السعودية والإمارات وجهتا أوروبا وآسيا في البحث عن الطاقة النظيفة

تُصنّف الأمونيا الزرقاء كوقود مستقبلي صديق للبيئة.. لكن السعودية والإمارات استخدمتا عملية إنتاجها لاستخراج المزيد من النفط

منشأة إنتاج الأمونيا الزرقاء في أبوظبي، الإمارات.
منشأة إنتاج الأمونيا الزرقاء في أبوظبي، الإمارات. أدنوك
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يوم السبت 10 سبتمبر، رست سفينة في ميناء هامبورغ في ألمانيا تحمل نوعاً من الوقود غير معروف على نطاق واسع، يتم وصفه كحل نظيف محتمل لمشكلات الطاقة في أوروبا: إنه الأمونيا الزرقاء، التي تُصنع من الهيدروجين، والتي يُمكن أيضاً حرقها دون إنتاج أي انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، كما أنها تتمتع بميزة سهولة النقل.

جرى توجيه أول شحنة تجريبية في أوروبا إلى شركة "أوروبيس" (Aurubis)، وهي أكبر منتجي النحاس في القارة، بموجب اتفاق أبرم مع دولة الإمارات، بعد ثلاثة أسابيع فقط من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أثر بشدة على أسواق الطاقة العالمية. وقالت وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية، مريم المهيري، الأسبوع الماضي، إن الشحنة الثانية ستغادر في غضون أسابيع.

الإمارات تستعد لإرسال 6 شحنات إضافية من الغاز المسال إلى ألمانيا

إذا سارت كل الأمور كما هو مخطط لها، يمكن أن تقدّم الأمونيا الزرقاء حلاً للدول الأوروبية التي تتطلع إلى التخلص من الغاز القادم من روسيا، دون تقويض التزاماتها لمكافحة تغير المناخ. كما يمكن أن تُبشّر بعصر جديد لدول الخليج العربية، التي تسعى للسيطرة على السوق الناشئة ذات النمو السريع لـ"وقود المستقبل" في ظل تحوّل العالم بعيداً عن الحرق غير المُقيّد للنفط والغاز.

حتى الآن، تم شحن الأمونيا الزرقاء بكميات صغيرة فقط إلى دول مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان، وكلها تقريباً من الشرق الأوسط الغني بالنفط والغاز. لكن عندما زار المستشار الألماني أولاف شولتس المنطقة في نهاية الأسبوع الماضي لتأمين المزيد من إمدادات الغاز، ناقش أيضاً الإمدادات المستقبلية من الهيدروجين والأمونيا- كجزء من انتقال ألمانيا الأوسع نحو الطاقة الأنظف.

شولتس بحثَ استيراد "كميات كبيرة من الهيدورجين" خلال زيارته للسعودية

تكمن المشكلة في أن الأمونيا الزرقاء التي تم شحنها إلى أوروبا حتى الآن، ليست نظيفة كما تبدو، وفقاً للعديد من المطلعين الذين تحدثوا إلى "بلومبرغ غرين"، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم. تم استخدام ثاني أكسيد الكربون الذي تم التقاطه خلال إنتاجها من قبل بعض أكبر منتجي النفط في العالم، لاستخراج الوقود الأحفوري الذي يصعب الوصول إليه.

مصر تخصص أراضي "شرق النيل" لمستثمري الهيدروجين والأمونيا الخضراء

وقود نظيف

من الناحية النظرية، يمكن اعتبار كل من الهيدروجين والأمونيا وقوداً نظيفاً، لأنهما يحترقان من دون أن ينتج عن الاحتراق ثاني أكسيد الكربون. لكن الكثير يعتمد على كيفية إنتاجهما في المقام الأول. فإذا تم اشتقاق الوقود المستقبلي من المياه في عملية تعمل بالطاقة المتجددة، لن يتم توليد انبعاثات كربونية، ويمكن تصنيف المنتج الناتج على أنه "أخضر".

لكن حتى الآن، يتم إنتاج الأمونيا إلى حد كبير باستخدام الغاز الطبيعي، وهي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة تطلق ثاني أكسيد الكربون، وتزيد من ارتفاع درجة حرارة الكوكب. من هذا المنطلق، عندما يتم التقاط هذا الكربون ومنعه بشكل دائم من دخول الغلاف الجوي، فإن الأمونيا الناتجة تعتبر "زرقاء"– ليست أنظف أنواع الوقود، لكنها أنظف من حرق الوقود الأحفوري.

