صعود الأسهم الأميركية يباغت مستثمري البيع على المكشوف

الرهانات الهبوطية تتعرض لضربة بسبب تداعيات الزيادات الحادة في أسعار الفائدة

بورصة "نيويورك" في نيويورك، الولايات المتحدة الأميركية
بورصة "نيويورك" في نيويورك، الولايات المتحدة الأميركية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يضطر البائعون على المكشوف واحداً تلو الآخر إلى الانسحاب مع زيادة توقعات السوق حول اتباع الاحتياطي الفيدرالي وتيرة أبطأ من تشديد السياسة النقدية.

تتعرض الرهانات الهبوطية -سواء في الأسهم أو السندات- لضربة، إذ تبدأ البيانات الأميركية في التأثر بالتداعيات الناجمة عن الزيادات الحادة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. كما أن الاتجاه المتراخي الذي أظهره بنك الاحتياطي الأسترالي، الثلاثاء، يثير أيضاً تكهنات بأن واضعي السياسات النقدية قد يكونون على وشك تخفيف موقفهم المتشدد.

الأسهم الأميركية تواصل التعافي وتحقق أفضل أداء ليومين منذ 2020

اضطر البائعون على المكشوف إلى التراجع خلال أفضل ارتفاع للأسهم على مدى يومين في الولايات المتحدة منذ أبريل 2020، بعدما عززوا الرهانات الهبوطية على مدى واحدة من أطول الفترات منذ سنوات. رغم أن الانتعاش الأخير في الرغبة بالمخاطرة أثبت خطأ المشككين، فإن بعض المحللين، بما في ذلك الموجودون في مصرفي "غولدمان ساكس" و"بنك أوف أميركا"، يقولون إن التراجع لم يصل إلى ذروته بعد.

إشارات التخفيف

قالت لورين غودوين، الخبيرة الاقتصادية والمحللة الاستراتيجية للمحافظ الاستثمارية في شركة "نيويورك لايف إنفستمنتس" (New York Life Investments): "يبحث المستثمرون عن أي إشارة يمكنهم العثور عليها تدلهم على أن البنوك المركزية ستخفف دوراتها لتشديد السياسة النقدية".

يأتي هذا بعدما قفز مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بأكثر من 2.5% للجلسة الثانية على التوالي. في وسط هذا الارتفاع قفزت الأسهم الأكثر مبيعاً على المكشوف حسب البيانات التي يتبعها "غولدمان ساكس"، بنسبة 6% تقريباً كمجموعة، الثلاثاء، مما تسبب في خسائر لمن راهنوا على هبوطها.

اقرأ أيضاً: مستثمرو "وول ستريت" يتهيأون لـ"سقوط حرّ" لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500"

يؤدي هذا الارتفاع إلى ضرر بالغ للمضاربين المحترفين، ممن عززوا صفقات البيع على المكشوف الشهر الماضي، حينما تراجع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" إلى مستويات منخفضة جديدة في السوق الهابطة.

مستويات متدنية

على مدى 11 جلسة متتالية حتى الخميس الماضي، عززت صناديق التحوط التي يتبعها بنك "مورغان ستانلي" مراكزها البيعية في الصناديق المتداولة في البورصة، مما أدى إلى انخفاض إجمالي تعرضها للأسهم إلى أدنى مستوى في 13 عاماً.

يمثل تعافي الأسهم -بعدما عانى مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" من أسوأ شهر سبتمبر له منذ عقدين- أيضاً سبباً لمعاناة الصناديق القائمة على القواعد، التي عززت رهانات الأسهم الهبوطية مع ارتفاع التقلبات وفقدان السوق للزخم. على سبل المثال، اقتربت مراكز أسهم من يتبعون الاتجاهات الرائجة -مثل شركات استشارات تداول السلع الرئيسية- خلال الأسبوع الماضي من أدنى مستوى لها، الذي شوهد آخر مرة في ذروة الأزمة المالية العالمية 2008-2009، كما تُظهِر بيانات "جيه بي مورغان تشيس أند كو".

قال أندرو برينر، رئيس الدخل الثابت الدولي في شركة "نات أليانس سكيورتيز" (NatAlliance Securities): "لا تزال عمليات البيع على المكشوف عند مستوى حاد، من شركات تداول السع الرئيسية إلى صناديق التحوط".

اقرأ أيضاً: نيران التضخم تحرق المستثمرين.. والملاجئ الآمنة تختفي بسرعة

رغم مساعدة المبيعات على المكشوف للمشككين في الارتفاع مثل صناديق التحوط في تحقيق أداء أفضل خلال فترة السوق الهابطة لعام 2022، فإنها أصبحت في بعض الأحيان تمثل مصدراً للتوتر عندما يؤدي ارتفاع الأسهم المفاجئ إلى إلقاء ضغوط على عاتقهم.

أداء السندات

لا يقتصر الأمر على مستثمري الأسهم فقط.

زادت صناديق التحوط من صافي مراكزهم البيعية المرتفعة بالفعل في سندات الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تراجع تسبب بدوره في ارتفاع عائدات السندات لأجل 10 سنوات إلى 4% لأول مرة منذ أكثر من عقد.

دعم هذا التحول انخفاض أسعار السندات لفترة وجيزة، مع تعرض السندات الحكومية الأميركية بالفعل لضغوط وسط تضاؤل ​​السيولة، والمخاوف من زيادات كبيرة في أسعار الفائدة من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى منذ 2008 الأسبوع الماضي، قبل أن يتراجع مجدداً بعدما استأنف بنك إنجلترا شراء السندات طويلة الأجل.

اقرأ المزيد: مرجحو الهبوط: مؤشر "ستاندرد أند بورز" لن يصل إلى القاع قبل خسارة 700 نقطة أخرى

بعدها واصلت العائدات تراجعها بصورة أكبر يوم الاثنين الماضي عقب ظهور قراءة أضعف من المتوقع لمقياس نشاط المصانع في الولايات المتحدة، وانخفضت ليوم ثالث لتصل بذلك إلى 3.62%، الأربعاء، في تداولات آسيا.

عوائد سندات الخزينة

المستثمرون الأفراد

يؤثر تعافي الأسهم أيضاً بالسلب في المستثمرين الأفراد ممن تخلصوا الشهر الماضي –بناءً على تقديرات "جي بي مورغان"- من أكبر نسبة مسجلة للأسهم الفردية، حسب البيانات التي يعود تاريخها إلى 2015.

على عكس هذا السياق، تتمسك البنوك من "إتش إس بي سي هولدينغز" حتى "كريدي سويس" بالرأي القائل إنّ مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" ربما لم يصل إلى أدنى مستوياته بعد، إذ إنّ أسعار الأسهم الأميركية لم تعكس بالكامل حتى الآن مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة على الأرباح والتقييمات.

يرى ماكس كيتنر، كبير استراتيجيي الأصول المتعددة في "إتش إس بي سي"، أن مخاطر التقييمات للمؤشر المعياري "ستستمر من الآن ولفترة طويلة في 2023، وسيأتي معظم التأثيرات السلبية في الأشهر المقبلة من تباطؤ الربحية"، مما يهدد بتراجع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" إلى مستوى منخفض يناهز 3200 في الربع الرابع من العام الجاري.