي؟" أجاب بول زاك مدير مركز دراسات علم الاقتصاد العصبي في جامعة كليرمونت للدراسات العليا: "أنا لا أنهك نفسي على المستوى الإدراكي، وبالتأكيد لا أعمل لـ 15 ساعة في اليوم".

كي تحذو حذو خبراء الدماغ مثل زاك، عليك بالتركيز على هدفك العام، أي النجاح فيما تتجنب الإرهاق الذهني أو الشرود. بالنسبة لمعظم الناس، يعني ذلك القيام بمزيج من العمل العميق والاجتماعات والمهام الخفيفة والأنشطة التخصصية. قاوم اندفاعك نحو الانكباب على الكتابة مثلاً لساعات متواصلة أو إجراء مكالمات جماعية متتالية. تقول هيلين فيشر عالمة الأنثروبولوجيا البيولوجية في جامعة "روتجرز": "حين يكون لديك مليون اجتماع مختلف، على الأرجح ستصل إلى مرحلة ستغرق في ذلك الفيض".

طالع أيضاً: هل استنزفك عملك؟ إليك 7 طرق لتستعيد طاقتك

لكنك ربما تتساءل، ألا يشغل رجال الأعمال النافذون أيامهم بالاجتماعات؟ لا بدّ أن تدرك أن المديرين التنفيذيين المخضرمين دربوا أنفسهم على التعامل مع الضغوطات الاجتماعية الضخمة. يقول مايكل بلات، عالم الأعصاب في جامعة بنسلفانيا: "إذا كانوا قادة حقيقيين، فلا بدّ أنهم دربوا عقولهم الاجتماعية لسنوات ولعلهم يعملون بقدرة لا يملكها الشخص العادي. إذا عقدت اجتماعات متتالية، سيتعب ذهنك عند الساعة الثانية بعد الظهر".

لذا طلبنا من اختصاصيي أعصاب مشاركتنا نصائحهم لقضاء يوم عمل مثالي.

استيقظ وحرّك جسمك

يقول بلات إن "النشاط البدني من أهم الممارسات التي تمكّن الدماغ من العمل على النحو الأمثل". فسيفيدك المشي قليلاً في الصباح.من جهته، يضيف زاك"تريد أن ينبض قلبك ويُشبّع دماغك بالأكسجين النقي". فزاك يمشي 15 دقيقة صباحاً مع كلبه بينما يرتشف القهوة، ويبقي هاتفه في متناول يده من أجل تسجيل المذكرات الصوتية. ويشرح "في 20 دقيقة أكون قد مارست بعض التمارين الرياضية وتناولت قهوتي وخططت ليومي". كما يمكن أن يحقق استخدام جهاز المشي العادي أو جهاز المشي المكتبي الغاية نفسها.

مارس التأمل

تظهر الدراسات أن للتأمل تأثيراً مهدئاً وهو يساعدك على تنظيم أمورك أيضاً، فيقلل من تهيج الدماغ ويخفف التوتر. يقول بلات: "لا تبدو آليات ذلك واضحة تماماً، لكنه يقلل من نشاط أنظمة التحفيز، ما يجعلك أقل عرضة لارتكاب أخطاء أو اتخاذ قرارات متهورة". يمكنك ممارسة أي نوع من التأمل، و"ليس من الضروري أن تقوم بذلك لمدة طويلة".

ابدأ العمل باكراً

يشعر معظم العاملين بالحيوية بين الساعة الخامسة والعاشرة صباحاً، لكن غالباً ما يضيّع الناس ساعات اليقظة الثمينة الأولى في الروتين الصباحي والاجتماعات التنظيمية. يقترح زاك استخدام أول 90 دقيقة لإنجاز أهم مهمتين في يومك. ويقول: "أجلس خلف مكتبي قبل أن تستيقظ عائلتي، ما يترك لي بضع ساعات أكون خلالها في غاية التركيز". يمكن للأشخاص الذين يزداد تركيزهم في وقت لاحق من اليوم نقل مهامهم الأكثر أهمية إلى فترة ما بعد الظهر وتخصيص الأوقات الصباحية لتصفية ذهنهم.

العمل ضمن فترات مدتها 20 دقيقة

يقول زاك إنه من الصعب الانكباب على عمل واحد لفترة طويلة، ويقترح أن يجدول العاملون معظم مهامهم واجتماعاتهم في فترات من 20 دقيقة أو أقل، باستثناء الأنشطة التي تتطلب بطبيعتها وقتاً أطول مثل العمل العميق.

