الهند تسعى لانتزاع المصانع من الصين بخطة قيمتها 1.2 تريليون دولار

البوابة الإلكترونية الجديدة للهند توحّد عمل الوزارات لتسهيل الموافقات

رئيس الوزراء ناريندرا مودي وهو يلقي كلمة خلال حفل إطلاق "بي إم غاتي شاكتي" في نيودلهي، الهند.
رئيس الوزراء ناريندرا مودي وهو يلقي كلمة خلال حفل إطلاق "بي إم غاتي شاكتي" في نيودلهي، الهند. المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تُعدُّ نصف جميع مشاريع البنية التحتية في الهند متأخرة عن مواعيدها المحددة، ويتجاوز واحد من كل أربعة ميزانيته المقدرة. كما يعتقد رئيس الوزراء ناريندرا مودي أن التكنولوجيا هي الحل لهذه الاختناقات الدائمة والسيئة السمعة.

وفي إطار مشروع ضخم تبلغ تكلفته 100 تريليون روبية (1.2 تريليون دولار) يسمى "بي إم غاتي شاكتي" (PM Gati Shakti) – وهي جملة هندية تعني قوة السرعة- تعمل إدارة مودي على إنشاء منصة رقمية تضم 16 وزارة. وستوفر البوابة للمستثمرين والشركات حلاً شاملاً لتصميم المشاريع، والحصول على موافقات سلسة وتقدير أسهل للتكاليف.

ماذا ستعني إضافة الهند إلى مؤشرات السندات العالمية؟

تعليقاً على الموضوع، قال أمريت لال مينا، السكرتير الخاص للخدمات اللوجستية في وزارة التجارة والصناعة، في مقابلة في نيودلهي: "تتمثل المهمة في تنفيذ المشاريع دون تجاوز الوقت والتكاليف، والهدف هو أن تختار الشركات العالمية الهند كمركز تصنيع خاص بها".

وستمنح مشاريع المسار السريع الهند ميزة، خاصةً مع استمرار إغلاق الصين إلى حد كبير أمام العالم الخارجي، وتبني الشركات بشكل متزايد سياسة الصين زائد واحد– أي العثور على دول أخرى للتوسع فيها أو الاستيراد منها- لتنويع أعمالها وسلاسل إمداداتها. وفي الواقع، لا يوفر ثالث أكبر اقتصاد في آسيا العمالة الرخيصة فحسب، بل يوفر أيضاً مجموعة من المواهب من العمال الناطقين باللغة الإنجليزية إلى حد كبير، على الرغم من أن البنية التحتية المتهالكة تبقي العديد من المستثمرين بعيداً.

"سيتي غروب" يراهن على الهند كبديل استثماري بعد تزايد مخاطر الصين

منافسة على التكلفة

تعليقاً على الموضوع، قال أنشومان سينها، الشريك الذي يقود ممارسات النقل والبنية التحتية في شركة "كيرني إنديا" (Kearney India): "الطريقة الوحيدة للتنافس مع الصين، بصرف النظر عن حقيقة وجود متطلبات سياسية للبلدان للابتعاد عنها، هي القدرة على المنافسة من حيث التكلفة قدر الإمكان، ويهدف مشروع "غاتي شاكتي" إلى تسهيل تدفق السلع والمكونات المصنعة عبر طول البلاد وعرضها".

الهند تتجه لزيادة الفائدة 50 نقطة أساس للمرة الثالثة مع هبوط الروبية

وقال سينها إن الركائز الأساسية للمشروع هي تحديد مجموعات إنتاج جديدة غير موجودة اليوم، وربط تلك المواقع بسلاسة بشبكة السكك الحديدية والموانئ والمطارات في البلاد، مضيفاً "إذا قشّرت طبقات "غاتي شاكتي"، فستجد أنها تتكون من تحديد العُقَد وتقوية الشبكة اللوجستية التي تربط هذه العُقَد".

البيروقراطية

فضلاً عن ذلك، يُعدُّ الحدّ من الروتين من خلال التكنولوجيا أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للهند لإلغاء العوائق أمام مشاريع البنية التحتية المتعثرة. ومن بين 1,300 مشروع تشرف عليه بوابة "غاتي شاكتي" حالياً، تم تأخير 40% تقريباً بسبب مشكلات متعلقة بالاستحواذ على الأراضي، وتصاريح الغابات والبيئة، مما أدى إلى تجاوز التكاليف، وفقاً لمينا. كما واجه ما لا يقل عن 422 مشروعاً بعض المشكلات، وحلّت البوابة مشكلات في حوالي 200 منها.

