خطة ألمانيا لاقتراض 200 مليار يورو تثير قلق أوروبا

دول الاتحاد الأوروبي تخشى إعادة فتح فجوات اقتصادية سُدّت إبان فترة تفشي "كوفيد"

برونو لو مير وزير المالية الفرنسي (يسار الصورة)، وكريستيان ليندنر وزير المالية الألماني (يمين الصورة)، خلال اجتماع الوزراء الأوروبيين بمركز المؤتمرات الأوروبي في لوكسمبورغ، أمس الاثنين
برونو لو مير وزير المالية الفرنسي (يسار الصورة)، وكريستيان ليندنر وزير المالية الألماني (يمين الصورة)، خلال اجتماع الوزراء الأوروبيين بمركز المؤتمرات الأوروبي في لوكسمبورغ، أمس الاثنين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أثارت خطط ألمانيا لبرنامج الاقتراض العملاق لحماية الشركات والأُسَر من ارتفاع أسعار الطاقة قلق الدول الأوروبية الأخرى من إعادة فتح فجوات اقتصادية كان الاتحاد الأوروبي قد تمكّن من سدّها خلال أزمة تفشي "كوفيد-19".

قال المستشار الألماني أولاف شولتس، عند إطلاق الخطة البالغة تكلفتها 200 مليار يورو (196 مليار دولار) الأسبوع الماضي، إنّ الإجراءات بما في ذلك الحدّ من أسعار الغاز ستضع "مظلة واقية كبيرة" على أكبر اقتصاد في أوروبا، لكنها لن تحمي الدول الأخرى التي ستجد تحدياً في اتباع المسار نفسه، لأنها تواجه تكاليف اقتراض أعلى وعجزاً أكبر في الميزانية بعد الوباء.

ناقش وزراء المالية المجتمعون في لوكسمبورغ أمس الاثنين سبل التصرف بطريقة منسّقة وكيفية تنفيذ الإجراءات دون تفاقم التضخم.

اقرأ أيضاً: ألمانيا تخطط لاقتراض 200 مليار يورو لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز

حاجة إلى التنسيق

قال باسكال دونوهوي، الذي يرأس اجتماع وزراء المالية: "نحن ندرك أن هناك حاجة أعمق لتنسيق الإجراءات الوطنية وللاستجابة المشتركة للعواقب المتزايدة الناجمة عن الحرب".

من جانبه حذّر باولو جينتيلوني، المفوض الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، من توجيه الاتهامات المضادة. وقال عقب الاجتماع مساء الاثنين: "ليس هذا الوقت المناسب لإلقاء اللوم على هذا الجهد أو ذاك من جانب الدول الأعضاء المنفردة، فقد حانت اللحظة لمحاولة زيادة مستوى تضامننا المشترك".

استراتيجية مشتركة

جاءت تصريحات جينتيلوني بعد تحذير سابق من وزير المالية الفرنسي برونو لو مير بأن الدول بحاجة إلى تحديد استراتيجية اقتصادية مشتركة.

وأضاف: "إذا لم تكن هناك مشاورات، ولا تضامن، ولا دعم محدد الهدف، ولا احترام لشروط المنافسة العادلة، فإننا نخاطر بتشرذم منطقة اليورو".

كما شاركته نظيرته الفنلندية أنيكا ساريكو في تلك التحفظات، إذ قالت إنه يجب أن يكون هناك وعي أكبر بتأثير قرارات دولة ما على الآخرين.

قد يؤدي تزايد التباين داخل أوروبا إلى عرقلة الاقتصاد الذي يتعرض بالفعل لخطر الانزلاق إلى الركود خلال فصل الشتاء. وقد يتناقض الفشل في تنسيق الجهود المشتركة أيضاً مع استجابة الاتحاد الأوروبي لـ"كوفيد-19"، عندما أصدرت الحكومات ديوناً لصندوق التعافي الضخم لدعم الدول الأكثر احتياجاً.

من جانبه، غرّد تييري بريتون، مفوض السوق الداخلية بالمفوضية الأوروبية، قائلاً:

"يُرجى الانتباه إلى قواعد اللعب العادل، وأدعو الدول الأعضاء إلى البحث عن كل السبل المتاحة لديهم لدعم صناعاتهم وأعمالهم، لكنني أعتقد أن هذا يجب القيام به بشفافية شديدة وتشاور وتنسيق مع الاتحاد الأوروبي".

وأضاف: "في الوقت الذي يمكن لألمانيا تحمل اقتراض 200 مليار يورو من الأسواق المالية، فإن بعض الدول الأخرى بالاتحاد الأوروبي لا يمكنها ذلك".

اقرأ أيضاً: ألمانيا والمملكة المتحدة تكشفان عن خطط إنقاذ لاحتواء تداعيات أزمة الطاقة

محركات التضخم

هناك أيضاً مخاوف بشأن كيفية إنفاق الدول للأموال في أزمة الطاقة، إذ حذّر البنك المركزي الأوروبي من أن الإجراء المالي يجب أن يكون محدّد الهدف ومؤقتاً لتجنب تأجيج التضخم الذي يكافح من أجل احتوائه.

وقال فالديس دومبروفسكيس نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي للصحفيين قبل الاجتماع إنّ الوزراء سيناقشون "مزيج السياسة الاقتصادية" للاتحاد.

وأضاف: "من الواضح أننا ليس بوسعنا الاستمرار في الدعم المالي الشامل فقط، لذلك نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر استهدافاً، وأكثر حذراً بشأن هذا الأمر، وعلينا أيضاً التأكد من أن الإجراءات المالية التي نتخذها لا تتعارض مع هدف البنك المركزي الأوروبي بالعودة بالتضخم إلى 2%".

من جهته، قال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر إنّ حزمة بلاده تتناسب مع حجم اقتصادها، وإن الحكومة ستستخدم أقل من 200 مليار يورو قدر الإمكان.

وصرح ليندنر للصحفيين قائلاً: "ألمانيا لا تطرح خطة اقتصادية، ولا تحفز الطلب، ونحن لا نقدم مساعدات اقتصادية، وما نقوم به هو أننا نمتص صدمات ارتفاعات مدمرة في الأسعار. ونظهر لبوتين بوضوح أننا نستخدم قوتنا الاقتصادية لحماية أنفسنا".

استقبل شولتس نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على عشاء عمل مساء أمس الاثنين في برلين. وقال مسؤول في مكتب ماكرون إنّ الزعيمين من المقرر أن يبحثا إجراءات التضامن بين الدول الأعضاء وإصلاح الحوكمة الاقتصادية في أوروبا لدعم النمو والاستثمار بشكل أفضل.