خذ استراحات "غسيل الدماغ"

أكثر من شرب الماء وتحريك جسمك والنظر إلى الخارج من النافذة. يطلق زاك على هذه الاستراتيجية تسمية "غسيل الدماغ" (لا، ليس ذاك النوع من غسيل الدماغ، بل هي أشبه بعملية تطهير). تساعدك هذه العملية على تفريغ كل الأمور التي تركز عليها وعلى التخلص منها". فيما من الأفضل أن تخصص 10 دقائق للقيام بذلك، إلا أنه سيكون من المفيد إن ابتعدت حتى لو دقيقة واحدة عن الشاشة ورفعت قدميك. يقول بلات: "يحتوي دماغك على نظامين متعارضين، يركز أحدهما على إنجاز المهام، فيما تدعم شبكة أخرى الإبداع والاستكشاف". وعندما ينشط القسم الذي يركز على إنجاز العمل، يُقمع الإبداع تماماً.

أضف بعض الحركة البدنية إلى اجتماعاتك

يفضّل علماء الأعصاب عقد الاجتماعات أثناء المشي أو الوقوف. يقول زاك "يرتفع معدل ضربات قلبك وبعد فترة تبدأ قدماك تؤلمانك، وهكذا يضطر الناس إلى الدخول في صلب الموضوع مباشرة، والانتهاء منه". يفضّل زاك أيضاً إجراء المكالمات الهاتفية وأحياناً يجري مقابلات أثناء تقليم النباتات في الفناء الخلفي لمنزله. بلات هو الآخر يحبذ المشي أثناء المحادثات. يتجنب الرجلان مكالمات الفيديو، حيث يعمل الدماغ بجهد لجمع التعبيرات الدقيقة، وتتسع حدقة العين، وتنضغط أعين الحاضرين عند النظر إلى مربعات ثنائية الأبعاد. لذا يقترحان إلقاء التحية عبر الكاميرا، ثم إغلاقها.

لقراءة المزيد: إلغاء الاجتماعات أفضل طريقة لخفض توتر الموظفين

التحقق من البريد الإلكتروني

يشكل التحقق من بريدك الالكتروني لمدة 10 إلى 30 دقيقة عدة مرات في اليوم فاصلاً بين الاجتماعات. يقول بلات: "تعامل مع بريدك الالكتروني كأنك تشطب بعض الأمور عن قائمة مهامك. حاول أن تكون فعالاً. وإلا فإن فيض رسائل البريد الوارد سيرهقك ويثقل كاهلك. لا تسمح بأن تكون متاحاً عبر البريد الإلكتروني طوال اليوم؛ فالرسائل الالكترونية المتواصلة تستنزف انتباهك بعيداً عن المهام الأخرى".

تناول الغداء ومارس الرياضة

يقول بلات "لا يتعلق الأمر بطول مدة التمرين بل بشدته. تجاوز سبع دقائق من التدريب المتقطع عالي الشدة أمر رائع، أو يمكنك الاكتفاء بتمارين مقاومة بسيطة، وهي أمور يمكنك القيام بها في مكتبك". توقع أن تشعر بالتعب بعد الغداء، وهو ما يُعرف عادة بالنعاس بعد الطعام. يقول زاك: "انصت لإيقاعات جسمك وحاجته لأخذ قسط من الراحة بعد تناول الطعام حتى تتمكن من الهضم". وهو يقترح حيلة قيلولة الكافيين، أي شرب القهوة قبل أخذ قيلولة لـ20 دقيقة. أو مجرد تناول الكافيين بدون النوم. ويضيف: "من الجيد تناول قهوة إسبريسو أو قهوة عادية بعد الغداء لمقاومة التعب. فهي ترفع معدل ضربات قلبك".

تواصل مع زملاء العمل

عناصر المرح مفيدة، ابدأ اجتماعك بلعبة صغيرة أو محفز يدفع الناس إلى إجراء محادثة أعمق، ما يساعد على تناغم الذهنيات والعقليات والمشاعر. يقول بلات: "تعد التفاعلات الاجتماعية الإيجابية مهمة جداً لرفاهة الفرد وبناء ثقافة التعاطف والثقة والتعاون. هي لا تتطلب الكثير من المال أو الجهد، ولكن تأثيرها واضح جداً".

خصص وقتاً لنفسك

اذهب في جولة على الدراجة، أو اتصل بشخص للتحدث. يقول بلات: "خصص وقتاً لنفسك. كثير منا لا يفعلون ذلك بشكل كافٍ".