الأثرياء لا يعبؤون بالركود.. ازدهار قياسي في مبيعات اليخوت الفاخرة

سلعة المليارديرات المفضلة تعيش في عالم منفصل عن أزمات الاقتصاد العالمي

معرض موناكو لليخوت في دورته الـ31
معرض موناكو لليخوت في دورته الـ31 المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ربما اختفى مليارديرات روسيا، وربما تثير جهود كبح التضخم الجامح المخاوف من وقوع ركود عالمي، لكنك لن تدرك ذلك من خلال قطاع اليخوت الفاخرة المزدهر.

شهد "معرض موناكو لليخوت" الذي اختُتم في نهاية الأسبوع الماضي حضور ما يقرب من 117 قارباً معروضاً، مع مجموعة من الأسماء الرياضية للعام الجاري على غرار "شابي" و"ميس كاندي" و "110 دولسيفيتا ". ظهر المعرض وكأنه عالم منفصل عن الحرب في أوكرانيا وأزمة شُح الطاقة التي تشل أوروبا.

تحدث المسؤولون التنفيذيون في القطاع عن الطلب الشره الذي تصاعد خلال فترة وباء فيروس كورونا، إذ قرر الأثرياء أن قارباً خاصاً بهم يعد وسيلة مثالية للهروب من عمليات الإغلاق والتعرض للعدوى. حتى مع انحسار المخاوف المتعلقة بالوباء، بقي الطلب على قوته. عقب 9 شهور فقط مرت من 2022، زادت إيرادات شركة "بورغيس" (Burgess)، أحد شركات الوساطة الرائدة في مجال اليخوت الفاخرة، 20% بالمقارنة مع السنة الماضية، مما يضعها على مسارها لبلوغ مستويات قياسية لسنة أخرى.

طلب مزدهر

قال جوناثان بيكيت، الرئيس التنفيذي لـ"بورغيس"، في مقابلة على هامش المعرض: "يتمتع جميع عملائنا بالثراء الشديد، يشعرون دائماً أنهم ضد الأزمات وغير قابلين للاختراق وأقوياء، وأعتقد أن الأمر الوحيد الذي نتج عن الوباء هو جعلهم يشعرون بالهشاشة للمرة الأولى بحياتهم. إنهم يؤمنون بأن الحياة سريعة الزوال فعلاً، وطالما أنا لست مخلداً فيها وأستطيع الارتحال وفعل أمر ممتع حقاً، فلماذا لا أقوم بذلك حالاً؟"

الثراء الفاحش يرفع مبيعات اليخوت الفاخرة 77% العام الماضي

جعل الطلب الهائل من 2021 سنة قياسية للمبيعات العالمية لليخوت الفاخرة. رغم أنه ليس من المرجح أن يكون هذا متطابقاً مع السنة الجارية، إلا أن المبيعات ما زالت أعلى 68% مقارنة بمتوسط ​​13 سنة، بحسب شركة الوساطة "فريزر ياتس" (Fraser Yachts). في السنة الماضية، بيع 1001 يختاً فاخراً بطول 24 متراً (يعادل 79 قدماً) أو يزيد، بما فيها ذلك المصنع حديثاً، مقابل 9.4 مليار يورو (9.2 مليار دولار)، بحسب ما ذكره كيفين بودينغتون، المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع "يات باير.كوم". أوضح أن المبيعات حتى هذا الوقت من السنة الحالية وصلت إلى 567 يختاً مقابل 4.2 مليار يورو.

تابع: "تمر السوق بحالة من الهبوط ليس نتيجة نقص الطلب بل يعود ذلك للنقص في المعروض، حيث إن دفتر طلبات أحواض التصنيع ممتلئ بطريقة كبيرة، ولكنك لا تستطيع الانتهاء منها بين عشية وضحاها".

صدارة أميركية

يقود الأميركيون الطلب، بما يفوق ما يعوض غياب الأثرياء الروس. اعتباراً من 31 أغسطس الماضي، استحوذ مُلاك الولايات المتحدة على الحصة الأكبر من كل من الأسطول الموجود حالياً والمُصنّع حديثاً، بحسب موقع "سوبريات تايمز" الإلكتروني. يمثل الملاك الأميركيون نسبة 23% من حجم الأسطول على مستوى العالم للقوارب العملاقة التي يزيد طولها عن 40 متراً، يليهم في الترتيب الروس بنحو 9%. ويأتي المشترون الكبار الآخرون من اليونان والمملكة المتحدة وتركيا وإيطاليا.