بالنسبة إلى الشحنات الألمانية، تلتقط شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، نحو 70% من انبعاثات الكربون المصاحبة، وفقاً لشخص مطلع على الخطة. حتى الآن يُعدّ ذلك جيداً جداً. يجري بعد ذلك نقل غازات الاحتباس الحراري التي تم التقاطها على بُعد نحو 200 كيلومتر (124 ميلاً) بواسطة الشاحنات –التي تحرق الوقود الأحفوري خلال سيرها في طريقها- إلى منشأة، حيث سيتم حقنها في آبار في أبوظبي لاستخراج المزيد من النفط، وفقاً لما ذكره الشخص. هذه العملية، المعروفة بالاستخراج المُحسّن للنفط، ليست جديدة أو غير عادية في الصناعة، لكنها أيضاً لا تُعتبر صديقة للبيئة.

شولتس: بيع الهيدروجين إلى ألمانيا فرصة كبيرة لمصر

تقليل الانبعاثات

سيؤدي البترول الإضافي الناتج عن هذه العملية، إلى المزيد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون عند احتراقه. لذا، فإنه ورغم أن استخدام الأمونيا القادمة من الإمارات سيسمح لشركة "أوروبيس" والمستخدمين النهائيين الآخرين بتقليل انبعاثاتهم عند مقارنتها بالغاز الطبيعي الذي يحرقونه عادة، حيث يظل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لمدة تصل إلى قرن ويسخّن الكوكب، فإنه ليس من الواضح ما هي المكاسب الصافية -إن وُجد أي منها– التي تحرزها هذه العملية.

تم إنتاج أول شحنة من الأمونيا الزرقاء في العالم بطريقة مماثلة، وغادرت الشحنة في عام 2020 مدينة الجبيل الصناعية على الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية. تم استخدام بعض ثاني أكسيد الكربون في صناعة الميثانول، الذي يؤدي أيضاً عند حرقه إلى إطلاق الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وتم نقل الباقي بالشاحنات إلى حقل العثمانية في البلاد لاستخراج النفط المُحسّن.

"أرامكو السعودية" تتطلع لبدء تخزين ثاني أكسيد الكربون بحلول 2026

في محاولة للتغلب على المنافسة لشحن أول دفعة على الإطلاق من الأمونيا الزرقاء، اتبعت "أرامكو السعودية" وذراعها الكيميائية -"الشركة السعودية للصناعات الأساسية" (سابك)- بعض الطرق المختصرة الأخرى. أكد المتحدثون باسم شركة "سابك" و"أرامكو" العام الماضي أنهم لم يلتقطوا ثاني أكسيد الكربون بشكل مباشر من مصنع الأمونيا. وبدلاً من ذلك، قاموا بخصم الانبعاثات الملتقطة في عملية منفصلة لصنع المواد الكيميائية "لتعويض" التلوث الناجم عن إنتاج الأمونيا. وهذا يعني أنه لم يتم منع دخول غازات دفيئة إضافية إلى الغلاف الجوي.

طريقة احتساب مبتكرة

يقول جنيومير فليس، المحلل المستقل في مجال التكنولوجيا النظيفة: "هذه طريقة حساب مبتكرة للغاية... إذ إنه في الوضع المثالي، يتم التقاط الكربون من المصدر، لأنه بمجرد أن تبدأ في احتساب الكربون الذي تم التقاطه في عملية مختلفة، فإنك تدخل عالم تعويضات الكربون، وهذه لعبة جديدة تماماً".

رفضت "أدنوك" التعليق على الأمر، ورغم أن "أرامكو" و"سابك" كانتا قد أكدتا في السابق العملية المستخدمة لإنتاج شحنة الأمونيا الأولية الخاصة بهما، إلا أنهما لم تردّا على أسئلة أخرى عند إعداد هذا التقرير. ومن جهتها، لم تستجب الوزارة الاتحادية للاقتصاد وحماية المناخ في ألمانيا، التي تفاوضت على صفقة "أدنوك"، لطلبات الحصول على تعليقها.

