وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي يخوضون مناقشات صعبة حول وضع سقف لأسعار الغاز

يُرتقب أن يقر الوزراء اليوم الجمعة إجراءات طارئة لخفض استخدام الكهرباء

شبكة أنابيب غاز تديرها شركة "يونيبر" في إيتزل، ألمانيا
شبكة أنابيب غاز تديرها شركة "يونيبر" في إيتزل، ألمانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يوشك الاتحاد الأوروبي أن يتخذ أكثر الخطوات الملموسة حتى الآن لمعالجة أزمة الطاقة. فقد أصبح واضحاً بالفعل أنها لن تكون كافية تقريباً. ويُرتقب أن يلجأ وزراء الطاقة في الاتحاد يوم الجمعة إلى مجموعة من الإجراءات الطارئة لخفض استخدام الكهرباء وإعادة توجيه الأرباح المفاجئة لشركات الطاقة إلى المنازل والشركات.

اتفق التكتل المكون من 27 دولة بالفعل على هدف طوعي لخفض استهلاك الغاز بنسبة 15% بعد أن خفضت روسيا، أكبر مورد له، الشحنات بعد غزو أوكرانيا. مع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لاحتواء أزمة الطاقة التي تغذي التضخم وتمثل خطراً بدخول الاقتصاد في ركود.

إن مساحة المناورة محدودة في سوق الغاز شديدة التقلب، والتي تشوهها ما يسميه الاتحاد الأوروبي باستخدام موسكو الطاقة سلاحاً.

وأصبح الخطر بالنسبة للإمدادات في أوروبا أكثر حدة بعد أن تضرر خط أناببيب "نورد ستريم" تحت الماء، الذي يربط روسيا بألمانيا، في سلسلة من الانفجارات وصفتها العديد من الحكومات بأنها "متعمدة" و"تخريبية".

ابتزاز

يستعد وزراء الطاقة لتضارب أو مواجهة في بروكسل حول كيفية وما إذا كان سيتم وضع حد أقصى لأسعار الغاز، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكاليف الكهرباء والتدفئة مع اقتراب فصل الشتاء.

الاتحاد الأوروبي يناقش جدوى تحديد سقف لأسعار الغاز لتخفيف أزمة الطاقة

قالت المفوضة الأوروبية لشؤون الطاقة، كادري سيمسون قبل الاجتماع إن "أوروبا تواجه ابتزازاً في مجال الطاقة من جانب روسيا والطلب العالمي على الغاز أعلى من العرض.. يتعين علينا العمل على طول المسار بأكمله لمواجهة التحدي".

أثارت قائمة الخيارات التي يمكن أن يستخدمها الاتحاد الأوروبي، والتي حددتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء، حدة النقاش، بعد أن حذّرت الذراع التنفيذية للتكتل من الاعتماد فقط على فكرة وضع سقف للسعر بالنسبة لصفقات الغاز بالجملة، وهو الأمر الذي حثت بشأنه 15 دولة تشمل بلجيكا وفرنسا واليونان وإيطاليا وبولندا وإسبانيا.

"لا يوجد حل سحري واحد. يتعين على الاتحاد الأوروبي العمل على خفض الأسعار، لكن لن يؤتي أي تحديد سقف للسعر ثماره ما لم يتم تخفيض الطلب على الغاز بشكل أكبر"، وفق قول جوانا بانديرا، رئيسة مركز أبحاث "فورم إنرجي" (Forum Energii) في وارسو. تضيف بانديرا: "حجم الأزمة ضخم، وهناك الكثير من التوتر في الدول الأعضاء والمناقشات على وشك أن تكون صعبة للغاية".

الاتحاد الأوروبي يُسرّع جهوده للموافقة على وضع سقف لسعر النفط الروسي

في حين تتنافس دول الاتحاد الأوروبي بشأن الخطط، فإن العديد من الحكومات تمضي قدماً في خطواتها الخاصة، بما في ذلك الخطط باهظة الثمن لحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار.