على سبيل المثال، ستستخدم الحكومة من خلال "غاتي شاكتي" التكنولوجيا لضمان عدم معاودة حفر طريق شُيّد حديثاً لمدّ كابلات الهاتف أو خطوط أنابيب الغاز، وفقاً لوكالة حكومية تروّج للاستثمارات في الهند. كما تتوخى الخطة وضع نماذج لمشاريع البنية التحتية على غرار ما فعلته أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية أو الخطوات التي اتخذتها الصين بين عامي 1980 و2010 لرفع "المؤشر التنافسي" للبلاد، وفقاً لوكالة "إنفست إنديا" (Invest India) الحكومية.

حملة الهند لتسوية المعاملات التجارية بالروبية تجذب اهتمام روسيا والإمارات وإيران

وقال مودي في خطاب ألقاه العام الماضي بمناسبة افتتاح البرنامج: "الهند ملتزمة اليوم بالاستثمار أكثر فأكثر لتطوير البنية التحتية الحديثة، وهي تتخذ كل خطوة ممكنة لضمان ألا تواجه المشاريع العوائق والتأخير. كما أنّ البنية التحتية عالية الجودة هي المفتاح لبدء العديد من الأنشطة الاقتصادية، وخلق فرص عمل على نطاق واسع. فبدون بنية تحتية حديثة، لا يمكن أن تحدث التنمية الشاملة في الهند".

في الواقع، ترسم البيانات الموجودة على موقع وزارة الإحصاء وتنفيذ البرامج الإلكتروني صورة للمشروعات المتأخرة التي تجاوزت ميزانياتها، والتي تُضِر بالانتعاش الاقتصادي للدولة في عالم ما بعد الجائحة. وفي مايو، كان لدى الهند ما مجموعه 1,568 مشروعاً، تأخر 721 منها، بينما تجاوز 423 التكلفة الأصلية للتنفيذ.

مجموعة "أداني" تستثمر 3.1 مليار دولار لتطوير ميناء شرق الهند

الإنفاق على البنية التحتية

يُشار إلى أنّه منذ وصوله إلى السلطة في عام 2014، زاد مودي الإنفاق على البنية التحتية لخلق وظائف جديدة ودعم الاقتصاد الذي تضرر من موجة عدوانية من عدوى كوفيد -19، وقد حقق بعض النجاح المبكر.

يُشار إلى أنّ شركة "أبل" (Apple) تخطط الآن لبدء تصنيع هاتفها "أيفون 14" في الهند بعد حوالي شهرين من الإصدار الأولي للمنتج خارج الصين، بينما افتتحت شركة "سامسونغ الكترونيكس" أكبر مصنع للهواتف المحمولة في العالم بالبلاد في عام 2018. من جانبها، تعهدت شركة "أولا الكتريك موبيليتي" (Ola Electric Mobility) الهندية ببناء أكبر مصنع للدراجات البخارية الكهربائية في العالم محلياً.

"أبل" تبدأ تصنيع "أيفون 14" في الهند قبل أسابيع من الموعد المحدّد

كذلك قال مينا إن الحكومة تستخدم أيضاً بوابة "غاتي شاكتي" لرصد فجوات البنية التحتية في اتصال الميل الأخير والأول (سلاسل التوريد).

وأوضح أنها تعطي الأولوية لـ196 مشروعاً لسد الفجوات وزيادة اتصال الموانئ لحركة الفحم والصلب والمواد الغذائية. كما تستخدم وزارة النقل البري البوابة لتصميم 11 مشروعاً جديداً في إطار خطة بهاراتمالا الحكومية البالغة 106 مليارات دولار لبناء 83,677 كيلومتراً (52,005 ميل) من الطرق بحلول عام 2022.

أضاف مينا: "هناك المزيد من التركيز على التخزين الحديث، ورقمنة العمليات، والقوى العاملة الماهرة، وخفض التكلفة اللوجستية. وبالنسبة لأي مصنع، سيكون اختيار الهند كوجهة تصنيع أمراً مطلوباً بعد القرار".