"أرامكو" توقع 5 مذكرات تفاهم مع شركات محلية وعالمية لتصنيع الهيدروجين الأخضر

في الوقت الذي ما زالت السوق تعتبر في مراحلها الأولى، إلا أن الباحثين في "بلومبرغ إن إي إف" يتوقعون أنه إذا لعب الهيدروجين النظيف دوراً رئيسياً في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، وحصل على دعم كافٍ، فقد تصل قيمة مبيعاته العالمية إلى 700 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2050. تشير الشحنات الألمانية الأولية إلى أنه يمكن لمنتجي الغاز في الشرق الأوسط أن يجدوا عملاء جاهزين للشراء في أوروبا، حيث تسعى الحكومات جاهدة إلى تأمين الطاقة، لأن روسيا تقطع الإمدادات، وباتت هذه الحكومات أكثر استعداداً للتغاضي عن أنواع الوقود التي تُصنّف بأنها صديقة للبيئة، حتى عندما لا تكون قابلة للصمود في وجه التدقيق.

التخلي عن قواعد التلوّث

في مارس الماضي، أُنجزت صفقة الأمونيا الزرقاء مع "أدنوك"، عندما زار نائب المستشار الألماني روبرت هابيك أبوظبي للبحث عن مصادر جديدة للطاقة، في أعقاب الغزو الروسي الغاشم. قالت ألمانيا إنها ترى الشحنات التجريبية كأساس لطريق عبور متوسط الأجل، وتريد أن تغطي الشحنات الطلب الذي تتوقع الحكومة الفيدرالية أن يصل بحلول عام 2030 إلى 110 تيراواط/ ساعة- أي ما يعادل نحو ربع الاستهلاك السنوي الحالي للكهرباء في ألمانيا.

تعيد ألمانيا بالفعل فتح محطات الفحم المغلقة، وتتخلى عن قواعد التلوث الخاصة بمحارق النفايات، لتجنب ارتفاع أسعار الكهرباء في فصل الشتاء. ولذا، فإنه ومقارنة مع ذلك، تبدو الأمونيا المستوردة من الشرق الأوسط نظيفة نسبياً.

في مقابلة مع "تلفزيون بلومبرغ" في أغسطس، أشاد أحمد الحوشي، الرئيس التنفيذي لشركة "فيرتيغلوب" (Fertiglobe) -التي تدير مصنع الأمونيا المستخدم لإنتاج أولى الشحنات المرسلة إلى ألمانيا- بفوائد استبدال الغاز الطبيعي في أوروبا بالأمونيا الزرقاء، كوسيلة لتعزيز استقلالية الطاقة في القارة.

لم تخرق السعودية والإمارات أي قواعد عندما صنعتا الأمونيا الزرقاء- فلا يزال العالم يناقش المعايير التي يجب أن تُطبّق على مصادر الوقود الجديدة هذه. لكن بمجرد وضع هذه الإرشادات وتلاشي صدمة الطاقة الروسية، ستبدأ الآفاق العالمية للأمونيا الزرقاء في أن تكون أقل وضوحاً.

التقاط الكربون

اقترحت المفوضية الأوروبية أنه لكي يتم اعتبار الهيدروجين والمنتجات ذات الصلة مثل الأمونيا على أنها منخفضة الكربون، يجب التقاط 70% على الأقل من الانبعاثات الناتجة عن تصنيع ونقل المادة، وتخزينها بشكل دائم. بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي المقترحة، سيتعيّن على مشتري الأمونيا المصنوعة، كهذه الشحنات الأولية، دفع ثمن الكربون المنبعث أثناء الإنتاج، ما يجعل المنتج النهائي أغلى بكثير.

للاستجابة لهذه المعايير المُستجدة، بدأت "أرامكو السعودية" و"سابك" بالفعل، في التقاط الكربون مباشرة خلال عملية صنع الأمونيا، واستعانتا بشركة ألمانية كمُقيّم مستقل للهيدروجين الأزرق والأمونيا اللذين أُنتجا في عام 2021.

لكن حتى مع هذه التحسينات، فإن جزءاً بسيطاً فقط من الناتج -الذي خططت لتسويقه في اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا- يمكن تصنيفه على أنه "محايد كربونياً"، لأن نحو 60% من الانبعاثات كانت موجودة في عملية إنتاج الهيدروجين. وهذا بالإضافة إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من إنتاج ونقل الغاز الطبيعي اللازم لبدء العملية.