الإمارات تستعد لإرسال 6 شحنات إضافية من الغاز المسال إلى ألمانيا

يوم الخميس، أعلنت ألمانيا أنها تستعد لاقتراض 200 مليار يورو إضافية (195 مليار دولار) لتمويل خطة للحد من تأثير ارتفاع تكاليف الغاز على المنازل والشركات. وقال المستشار الألماني، أولاف شولتس للصحفيين إن "الأسعار يجب أن تنخفض"، وقارن الخطة بنشر "مظلة واقية كبيرة" على الاقتصاد. لم تنضم حكومته إلى تحالف الدول الداعي إلى وضع حد أقصى لأسعار الغاز بالجملة على مستوى الاتحاد الأوروبي.

تعميق الانقسامات الاقتصادية

لكن مثل هذه الخطط تمثل خطراً أيضاً بإبقاء الاستهلاك مرتفعاً. حيث قالت الجهة المنظّمة للطاقة في ألمانيا بشكل منفصل يوم الخميس إن المنازل والشركات استهلكت بالفعل الكثير من الغاز خلال الأسبوع الماضي مع انخفاض درجات الحرارة. وأوضحت أن هناك حاجة إلى توفير 20% على الأقل لتجنب نقص الوقود خلال الشتاء.

هناك مخاطر أخرى تطرحها الحلول الوطنية المختلفة مثل تجزئة السوق وتعميق الانقسامات الاقتصادية بين الدول الأعضاء والتي تريد المفوضية تجنبها.

في إيطاليا، حذّر رئيس الوزراء المنتهية ولايته، ماريو دراجي يوم الخميس من أن دول الاتحاد الأوروبي لا يمكنها تقسيم نفسها وفقاً للمساحة الموجودة في ميزانياتها الوطنية، ويجب "تجنب التشوهات الخطيرة وغير المبررة للسوق الداخلية وإبقاء أوروبا موحدة مجدداً في مواجهة الطوارئ".

إيطاليا تتخلص من قبضة الغاز الروسي بتأمين إمدادات كافية من مصر والجزائر

ستساعد مناقشات الوزراء يوم الجمعة ومناقشة أسعار الغاز في اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي خلال 7 أكتوبر في العاصمة التشيكية براغ، المفوضية على تشكيل جهد لمعالجة أسعار الكهرباء.

قد تتضمن اللائحة الجديدة، المخطط لها الشهر المقبل حداً أقصى لسعر الغاز المستخدم لتوليد الكهرباء.

كما طرحت الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي خياراً لوضع سقف لسعر الغاز المشترى من روسيا، سواء كان مسالاً أو يتم نقله عبر خطوط الأنابيب. لم تحظ هذه الفكرة بتأييد كبير من الدول الأعضاء خلال اجتماع لوزراء الطاقة في وقت سابق من سبتمبر، حيث قالت العديد من الحكومات إنها تمثل خطراً بإثارة وقف كامل للواردات دون أن يكون لها تأثير كبير على السوق، كون الغاز الروسي يمثل الآن ما يقرب من 9% من العرض.

يجب تحديد أسعار الواردات من موردي خطوط الأنابيب الموثوق بهم مثل الجزائر أو النرويج في المفاوضات، وفقاً للمفوضية، على الرغم من أن فرض الحد الأقصى هو بمثابة خيار إذا لم تسفر المحادثات عن التوصل لاتفاق.

تدفقات النفط الروسي تتراجع وتضر بآلة بوتين الحربية

لخفض تكلفة الغاز الطبيعي المسال من شركاء موثوق بهم، يمكن لأعضاء الاتحاد الأوروبي كسب المزيد من النفوذ من خلال اللجوء إلى عمليات الشراء المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إنشاء مؤشر تكميلي جديد للغاز الطبيعي المسال ليعكس الأسعار بشكل أفضل، وفقاً للمفوضية الأوروبية.

يظل تحديد سقف لسعر الغاز في روسيا أو خارجها "أم المعارك"، حسب وصف ماكسيمو ميسينيلي، رئيس الطاقة والمناخ في شركة "فليشمان هيلارد إي يو" للاستشارات. ويضيف: "ما زلت غير متأكد من أن هذا سينتهي بشكل جيد".