الجنيه المصري يهبط لأدنى مستوى على الإطلاق مقابل الدولار

العملة المصرية فقدت نحو ربع قيمتها أمام نظيرتها الأميركية منذ مارس الماضي

الجنيه المصري شهد أكبر انخفاض منذ التعويم عام 2016 خلال تعاملات يوم الإثنين 21 مارس 2022
الجنيه المصري شهد أكبر انخفاض منذ التعويم عام 2016 خلال تعاملات يوم الإثنين 21 مارس 2022 المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سجل متوسط سعر العملة المصرية أدنى مستوياته على الإطلاق، ليصل إلى 19.54 جنيه مقابل الدولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، وسط زيادة الطلب على العملة الصعبة، وتأخر الحكومة في إبرام اتفاقية تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي.

قبل اليوم، كان أدنى متوسط لسعر الجنيه المصري مقابل الدولار، تمّ تسجيله في ديسمبر 2016 عندما بلغ 19.52 جنيه. وهبطت قيمة العملة المحلية بنحو 25% منذ مارس، بعدما سمح المركزي بتحريك سعر الصرف لأول مرة منذ 2016، في الوقت الذي رفع فيه أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس، في محاولةٍ منه لامتصاص الموجات التضخمية الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية واضطرابات سلاسل الإمداد العالمي بشكلٍ أساسي.

يَعتبر صندوق النقد الدولي أنَ اعتماد تحريك أكبر لسعر الصرف خلال تنفيذ اتفاق الاستعداد الائتماني السابق مع البلاد، كان يمكن ترسيخه لتجنّب تراكم الاختلالات الخارجية وتسهيل التكيّف مع الصدمات.

آية زهير، محللة الاقتصاد المصري في "زيلا كابيتال"، تشير إلى أن "الأيام القليلة الماضية شهدت زيادات تدريجية في سعر الصرف، ما يرجح المسار الذي توقعناه وهو تبني سياسة الخفض التدريجي مقابل سياسة الخفض المفاجئ". مُعتبرةً أن الجنيه "لم ينخفض أمام الدولار بالقيمة الكافية"، ومرجّحةً وصول سعر الصرف لمستويات 21 إلى 22 جنيهاً مقابل الدولار بحلول نهاية العام.

الجنيه المصري قد يهبط إلى 20.5 للدولار قبل نهاية 2022

تراكم الطلب على الدولار

يشهد اقتصاد مصر منذ بداية العام جملة تحدّيات، ممتدّة من تداعيات جائحة كورونا وفاقمتها الأزمة الروسية الأوكرانية، تتجلّى بقفزة التضخم لمستويات قياسية، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي، وتخارج معظم أموال الصناديق الدولية من سوق الأوراق المالية المحلّية، وهو ما رفع حجم الحاجة لوجود مخزون قوي من العملة الأجنبية.

وجرى الترويج خلال الشهور الأخيرة بأن قرضاً جديداً من صندوق النقد الدولي، بموازاة تعويم الجنيه، هما الشرطان الأساسيان لعودة عجلة اقتصاد البلاد إلى وتيرة التسارع. لكن تأخّر الوصول لخطوات ملموسة على كِلا الصعيدين بدأ يتسبّب باضطرابات في السوق، ما ألقى بظلاله على رؤية البنوك العالمية لآفاق اقتصاد أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم العربي.

ترى رضوى السويفي، رئيسة البحوث في "الأهلي فاروس"، أن متوسط القيمة العادلة للعملة المصرية هو "21 جنيهاً مقابل الدولار"، مقدّرة الوصول لهذا المستوى بنهاية 2022. لكن نظراً للطلب المتراكم على العملة الصعبة في السوق، "فقد يتجاوز سعر الصرف القيمة العادلة لبعض الوقت، ليعود لهذا المستوى مع استقرار الأوضاع".