ذكر أوليفر ثوريل، نائب الرئيس للكيميائيات في "أرامكو"، في مقابلة، إن مصفاة ساسرف التابعة لـ"أرامكو"، أنتجت نحو 50 ألف طن من الهيدروجين في العام الماضي، لكن 8075 طناً فقط صُنّفت على أنها زرقاء. كما أنتجت "أرامكو" و"سابك" الأمونيا الزرقاء المخصصة للتصدير، لكن تم تصنيف جزء بسيط فقط من الإنتاج على أنه "أزرق" للسبب ذاته.

تخزين الانبعاثات

أضاف ثوريل أن الشركة ستكون قادرة على إنتاج المزيد من الأمونيا الزرقاء، بمجرد أن تصبح قادرة على دفن ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم. تخطط المملكة العربية السعودية لاستخدام حقول النفط والغاز شبه المستنفدة لتخزين انبعاثاتها تحت الأرض، وتهدف إلى الوصول إلى 11 مليون طن سنوياً من إنتاج الأمونيا الزرقاء بحلول عام 2030.

ستكون أول منشأة تابعة لشركة "أرامكو" قادرة على عزل ما يصل إلى 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وتبدأ العمل في عام 2026، وفقاً لما ذكره ثوريل. ومن المقرر أن يبدأ مصنع الأمونيا الزرقاء في قطر الذي تبلغ تكلفته مليار دولار العمل، في الوقت ذاته تقريباً. تأمل الإمارات أيضاً في استخدام حقولها القديمة لتخزين الكربون، وتخطط "أدنوك" لإنشاء المزيد من مصانع الأمونيا الزرقاء التي ستلتقط 90% أو أكثر من الانبعاثات التي تنتجها، حسبما قال شخص مطلع على الخطة.

قطر تُطلق مشروعاً لإنتاج الأمونيا الزرقاء بمليار دولار

لوائح جديدة

في مايو الماضي، قال شخص مطلع على المحادثات، إن "أدنوك" وشركاءها يجرون أيضاً محادثات مع الحكومات والجهات التنظيمية في الدول المستوردة في آسيا، لتحديد النسبة المئوية للانبعاثات التي يجب التقاطها من مصنع منفصل يبلغ إنتاجه مليون طن سنوياً، والذي يبدأ تشغيله في عام 2025. تتناول المحادثات أيضاً ما إذا كان يجب التقاط الكربون من المصدر، أو إذا كان من الممكن استخدامه لاستخراج المزيد من النفط. ستنتج هذه المنشأة -التي تقع في المجمع الصناعي ذاته في أبوظبي- الأمونيا من الأنشطة الصناعية القائمة، بما في ذلك صناعة الصلب، لتجنب إصدار انبعاثات إضافية.

يقول ثوريل من شركة "أرامكو"، الذي يتوقع صدور لوائح إضافية في الأسواق الآسيوية: "اليابان وكوريا تتأخران حالياً عن أوروبا من حيث تحديد هذه الأنواع من اللوائح، وما هو مؤهل للحصول على دعم حكومي أو يخضع لالتزامات تنظيمية... طموحنا عندما نصمم المنشآت المستقبلية هو تلبية المتطلبات الأكثر صرامة".

تكلفة مرتفعة

أحد الأسباب التي جعلت العالم يتجه إلى الأمونيا الزرقاء والهيدروجين الأزرق، هو أن صنع نسخ خضراء منهما لا يزال حتى الآن أمراً مكلفاً للغاية. إذ تبلغ أرخص أسعار تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر حالياً 2.82 دولار للكيلوغرام، وستظل عند نحو دولار واحد بحلول عام 2030، وفقاً لتحليل "بلومبرغ إن إي إف". على النقيض من ذلك، ورد أن اليابان دفعت أقل من 60 سنتاً للكيلوغرام الواحد مقابل أول شحنة أمونيا زرقاء في العالم من المملكة العربية السعودية. لكن إذا تم تشديد المعايير، سيرتفع سعر الأمونيا الزرقاء بشكل كبير.