منذ عدة سنوات، كانت الأقلية الحاكمة الروسية من بين أكثر المشترين البارزين للسفن، ما سلط الضوء على هذا القطاع المتفرد من الناحية التقليدية، لكن عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، جمدت السلطات أو صادرت يخوتاً عملاقة تصل قيمتها لمئات الملايين من الدولارات مرتبطة بأثرياء روس استهدفتهم العقوبات في توسكانا والريفيرا وعلى امتداد الطريق إلى فيجي.

المخاوف تخيم على صناعة اليخوت مع تزايد العقوبات على الأثرياء الروس

يبدو أن غياب الروس والتوترات الجيوسياسية وزيادة أسعار الطاقة - رغم أنها جزء من نقاش المعرض - لا تؤثر بدرجة تذكر لعرقلة المبيعات المتنامية وحجوزات الرحلات المستأجرة.

قال "بيكيت"، وهو يحتسي البيرة بجوار يخت "فينكس 2"، الذي يصل طوله إلى 90 متراً المصنوع في 2010، وكان معروضاً للبيع مقابل 129 مليون يورو، إن شركته باعت 10 يخوت عملاقة تقريباً يفوق طولها عن 70 متراً خلال السنة الجارية. أضاف: "الأمر يشبه ركوب موجة وواصلت الموجة المسير".

المبتدئون والإيجارات

تقول "فريزر ياتس" إن ما يطلق عليه عروض "المبتدئين" - اليخوت التي يتراوح قياسها بين 24 و30 متراً – تشكل ما يقرب من نصف إجمالي مبيعات القوارب المملوكة في السابق. كان متوسط ​​طول هذه اليخوت الفاخرة المباعة 34 متراً، وبلغ متوسط ​​آخر سعر مطلوب 7.2 مليون يورو.

تمثل الإيجارات أيضاً جزءاً كبيراً من القطاع. رغم توفير جزء كبير من إجمالي الأسطول العالمي من اليخوت العملاقة التي يفوق طولها 24 متراً للإيجار، إلا أن هذا لم يكف لتلبية الطلب خلال يوليو وأغسطس الماضيين من العام الجاري، إذ عاد المصطافون بعد الوباء بصورة ملحوظة.

سباق اليخوت الضخمة عبر المحيطات يُظهر يأس الأوليغارشية

قال مارك دنكان من "فريزر ياتس"، في تصريح للصحافة الأسبوع الماضي من بار المسبح في "نادي اليخوت" الحصري في موناكو: "تتمثل المشكلة الحقيقية في توفير قوارب لهؤلاء الأفراد، وبصراحة لا نتوقع تراجع قيد أنملة لأنه بمثابة إدمان وهم يتحدثون عنها مع أصدقائهم".

بحسب "فريزر ياتس"، يأتي 30% من العملاء إلى اليخوت للمرة الأولى، وسيرغب العديد من هؤلاء الوافدين الجدد في نهاية المطاف امتلاك قاربهم الخاص.

أعمال التصنيع

تقول شركات أحواض تصنيع اليخوت الفاخرة الحديثة، وغالبتها في هولندا وألمانيا، إنها أشد انشغالًا من ذي قبل. حتى تلك المعروفة بتصنيع السفن للعملاء الروس كانت تعمل بكامل طاقتها في موناكو.

صنعت شركة "لورسن" (Luerssen) الألمانية يخوتاً فخمة عديدة مرتبطة بالروس الذين جُمدت أصولهم حالياً من قبل السلطات الغربية، بما فيها يخت "ديلبار" الذي يصل طوله إلى 156 متراً، وهو الأكبر في العالم من حيث الحجم، المملوك لصندوق مرتبط بالملياردير الروسي أليشر عثمانوف. لكن طاولة "لورسن" كانت مزدحمة بالأشخاص، حيث كان عازف الساكسفون يعزف في مكان قريب على أحد سفن الخدمات التابعة لها - وهي قطعة بحرية لدعم اليخت الفاخر.

يقول جان بارت فيركويل، الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع اليخوت الفاخرة الهولندية "فيدشيب" (Feadship)، وهي حالياً في منتصف عملية تصنيع أكبر قارب لها على الإطلاق - سفينة يبلغ طولها 118 متراً تسمى "بروجيكت 1010"- إن القطاع لم يعد قادراً على إبرام صفقات مع أي روسي، إلا أن السوق صاعدة بشدة حتى أنها لا تشعر بقلق.

تابع: "إذا نظرت إلى قائمة فوربس للأثرياء، فقد نمت فحسب حتى لو استبعدت الروس منها، ومن حيث المبدأ، إذا أدينا عملنا بطريقة جيدة، فمن المفترض أن يتواجد عملاء بأعداد كافية".