صندوق النقد

تأمل مصر أن تتمكن من التوصل إلى اتفاق للحصول على دعم صندوق النقد الدولي في غضون شهر أو اثنين، كما تستكشف الحكومة أيضاً خيارات تمويل تشمل قروضاً ميسورة التكلفة من الصين واليابان، وفق تصريحات وزير المالية محمد معيط الأسبوع الماضي. مضيفاً أن حجم برنامج تمويل صندوق النقد الدولي الجديد لم يتقرر بعد، إذ "عادةً ما يتم تحديده في المرحلة النهائية من المفاوضات"، على حدّ قوله.

معيط: الاتفاق مع صندوق النقد قد يستغرق شهراً أو اثنين

ثنائية صندوق النقد والجنيه تفاقم اضطراب السوق المصرية

آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم المصرية"، يُنوّه بأن "هبوط الجنيه المصري الأخير يُعدُّ من أعلى معدلات تراجع العملة على مستوى العالم، فنحن نتحدث عن تراجع بنحو 30%"، متوقعاً أن يصل لمستوى 20.5 جنيه مقابل الدولار في ديسمبر، "بسبب الوتيرة الحالية للطلب والاستهلاك اليومي للعملة الصعبة".

تسعى السلطات المصرية لإحداث حالة من التوازن بقدر المستطاع بين اضطرارها لرفع أسعار أغلب السلع والخدمات وسط موجة التضخم العالمي، وبين تقديم الدعم للأسر الأكثر احتياجاً، وقرّرت الحكومة، بدايةً من سبتمبر الحالي، صرف مساعدات استثنائية لـ9 ملايين أسرة لمدة 6 شهور قادمة، تمثل حوالي ثلث الأسر المصرية، بتكلفة إجمالية تبلغ 11 مليار جنيه، لمجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية وارتفاع أسعار السلع.

عليا ممدوح، محللة الاقتصاد المصري في "بلتون المالية"، تؤكد أنها مازالت عند توقعاتها في الآونة الأخيرة، لناحية وصول سعر العملة المصرية إلى حدود 20.5 جنيه مقابل الدولار، لا أكثر، حتى ديسمبر، باعتبار أن "الربع الأخير من العام عادةً ما يشهد طلباً أقل على الاستيراد، وبالتالي على العملة الصعبة، وزيادةً أكثر في واردات السياحة وصادرات الغاز إلى أوروبا".

محمد عبد المجيد، خبير اقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في "بي إن بي باريبا"، أكّد في مقابلة مع "الشرق" أن البنك مازال عند توقعاته بانخفاض العملة المصرية إلى مستويات 22 إلى 23 جنيهاً مقابل الدولار، بنهاية العام.

يستند البنك في نظرته إلى أساب عدّة، "أولها الحاجة لغلق الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي، الذي يتراوح حالياً ما بين 22.5 إلى 23 جنيه للدولار. وثانياً، أهمية الوصول إلى اتفاق بشكلٍ عاجل مع صندوق النقد الدولي، والتوصل إلى صيغة توافقية بما يخص إدارة العملة المصرية مستقبلاً. وثالثاً، الانخفاض الطفيف في تحويلات المصرين من الخارج الذي لاحظناه مؤخراً، والذي نعتقد أن البنك المركزي سيوليه أهمية في الفترة المقبلة كون هذه التحويلات ثاني أكبر مصدر للعملة الصعبة للبلاد. وأخيراً أهمية تنشيط الاستثمار العربي والأجنبي المباشر في مصر، والذي يتطلّب بشكل أساسي استقرار سعر الصرف"، بحسب عبد المجيد. متوقعاً أن تكون إدارة سعر صرف الجنيه أمام الدولار مستقبلاً "مختلفة كثيراً عن السابق، وتتمتع بمرونة أكبر".

أبرز توقعات البنوك العالمية الأخيرة بشأن السعر العادل للعملة المصرية:

  • غولدمان ساكس: انخفاض لنطاق 22 إلى 24 جنيهاً للدولار.
  • كريدي سويس: 22 جنيهاً مقابل الدولار.
  • بي إن بي باريبا: 22 أو 23 جنيهاً لكل دولار.