ولي العهد السعودي: ربط كهربائي مع أوروبا وإمدادات هيدروجين عبر اليونان

عانى احتجاز الكربون وتخزينه من العديد من البدايات الخاطئة على مدى عقود عدة- يرجع ذلك إلى حد كبير إلى التكاليف الهائلة لبناء البنية التحتية اللازمة لعزل الكربون، التي تصل أحياناً إلى أكثر من 100 دولار للطن، وفقاً لتقرير عام 2021 الصادر عن شركة الاستشارات الإدارية "كيرني" (Kearney)، ما يعني أن هذا السعر هو أكثر من ذلك الذي يتم دفعه للحصول على الائتمانات بموجب نظام تداول الانبعاثات في أوروبا.

على العكس من ذلك، من المتوقع أن يؤدي الدعم من الحكومات الأميركية والأوروبية، إلى خفض أسعار الوقود الأخضر في السنوات المقبلة. ويُتوقّع انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة، والمحللات الكهربائية واسعة النطاق اللازمة لإنتاج الهيدروجين والتكنولوجيا الأخرى ذات الصلة. حتى قبل أن تقدم الولايات المتحدة حوافز كبيرة بموجب قانون المناخ التاريخي الذي تم تمريره في أغسطس، كان الباحثون في "بلومبرغ إن إي إف" يتوقعون أن يصبح الوقود الأخضر أرخص من بدائله الزرقاء بعد عام 2030.

خيارات متاحة

قال ممثلو شركات "أوروبيس"، و"جي إي تي إي سي" (GETEC)، و"ستيغ" (Steag)، وهي ثلاث من أربع شركات ألمانية ستتلقى الأمونيا الزرقاء من شحنات "أدنوك" الاختبارية، إنهم ينظرون إليها على أنها تسدّ الفجوة، إلى أن يتوافر الوقود الأخضر تجارياً. إذ قال متحدث باسم شركة الطاقة "ستيغ"، إن الهدف طويل المدى "هو إنتاج الهيدروجين الأخضر... لكن خلال المسيرة للوصول إلى ذلك، من الصواب والمهم أن نبدأ بخيارات خفض الانبعاثات المتاحة بالفعل اليوم".

إنفوغراف.. مشروعات الهيدروجين الأخضر في الدول العربية

حتى الآن، تقول "ستيغ" إن الانبعاثات من مشروع "أدنوك" تتماشى مع الأمونيا الأخرى منخفضة الكربون، ومن بين أدنى المعدلات في العالم.

بدورها تُحوّط الدولة البائعة في الشرق الأوسط خياراتها. إذ بدأت المملكة العربية السعودية بالفعل العمل في منشأة هيدروجين خضراء كبيرة في مدينة "نيوم" التي يجري إنشاؤها على البحر الأحمر. كما تخطط الإمارات لبناء منشأة تجارية بعد تشييدها لمنشأة تجريبية في دبي العام الماضي.

مع ذلك، فحتى سوق الأمونيا الخضراء والهيدروجين، ما زالت بعيدة كل البعد عن أن تكون مضمونة.

منافسة قادمة

فعلى الرغم من أن الهيدروجين لا يُعدّ غازاً من غازات الدفيئة، إلا أنه إذا تسرب إلى الغلاف الجوي، يمكنه إطالة عمر الميثان، وهو غاز قوي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب. يمكن أن يكون لكل طن من الهيدروجين المتسرب تأثير احترار غير مباشر، يبلغ 33 طناً من ثاني أكسيد الكربون. إن ضمان تقليل التسربات من شأنه أن يزيد من تكلفة هذه الأنواع من الوقود النظيف.

عمالقة النفط يراهنون على الهيدروجين الأخضر لتشكيل مستقبل الطاقة

تقول آن صوفي كوربو، وهي باحثة في مجال الأبحاث عالمية في مركز سياسة الطاقة العالمية في "جامعة كولومبيا"، إنه على الرغم من عدم اليقين بشأن أسعار الغاز في المستقبل، ومدى سرعة انخفاض أسعار البدائل الخضراء، فإن امتلاك شريحة من سوق الأمونيا الزرقاء سيكون مغرياً للبلدان التي تمتلك احتياطيات هائلة من الغاز. وتضيف: "هناك الكثير من المنافسة المحتملة بين المصدّرين المحتملين للأمونيا الزرقاء، ولذا، من الجيد أن تكون من بين الأوائل".