كيف يرى مجتمع المال البريطاني السبيل إلى استقرار الجنيه الإسترليني؟

رفع سعر الفائدة من خلال اجتماع طارئ كان يمكن أن يساعد العملة

مجموعة من الأوراق النقدية البريطانية من فئة خمسة وعشرة جنيهات إسترلينية
مجموعة من الأوراق النقدية البريطانية من فئة خمسة وعشرة جنيهات إسترلينية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعتقد المجتمع المالي البريطاني أنه لا شيء سيجلب الاستقرار إلى الجنيه الإسترليني سوى تشديد السياسة النقدية عبر رفع أسعار الفائدة فوق معدلات الاحتياطي الفيدرالي، لذا يوجه رسالة إلى بنك إنجلترا: "كُن أشد قوة".

أقدم بنك إنجلترا الأربعاء على خطوة لوقف بيع السندات، وأعلن عن خطة لشراء السندات طويلة الأجل، ما سبّب ارتفاعاً قياسياً في سندات الخزانة لأجل 30 عاماً. لكن التأثير في الجنيه الإسترليني لم يدُم طويلاً، وسرعان ما استأنفت العملة خسائرها وواصلت موجة البيع الكثيف التي تجاوزت 5% منذ الإعلان عن خفض الضرائب يوم الجمعة. بالنسبة إلى المحللين فإن خطة شراء السندات قد لا تحرر بنك إنجلترا من الاضطرار إلى رفع أسعار الفائدة.

تدهور الثقة

قال كيت جوكس، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي في بنك "سوسيتيه جنرال": "إن هذا الوضع يرجح بدرجة كبيرة احتمال أن يكسر الجنيه الإسترليني سعر التعادل أمام الدولار.. فالثقة تتدهور، وهذا أمر خطير".

يعتقد البعض أن رفع سعر الفائدة من خلال عقد اجتماع طارئ كان ليساعد على استقرار الإسترليني، لكن بنك إنجلترا قلل فرصَ مثلِ هذه الخطوة التي كانت ستعيد إلى الأذهان ذكريات أزمة الأربعاء الأسوَد عام 1992، وترك موقف البنك المركزي مراقبي العملة في البنوك وشركات إدارة الأصول يعلقون آمالهم على اجتماع 3 نوفمبر.

العريان: "مقامرة الضرائب الكبيرة" تعني أن بنك إنجلترا يحتاج إلى رفع الفائدة 1%

يعتقد المحللون أنه في ذلك الاجتماع والاجتماعات اللاحقة يتعين على مسؤولي السياسة النقدية أن يتجاوزوا الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في التشديد النقدي، الأمر الذي يعني رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى نحو 6%، وهو ما يزيد على التقديرات الحالية لذروة الفائدة عند الاحتياطي الفيدرالي والبالغة 4.4%، وحالياً ترجح أسواق المال رفعاً يناهز 160 نقطة أساس من جانب بنك إنجلترا الشهر المقبل.

تغيير التصورات

قال شهاب غالينوس، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسعار الصرف والفائدة لدى "كريدي سويس غروب" في نيويورك: "إنهم بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة كثيراً"، ويعتقد أن بنك إنجلترا يجب أن يُقْدِم على رفع أسعار الفائدة بشكل طارئ قبل قراره المرتقب في نوفمبر، موضحاً: "من شأن ذلك التخلص من سيكولوجيا أن بنك إنجلترا متأخر عن أقرانه في التشديد النقدي".

قال غالينوس إنه لكي يستقر الجنيه الإسترليني فإنه يودّ أن يرى بنك إنجلترا يزيد سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس فوراً للوصول إلى سعر فائدة أساسي متعادل مع سعر الفائدة الفيدرالية الحالية البالغة 3.25%، وبالتالي تأكيد صحة توقعات السوق لوصول سعر الفائدة إلى أكثر من 4% في المملكة المتحدة بحلول الربع الأول من عام 2023، وقال: "بنك إنجلترا لا يرفع سعر الفائدة أبداً بالقدر المرجح من السوق، لذلك يحتاجون إلى تغيير هذا التصور".

قال أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، إنّ لجنة السياسة النقدية لن تتردد في رفع أسعار الفائدة بقدر الحاجة، لكن التصريحات لم تفعل شيئاً يُذكر لعكس مسار عمليات البيع التي دفعت الجنيه الإسترليني إلى أضعف مستوى على الإطلاق، وأثارت الحديث حول تعادل قيمته مع اليورو والدولار.

الدولار يتساوى مع اليورو لأول مرة منذ أكثر من عقدين

قال جورج سارافيلوس، الرئيس العالمي لأبحاث الصرف الأجنبي في مصرف "دويتشه بنك"، إنّ رفع أسعار الفائدة فوق 6% هو ما تطلبه الأسواق الآن لتحقيق استقرار الجنيه الإسترليني. وأضاف: "إذا لم يتحقق ذلك فهناك خطورة أن تحدث حلقة مفرغة من زيادة ضعف العملة وارتفاع التضخم المستورد ومزيد من رفع سعر الفائدة".

انهار الجنيه الإسترليني بعد أن أعلن وزير الخزانة كواسي كوارتنغ يوم الجمعة عن خطط لخفض الضرائب، ووصل إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.0350 دولار، كما ارتفعت عوائد ديون الحكومة البريطانية بشكل كبير في الأيام اللاحقة قبل أن تتراجع يوم الأربعاء بعد إعلان شراء السندات.

اقرأ المزيد: ما سرّ انهيار الجنيه الإسترليني المفاجئ؟

اتجاه هبوطي

"حتى لو رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة 100 أو 125 نقطة أساس فهذا ليس كافياً"، حسبما قال جوردان روتشستر، استراتيجي الصرف الأجنبي في "نومورا إنترناشيونال".

"التزام جدول الاجتماعات هو المسار الصحيح، لكن يجب أن يكونوا أكثر قوة في رفع الفائدة".

قال روبرت هاريسون، مدير محفظة في شركة "بلاك روك" والمستشار السابق لوزير الخزانة السابق جورج أوزبورن، إنّ تراجع الجنيه قد يتواصل.

قال هاريسون في ندوة عبر الإنترنت يوم الثلاثاء: "كون الجنيه الإسترليني قد انخفض كثيراً لا يعني أنه يجب أن يرتد تلقائياً على المدى المتوسط.. أعتقد أن هذا التراجع قد يصبح في الأغلب جزءاً من انحراف هبوطيّ على المدى المتوسط".